الموضوع: نزار قباني
عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 23-07-2006, 08:23 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

نزار والحداثة
وبرغم استعصائه على التصنيف كما بيَّنا، إلا أنَّه كان يتفق مع الحداثيين في الجانب الفلسفي للحداثة، وهذا أخطر ما فيها، إذ يتجرَّأ الحداثيون ـ في جانبها الفلسفي ـ على الذات الإلهية، ويتمردون على الأديان، ويزدرونها ويسخرون من المؤمنين بها، وقد خطا نزار في هذا الميدان خطوات واسعة تجعل المؤمن يبرأ منه ومن أقواله، حتى وإن كان أشعر الناس، فهو يقول: "إنني على الورق أمتلك حرية إله، وأتصرف كإله! وهذا الإله نفسه هو الذي يخرج بعد ذلك إلى النَّاس ليقرأ ما كتب، ويتلذذ باصطدام حروفه بهم، وإنَّ الكتب المقدَّسة جميعاً ليست سوى تعبير عن هذه الرغبة الإلهية في التواصل، وإلا حكَمَ الله على نفسه بالعزلة، ولعلّ تجربة الله في ميدان النشر والإعلام وحرصه على توصيل كلامه المكتوب إلى البشر، هي من أطرف التجارب التي تعلمنا أنَّ القصيدة التي لا تخرج للناس هي سمكة ميتة أو زهرة في حجر"

ويمضي نزار في إلحاده وتطاوله على الذات الإلهية فيقول في موضع آخر من ديوانه "لا": "رأيت الله في عمان مذبوحاً على يد رجال البادية.. فغطيت وجهي بيديّ.. يا تاريخ.. هذي كربلاء الثانية"!..

بهذه الألفاظ الإلحادية التي لا يقبلها مسلمٌ ولا أيّ عاقل كائن من كان، يتجرأ نزار على خالقه سبحانه وتعالى وجلَّت قدرته، بدعوى الخروج من ضجر القوالب وقيود الشعر، كما يزعم الكثير من الحداثيين، الذين اتخذوا القدوة منه ومن غيره في التحلل من الدين والتمرد على كل القيم. وهذا ـ والله ـ أعظم درجات التخلف والجهل والسفه، فتحقيق العبودية لله سبحانه والانصياع الكامل لأوامره، إنَّما هي من أهم مقومات الإبداع وثقافة المرء ووعيه. أمَّا ما دعا إليه نزار أو غيره بدعوى الدفاع عن الحرية والحق؛ فإنَّما هي مبررات شيطانية ألقى بها الشيطان إليهم، للاستهزاء بالشرائع وتبرير الفساد والانحراف، وصرف النَّاس عن منهج الله الذي ارتضاه لهم {وإنَّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعمتموهم إنَّكم لمشركون} (الأنعام/121).
الرد مع إقتباس