عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 16-03-2007, 06:01 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث
لأسباب مختلفة التقت مختلف الأطراف التي كان بينها خلاف أيديولوجي، على مسألة عدم متابعة الدراسات التي وضعها الاقتصاديون في منتصف القرن العشرين لتطوير الأداء التقني في بلدان العالم الثالث، بل وأسهمت تلك الأطراف في طمس معالم تلك الدراسات.

بالمقابل فإن الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، والتي رأت أن الاستثمار في نقل التقنيات لدول العالم الثالث، يعتبر مضيعة للأموال و سيحبط قدراتها التسويقية فيما بعد، فاكتشفت أسلوبا مارسته في نقل سلعها بأشكال تتقبلها إدارات و نخب المال في دول العالم الثالث، دونما أن تؤثر سلبا على مسألة بقاء فرص الطلب على السلع الأجنبية، وكانت تلك الشركات العملاقة تخدع تلك الدول بقبولها رساميلها الوطنية سواء من الحكومات أو من بيوت المال الوطنية، من أجل مشاركتها في نسبة أرباح متواضعة، في حين تحتفظ بأسرار التصنيع.

بالمقابل فإن دول العالم الثالث ومن خلال خطط التنمية التبسيطية في الخمسينات والستينات ولتوافر تسهيلات ائتمانية ضخمة وللتطور الضخم في مجال المواصلات والمآثر التقنية للشركات الدولية. في هذه الأجواء تغطت صحاري بلاد كثيرة بالطرقات و المطارات و الفنادق الضخمة والجامعات، كانت تلك العوامل لا تقاوم من إدارة حكومات بلدان العالم الثالث.

وقد كانت تلك المظاهر تنتقد في منابر الأمم المتحدة، لما فيها من شكل احتكاري لتوريد وتنفيذ تلك المشاريع الضخمة التي حملت الدول مديونيات عالية إضافة لما يرافق هذا الابتهاج الكاذب من مظاهر فساد في عقد تلك الصفقات الضخمة، ولما ترهن دول العالم الثالث مواقفها الوطنية والسياسية للدول والجهات الدائنة ..

وبعد فورة ارتفاع أسعار النفط، كانت تلك الأموال تعود قافلة الى محافظ وجيوب الشركات العملاقة و التي وجدت في دول النفط أسواقا خيالية لبيعها سلعها التي يوفرها هامش كاذب لا يوظف في صناعة تنمية حقيقية ..

هذا الوضع جعل النخب الحاكمة التي أسكتت أصوات الرافضين ـ إن وجدوا أصلا ـ بحالة من الدعة والهنأة الوقتية، فغدت الدول النامية ونخبها تميل للكسل التكنولوجي، وتصنع بنفس الوقت طبقة من الأغنياء لا تثق باقتصاد أوطانها فغدت توظف أموالها خارج بلدانها .. ففرغت البلاد من مشاريع نهضة حقيقية، اللهم إلا مظاهر البناء والطرق و المطارات ذات العمر المحدود والتي ليس لها سمة إنتاجية هامة بحالة هبوط تدفق الأموال الناتجة من الشكل الريعي (النفط وما يتعلق به) ..

ولم تتعظ الدول النامية من تجارب دول نهضت في نهاية القرن التاسع عشر كاليابان، أو في أواسط القرن العشرين كالصين وكوريا الجنوبية والهند..

وستواجه الدول النامية التي تعطلت بها النهضة الحقيقية مستقبلا، مشكلة الزيادة بالسكان، وعدم قدرتها على التكيف مع هذه الزيادة وعدم القدرة على المحافظة على مستوى المعيشة في ذروة رخائها الكاذب .. وستضطر الى فرض ضرائب وإدخال أشكال من الجباية من المواطنين، مما يربك استمرار حالة الهدوء التي عاشتها في سنين رخائها..

انتشار المعرقلات لمسارات الإنماء في الشمال والجنوب

في الثمانينات، مع أزمة مديونية العالم الثالث وعودة النمو الاقتصادي في البلدان المصنعة ومع النتائج السيئة لكثير من بلدان العالم الثالث التي طبقت الاقتصاد المركزي، سينقطع الكلام نهائيا عن التكنولوجيا المتكيفة، وتلاشت المجادلة حول ممارسة الشركات الصناعية من قبل اقتصاديي التنمية والأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة. لكن الأسئلة عن العقبات الحقيقية التي تعترض التنمية في دول العالم الثالث ظلت قائمة.

ففي حين ظهرت في دول العالم الصناعي مشاكل تلوث البيئة وتهديد كوكبنا نتيجة سوء استخدام الموارد وما يطرح من نفايات في حالاتها الثلاث (الصلبة والسائلة والغازية) . فإن دول العالم الثالث امتلأ فضائها بالشكوك حول وجود نخب تحكم فيها هي من أقل السكان كفاءة وأكثرهم فسادا .. مما دفع لظهور حركات أشبه بالباطنية دفعها احتقانها لتتوجه لحلول لم تكن تستخدمها من قبل، وهي العنف و التشدد، مما خلق إشكاليات جديدة تتعلق بالإرهاب ونسيان حالة الفساد التي أصبح من يضمن المفسدين فيه من كبار القوى العالمية بحجة التحالف ضد الإرهاب .. وهذا سيقود كوارث اجتماعية جديدة..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس