عرض مشاركة مفردة
  #39  
قديم 03-11-2001, 11:19 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

وأما أن المعنى الغربي للحريات العامة ليس من الاسلام ، وانه يتناقض مع الاسلام فأبينه بشكل مفصل على النحو الآتي :

الحريات الغربية هي : " الحرية الشخصية، وحرية الرأي ، وحرية العقيدة، وحرية التملك، فلكل إنسان أن يفعل ما يشاء، ولذلك لا توجد عقوبة على الزنا بل لا يجوز أن توضع عقوبة على الزنا لأن وضعها يعتبر تدخلا في الحرية الشخصية، ولكل إنسان أن يملك بأي وسيلة أي شيء يريد، فيملك بالقمار والغش والاحتكار. ولكل إنسان أن يعتنق العقيدة التي يريدها ، وأن يقول الرأي الذي يراه. . وهذا خلاف الاسلام. فإن الاسلام لا توجد فيه حرية بمعنى عدم التقيد بشيء عند القيام بالأعمال، بل الاسلام يقيد المسلم بالأحكام الشرعية، فكل عمل من أعمال المسلم يجب أن يتقيد به بالأحكام الشرعية ، ولا يحل لمسلم أن يقوم بعمل إلا بحسب الأحكام الشرعية . وما يسمى بالحريات العامة لا وجود له في الاسلام، فلا توجد حرية شخصية، فالزانية والزاني يجلد كل منهما أو يرجم. ولا توجد حرية الملك، فالمال الذي يكسب بالقمار أو بالعقود الباطلة لا يملك. والمال الذي يحرم الشرع أخذه كالربا لا يملك. ولا يجوز للمرء أن يملك بالتدليس والاحتكار. وكذلك لا توجد حرية عقيدة، فالمسلم إذا ارتد يقتل إن لم يتب. وأما ما يسمى بحرية الرأي فإن الاسلام أباح للمسلم أن يقول الرأي الذي يراه ما لم يكن إثما، وأوجب قول الحق في كل مكان وكل زمان، ففي حديث عبادة بن الصامت في بيعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم : ( وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) . وأوجب مجابهة الحكام بالرأي ومحاسبتهم على أعمالهم، قال صلى الله عليه وسلم : ( سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنصحه فقتله ) . وهذا ليس حرية رأي بل هو تقيد بأحكام الشرع وهو إباحة قول الرأي في حالات ووجوبه في حالات ".

وهنا لا بد من توضيح مسألتين اختلط على البعض أنهما حريات في الاسلام ، الأولى هي المباح أي الأمر الذي خير فيه المسلم بين الفعل والترك، فظن البعض أن التخيير بين الفعل وعدم الفعل حرية ، فقالوا بأن في الاسلام حريات ، وهذا خطأ ، لأن المباح هو حكم شرعي أيضا وليس هو حرية ولا هو من قبيل الحريات، والحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، فالمباح يفهم من خطاب الشارع كالواجب والمندوب والمكروه والحرام سواء بسواء. وتعريف المباح هو : ( ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بالتخيير فيه بين الفعل والترك ) فالمسلم لا يكون مخيرا بين الفعل وعدم الفعل إلا بوجود نص شرعي يدل على التخيير، فالقيام بالمباح هو تقيد أو التزام بحكم شرعي مستنبط من الأدلة الشرعية، فالمرجعية فيه للشرع لا للانسان .

وأما المسألة الثانية فهي : ترك غير المسلمين وما يعتقدون وما يعبدون، هل هذا حرية عقيدة وحرية عبادة للكفار أم لا ؟
والجواب على ذلك هو أن المكلفين بالأحكام هم جميع الناس، وليس المسلمين فقط، ولذلك قيل في الحكم أنه خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد. فلا فرق في التكليف بأحكام الشرع بين المسلم والكافر فكلهم مخاطب بخطاب الشارع وكلهم مكلف بحكم الشرع. . قال تعالى : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا } وقال تعالى : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } وقال عليه الصلاة والسلام : ( بعثت إلى الأحمر والأسود ) أي إلى جميع الناس . فالكفار مخاطبون بالشريعة كلها أصولا وفروعا وان الله سيعذبهم على عدم الايمان وعلى عدم القيام بالأحكام. والخليفة مأمور بتطبيق جميع أحكام الشرع عليهم، ويستثنى من تطبيق الأحكام ، لا من الخطاب، الأحكام التي جاء نص في القرآن أو الحديث بعدم تطبيقها عليهم، والأحكام التي جاء نص بأنها خاصة بالمسلمين، وما عدا ذلك فتطبق على الكفار جميع أحكام الاسلام كالمسلمين سواء بسواء. ففي المعاملات ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عاملهم حسب أحكام الاسلام، وفي العقوبات ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عاقبهم على المعاصي.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله