عرض مشاركة مفردة
  #24  
قديم 13-09-2003, 03:05 AM
ابن الوردي ابن الوردي غير متصل
السلف والخلف مؤمنون
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: أرض مباركة
المشاركات: 647
إفتراضي

كنت قد نويت ان لا اتدخل زيادة في الموضوع ولكني وجدت اهتماما لدي في توضيح مهم لا سيما بعد مداخلة [المراقب – العضو] يتيم الشعر.
أوضحنا سابقا أن مجرد النداء لا يكون عبادة لغير الله عزوجل، وأيدنا كلامنا بالتوثيق الكافي، وبعد أن فتح علينا الأخ [يتيم الشعر] بابا جديدا بصفته [عضوا] له حرية الرد كغيره، فنحن نجد أنفسنا مضطرين لمزيد توضيح في هذه المسئلة لكي لا يقوم الأعضاء بتكفير أحد من أهل القبلة بلا سبب يستدعي، ولا نتهمه بأنه فعل بل لقد جاء في مداخلته شيء من الصحة لما أشار أن بعض العلماء قالوا عن هذا الفعل [مكروه] وهؤلاء العلماء فعلا قالوا عن صيغة وغيرها إنها مكروهة لما فيها من إيهام. وقولهم [إنها مكروهة] دليل أنهم لم يجدوا فيها إشراكا بالله وهم علماء كما تقدم يتيم الشعر وقال، أما قولنا فيما تبقى من مداخلته فاليكم التفصيل:

لا الآية التي وضعها يتيم الشعر ولا الحديث الذي استخدمه يدلان على أن من قال: [يا سيدي فلان] قد عبد غير الله وقد أشرك بالله العظيم واستحق العذاب الأبدي في نار جهنم التي أعدها الله للكافرين فقال: [إِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ]. فمن قال: [يا سيدي فلان] وكان يعتقد أن هذا [الرجل الصالح] له كرامة عند الله لذلك فهو قد يستفيد من الاستعانة بهذا الولي، فهذا الفعل ليس إشراكا بالله وليس عبادة لذلك الولي، لأن العبادة لها معنى خاص بها، لذلك علينا أن لا نتسرع بإطلاق حكم [المشرك بالله] على من يقول هذه الكلمة، بل نقول إن استعان المسلم فليستعن بالله عزوجل فهذا كمال الاستعانة وتمامها وأعلى مقاماتها، هكذا نقول نحن أهل السنة وإليكم الشرح والتفصيل:

فما معنى الآية وما معنى الحديث:

قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}.
فمعناها: لا تشركوا بعبادة الله، لا تعبدوا غير الله، وليس معناها أن من استعان بغير الله صار مشركا بالمطلق. ولننظر إلى ما قاله مفسروا أهل السنة في هذه الآية قبل أن نحكم بأنفسنا:

من تفسير القرطبي:
وقال سعيد بن المسيب وطلق بن حبيب: أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والوجه؛ يقول: هذه الأعضاء أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغيره بها، فتجحد نعمة الله.
* فها هو القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن يشرح ويقول إن معنى الآية أن لا تعبدوا إلا الله، ولم يقل إن مجرد الاستعانة بالرجل الصالح أو بغيره مطلقا يكون شركا.

من تفسير الطبري:
القول في تأويل قوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن} {وأن المساجد لله فلا تدعو} أيها الناس {مع الله أحدا} ولا تشركوا به فيها شيئا، ولكن أفردوا له التوحيد، وأخلصوا له العبادة.
* وها هو الطبري كذلك لم يقل إن مجرد الاستعانة بغير الله مطلقا شرك بالله.

الحديث:
أما الحديث الذي أورده الأخ يتيم الشعر ونصه: [إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله] فمعناه إن تمام الاستعانة يكون بالله، ولا يعني الكلام تحريم كل أنواع الاستعانة بغير الله، فالمرء منا إذا غرق في البحر فاستعان بآلة للنجاة أو استعان برجل آخر لا يكون أشرك بالله، ولكن الحديث معناه إن أعلى مقامات الاستعانة يكون أن يستعين المؤمن بالله عزوجل.

ولهذا تقريب يوضح المعنى.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي]، ومعناه إن تمام الأمر أن لا تطعم الطعام إلا للأتقياء، ولا يعني أنه يحرم عليك أن تطعم غير الأتقياء، بل ورد في القرآن الكريم ثناء على من أطعم الطعام للأسير، ومعروف أن الأسير عند المسلمين يكون من الكفار، قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}.

وهذا مثل ذاك.

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه أمرنا أن نستعين بالملائكة وأن نستغيث بهم، فلو كانت الاستعانة عبادة لغير الله لما أمرنا النبي بالاستعانة بالملائكة.

وهاكم التوثيق:

مجمع للحافظ الهيثمي
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله".
رواه البزار ورجاله ثقات.

فهذا الحديث كما ترون فيه أمر بالاستعانة بالملائكة، والملائكة لا يخلقون النفع ولا الضرر كذلك والخلاصة أن مجرد الاستعانة بغير الله لا يعتبرا إشراكا بالله العظيم، بل إن الإشراك يكون فيمن عبد غير الله، ومجرد النداء ليس عبادة لغير الله، كذلك فمجرد النداء مع الاستعانة ليس عبادة لغير الله:
{فليناد: [من النداء]: أعينوا [الاستعانة] [يا المقدّرة للنداء] عباد الله[منادَى]}
فهذا أمر من النبي بالنداء وطلب الاستعانة من غير الله هذا دليل أن مجرد النداء والاستعانة ليس عبادة لغير الله.

الخلاصة يا إخواننا أنه يجب علينا أن لا نتسرع بإطلاق أحكام الكفر وإطلاق صفة مشرك على من يستعين برجل صالح ولكن ننبهه فنقول له إن كمال الاستعانة يكون بالله عزوجل فقد [كره] بعض العلماء بعض الصيغ في الاستعانة بغير الله لما فيها من إيهام.
ولكن من قال: [يا سيدي عبدالقادر]، مثلا، فهذا لم يعبده من دون الله، وهذا ليس إشراكا بالله العظيم، لأنه إنما استعان بهذا الرجل لكرامته عند الله، وإلا فلماذا قال بعض العلماء عن صيغة معينة انها مكروهة فقط أي لا تصل إلى درجة التحريم حتى، فكيف يوصلها البعض إلى الشرك بالله العظيم واستحقاق العذاب الأبدي في نار جهنم على قائلها!؟

أما لو علمنا أحدا ما يعتقد أن هذا الولي يخلق ضرا أو نفعا فهذا كافر لا شك، ولو زعم جاهل أن الولي الفلاني يعلم الغيب كله فهذا كفر لأنه تكذيب للشريعة، فالله وحده عالم الغيب والشهادة، حتى نبينا لم يعرف من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، لذا يا إخواننا لا تتسرعوا تمهلوا لتسلموا فالجهل في الحالتين حالة اللإفراط وحالة التفريط منبوذ محتقر مهلك لصاحبه نعوذ بالله من الجهل.

بهذا الحوار الهادئ نستطيع ان نوصل الفائدة الى القراء، بالابتعاد عن التعصب للرأي واللجوء إلى أقوال علمائنا المعتبرين الموثوقين ودعونا من الخوض في تكفير المسلمين بغير سبب شرعي ووصفهم بالإشراك لمجرد أنهم استعانوا بغير الله وبارك الله فيكم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
__________________
[size=3][align=JUSTIFY]قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء}، الشرح: إن الله لا يشبهه شيء من خلقه، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وقد جاء في العقيدة الطحاوية المعتمدة عند عموم أهل السنة والجماعة: [من وصف الله بمعنى من معاني البشر –أي بصفة من صفات البشر- فقد كفر، من أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار انزجر].
كان بطل ملوك الاسلام ومحرر الأقصى [السلطان صلاح الدين الأيوبي] أشعريا. كذلك [[color=red]السلطان محمد العثماني[/CO