الموضوع: صور وتعليق
عرض مشاركة مفردة
  #789  
قديم 02-06-2006, 02:27 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

‎وحشية الإرهاب الأميركي
أين هو العالم الحرّ يتصدّى لها؟


يشهد العالم المتحضر سلسلة الإرهاب الهمجي الذي تمارسه الإدارة الأميركية، بمخالب صهيونية آناً، وبأنياب توهم مكشِّرة ملاحقة الإرهاب آناً آخر.

والدنيا التي تشهد هذا الإرهاب الهمجي أحد فريقين:

فريق هو مجموعة الضحايا من المشردين والمقتولين والمشوهين والممزقين بين جاذبي الحياة والموت.

وفريق آخَرُ، إنما هو نظارةٌ تمثّل دولاً شتى، ومنظمات لحقوق الإنسان، تتابع رؤية هذه الجرائم الهمجية التي تعلن، مستكبرةً، عن نفسها، على مسرح الأحداث. وقد أسكتها (النظارةَ) وأرهبها، إرهابُ ذوي المخالب والأنياب، فهي لا تقوى على تحريك ساكن، ولا على النطق بأي استنكار!..

ولست معنياً هنا بموقف الدول الأوربية، ولا بصمت المنظمات الديكورية لحماية حقوق الإنسان، وما قد تبديه من فزع يصدّها عن أي استنكار أو تدخل في الأمر، فإن لتلك الدول والمنظمات حساباتها وانتماءاتها، ولها مصالحها التي لا بدّ أن تنطلق منها.

وإنما الذي يعنيني، ويعني كل مسلم عربياً كان أو أعجمياً، ويعني كل عربي مسلماً كان أم كتابياً، الوقوف أمام هياكل الدول العربية وسدنتها التي آلت إلى حطام!..

أين هي بقايا الشرف التي يفترض أنها ما تزال تحتفظ بها؟

أين هي بقايا النخوة في رؤوس تلك السدنة أو بعضها؟

بالأمس، دمرت إسرائيل، بتنسيق مع أمريكا، من خلال سلسلة من جرائم إرهابها الهمجي، سبعين منزلاً، وشردت المئات من أصحابها البرآء رجالاً ونساء وأطفالاً في العراء، وأعين سدنة الدول العربية تنظر، وآذانهم تسمع!.. فأي قطرة من الدم غلت أو اهتاجت في عروقهم؟!.. وأي كلمة استنكار نطقت بها ألسنتهم؟!..

قلت لدبلوماسي أوربي كبير: لماذا تذهب أوربا في مجاملة أمريكا إلى كل هذا الحد؟ ومالها لا تتحدث عن إرهابها الوحشي الذي تمارسه بمخالبها الصهيونية، ضد المساكين الفلسطينيين العزّل؟..

قال لي: إننا لم نذهب في مجاملة أمريكا، إلاّ جزءاً من الذي ذهبت إليه الدول العربية صاحبة الشأن.

إذ تتسابق إلى مجاملتها بدون حد!.. إننا استنكرنا الضوء الأخضر الذي تمارس إسرائيل على أساسه عدوانها وغطرستها ضد النظام الفلسطيني، فقيل لنا: إن دوركم في الاستنكار يأتي بعد دور الدول العربية صاحبة الشأن. وما دامت هذه الدول صامتة راضية فإن دوركم في الاستنكار لم يحنْ بعد!..

وقال لي: هل تعلم أن الدرع الصاروخي الذي تعكف أمريكا اليوم على إقامته، إنما تغطَّى تكاليفه بنفقات عربية خليجية؟

لم أجد أمام هذا الكلام الصادر من دبلوماسي أوربي، ملاذاً ينجيني من رشاش المهانة التي تتقلب فيها أمتنا العربية والإسلامية، كما لم تتقلب فيها من قبل، خيراً من زاوية داكنة من الصمت ألجأ إليها!..

ومع ذلك، فرُبَّ صَمتٍ داكن كان ضِيقُ القبر وظلامه أقلّ مهانة منه

محمد سعيد رمضان البوطي


.