عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 29-06-2003, 10:18 PM
lwliki lwliki غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: هووون
المشاركات: 85
إفتراضي

المشروع الوطني

الخروج من شرنقة الفئوية والمذهبية صار أمراً حتمياً إن أريد لهذه الدولة السعودية البقاء بكامل سيادتها، والعائلة المالكة رمزاً لوحدتها وكرامتها ورفاهية شعبها. والخروج يفرض حتمية الدخول في الفضاء الوطني وتكوين عقد اجتماعي جديد بين الحاكم والمحكوم، كما ويفرض شروطه الموضوعية التي تحدّد أهدافه ووسائل تحققها.


أولاً ـ
يفترض في المشروع الوطني أن يقرّ بثوابت أساسية لا يستقيم بقاء الدولة بدونها: مثل دور الدين في الدولة بإطاره ورؤاه العامة (وليس وفق الرؤية الوهابية الخاصة) بغض النظر عن حجم هذا الدور والشكل الذي سيأخذه. تأتي أهمية دور الدين من جهة كون المملكة حاضنة للمقدسات الإسلامية في الحجاز، وكذلك دور الدين/ المذهب في نشأتها الحديثة، وهذان أمران يحتّمان على المملكة دوراً ريادياً في الداخل والخارج. والثابت الثاني هو دور العائلة المالكة كرمز لوحدة المملكة والتي لا يتخيّل بقاؤها أو استمرارها موحدة (ضمن الظروف الموضوعية الحالية) بدونها. ومرة أخرى نقول هذا بغض النظر عن حجم السلطة الذي يمكن أن يُعزى لها وفق المنظور والمصلحة الوطنية.


وثانياً ـ
أن يقرّ بمبدأ الإجماعية لا الإقصائية القائمة على الثأر أو الجشع والإستئثار، وهذا يتطلّب المساواتية بين المواطنين وتعزيز مبدأ (المواطنة) ونبذ الفئوية والجهوية، وترسيخ الهوية الوطنية الجامعة وتسويدها على الهويات الفرعية الطائفية والمناطقية والقبلية، أي التعاطي مع المواطنين كشركاء متكافئين في الحقوق والواجبات لا تنتقص انتماءاتهم الفرعية حقوقهم المادية والمعنوية. وكما يحدث للأفراد، الذين هم جموع الشعب، يفترض في أي مشروع وطني يسعى لترميم العلاقة بين السلطة والقوى الإجتماعية والسياسية المختلفة، أن تتسالم هذه القوى، وتعترف بحقوق بعضها البعض في التعبير والممارسة والمشاركة في صناعة القرار.. بدون هذا سيتحول المشروع الوطني الى مشروع إقصائي، شأن القائم حالياً.. إقصائي للشعب بمجمله عن حقوقه الأوليّة، وإقصائي للقوى المختلفة والمعترضة على الإستئثار الديني والسياسي. ويأتي هذا انطلاقاً من الإعتراف بحقيقة التعددية لمجتمع المملكة، والنظر اليه من زاوية إيجابية ودالة على الثراء المعرفي والتنوع المفيد لا الممزق.


ثالثاً ـ
يفترض في المشروع الوطني تشخيصه للأزمة التي تعاني منها المملكة على أنها أزمة سياسية نابعة أساساً من مشكلات بنيوية في هيكل السلطة، أدّت الى الإحتكار السياسي والديني، وانعكست بالسلب على مصالح الشعب الذي لم يكن مساهماً في الأساس (اللهم إلا من زاوية صمته) في نتائج ما هو حاصل من فساد وسوء إدارة وتدهور علاقات مع الخارج العربي والدولي وتفاقم للمشاكل المحلية وانتقاص من حقوق المواطن المادية والمعنوية. بكلمة أخرى، إن المشكلة الأساسية تكمن في الإستبداد السياسي المتصافح مع الإستبداد الديني، والذي أدّى في مخرجاته الى أزمة في العلاقة بين الدولة والمجتمع. إذا كان هذا التشخيص صحيحاً، فإن هدف المشروع الوطني يتلخّص في قطع دابر الديكتاتورية السياسية والدينية، دونما افتئات على حقوق أحد في التعبير والمشاركة في الصالح العام. إن إرتهان النظام السياسي للوهابية وما جرّ إليه، سببه ذلك الإحتكار الذي تحدثنا عنه، وذلك التخلخل في التوازن السياسي داخل المجتمع السعودي نفسه، حيث أقليّة متحكّمة وأكثرية مهمّشة. ومن هنا فإن توزيع السلطة بشكل متوازن، ووفق آلية مرجعية يتفق عليها، يخرج الدولة من ارتهاناتها لجماعات أو مذاهب واجتهادات وأفكار أو مناطق ومصالح ضيقة، ويمنع تحوّل مؤسساتها الى مؤسسات نفع خاص، ويوسع هامش الحرية والمناورة لمسؤولي الدولة ويعدد من خياراتهم في منهجهم السياسي الداخلي والخارجي. بهذا تستقيم أمور الدولة، وتستقر المصالح لكل الفئات، وتتعزز الثقة بالدولة وأجهزتها وبين رجال النظام والجمهور، وتتآلف الشرائح الإجتماعية المتنافرة والتي طال تلاعب الطاقم الحاكم بضرب بعضها ببعض من أجل تكريس مفاهيم السيطرة والإستئثار.


يتبع
__________________
( لا تسيئوا فهمه..
ولا تنكروا عليه ان ينقد أو يتهم أو يعارض أو يتمرد أو يبالغ أو يقسو..
انه ليس شريراً ولا عدواً ولا ملحداً.. ولكنه متألم حزين ..
يبذل الحزن والألم بلا تدبير، أو تخطيط..
كما تبذل الزهرة اريجها .. والشمعة نورها ).
وللتاريخ ان يقول ما يشاء.