عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 16-04-2006, 12:28 PM
فارس ترجّل فارس ترجّل غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 35
إفتراضي النصر على نصارى مصر


بسم الله الرحمن الرحيم

على خلفية الإعتداءات على الكنائس في الاسكندرية و قبلها في أنحاء مختلفة في مصر، و إذ لا أؤيد هذه الأحداث بالضرورة حيث أنها لاتزال غامضة لا يمكن للمرء ان يشكل حكماً عليها فلعل وراءها أيدي خفية تحاول الحصول على مكاسب سياسية في أرض الكنانة وراء قناع المحافظة على حرية الأديان، و لكنني أرى لزاماً على كل مسلم بالمقابل أن يعي العلاقة الشرعية التي يفترض أن تكون بينه و بين النصراني الذمي .

فمن المسائل التي صارت شائكة في الفكر الإسلامي المعاصر مسألة أهل الذمة من الذين كفروا و يعيشون بين ظهراني المسلمين، فتجد كثير من اصحاب النيات الطيبة و أحياناً السيئة يظهرون الجانب المتسامح من أحكام معاملة الكافرين، و يغضون الطرف على أحكام أخرى واجبة كالجزية و الصغار و غيرها ، غرضهم من ذلك نفي اي صفة عنصرية كما يصفونها عن ديننا الحنيف بالإضافة الى أهداف اخرى تتعلق بألاوضاع السياسية المعاصرة سمتها الهجوم على الإسلام نعايشها جميعاً على إختلاف مشاربنا تدفع بالبعض الى المسارعة في نفي أي قول على أنه شبهة إساءة دون تملي أو تمحيص.


و لقد وقعت مؤخراً على رسالة قديمة قام بتجميعها ابو حفص السياف المصري جزاه الله خيراً ، كانت معيني في إنشاء هذا الموضوع، فهي تحيي جانب كبير من هذه الأحكام الشرعية الهامة، و يتبين من خلالها ان الجانب المتسامح هو سمة بارزة من المعاملة في هذا الدين و لكنها بالتأكيد ليست الجانب الوحيد، و أن هناك أحكام اخرى يجب ان تقيد تصرفاتنا و نظرتنا إزاء الكفار _ و أهل الكتاب منهم خصوصاً _ قد غفلنا عنها عمداً او سهواً .


و كان من جراء ذلك أن تجرأ النصارى في بلاد المسلمين على المسلمين بل وعلى الإسلام، و إن الناظر إلى أوضاع النصارى اليوم ليرى خطراً محدقاً إن لم يستيقظ له المسلمون عصف بما تبقى من الدين.

لقد تجرءوا على خطف أخواتنا المسلمات بقوة الشرطة و عين النظام، وامتدت أيديهم وألسنتهم إلى المسلمين والإسلام بكل سوء، واستشرى بناء الكنائس في دار الاسلام تبنى كالقلاع لا كمجرد دور للعبادة، أما على النت فحدث و لا حرج، لقد أظهر النصارى العرب و الأقباط منهم خصوصاً إجتراءً على هذا الدين لم يسبقهم إليه أحد على حد علمي، و كشفوا من خلال مواقعهم السافلة و مأجوريهم على البالتوك عن وجههم الحاقد الذي يتقون إظهاره في الحياة العامة، فأخذوا ينفثون سمومهم و يسخرون من نبينا بأبشع الأوصاف و أقسى التعبيرات و يستهترون بأحكام هذا الدين، كل هذا يفعلونه و هم يدركون أنه على بصر و سمع من المسلمين و لا يأبهون كونهم آمنين من تحديد شخصياتهم أو محميين بقوات دولة الطاغوت، إلى غير ذلك من التطورات الخطيرة التي صارت تواكب تصرفات النصارى العرب و تشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها، في ظل مناخ دولي مشجع و مؤاتي.


1. أصل العلاقة قتال

معروف أن علاقة المسلمين بالكفار من الذين أوتوا الكتاب هي علاقة قتال من حيث المبدأ و الأصل ، قال تعالى:

{ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون }

قال ابن كثير :
وقوله: {حتى يُعْطُوا اْلْجِزْيَةَ }أي إن لم يسلموا {عَن يَدٍ } أي عن قهر لهم وغلبة {وَهُمْ صَـٰغِرُونَ } أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه»


فانظر قول ابن كثير عليه رحمة الله : هم أذلاء صغرة أشقياء، ثم أنظر حالهم اليوم في مصر مثلاً لتدرك أن الوضع صار بالعكس، و صار المسلمين في أرضهم هم الأذلاء الصغرة الأشقياء!.

قال القاضي أبو يعلى

وفى هذا دلالة على أن هؤلاء النصارى الذين يتولون أعمال السلطان، ويظهر منهم الظلم والاستعلاء على المسلمين، وأخذ الضرائب، لا ذمة لهم، وأن دماءهم مباحة، لأن الله تعالى وصفهم بإعطاء الجزية على وجه الصغار والذل.

وهذا الذي استنبطه القاضي و غيره من أصح الاستنباط، فإن اللّه سبحانه وتعالى مد القتال إلى غاية: وهى إعطاء الجزية مع الصغار، فإذا كانت حالة النصراني وغيره من أهل الجزية منافية للذل والصغار فلا عصمة لدمه ولا ماله، وليست له ذمة، وقد صار ملموساً لكل ذي بصيرة انه قد حل للمسلمين منهم اليوم ما يحل من أهل الشقاق والمعاندة.


2. الشروط العمرية:

من الطريف ان اولئك المروجين للتسامح و التواصل و المحبة مع النصارى لا يكتفون بتجاهل البراءة من الكفار و بغض ما هم عليهم من الكفر و إعلانهم بذلك ...و غير هذا مما هو معلوم من الدين بالضرورة بل تجدهم يستدلون و يستشهدون في معرض كلامهم ذاك بالعهدة العمرية، رغم ان هذه العهدة هي أصلاً سند علماء السلف و الخلف على السواء في أحكام اهل الذمة و المعاهدين المسكوت عنها، و التي صار مجرد الإشارة اليها في اقطار إسلامية معينة كمصر مثلاً من المحرمات الخطيرة التي ستؤدي الى فتنة عمياء و تهديد للأمن القومي و نشر للعنصرية و تشويه للدين ...إلى آخر الإتهامات المعروفة و المحفوظة.

إن هذه الشروط يصلح كل واحد منها لأن يكون موضوعاً وحده، لما تضمنته من أحكام هامة و تفصيلية صارت اليوم مهملة منسية و الله المستعان، سأوردها في عجالة و على القاريء أن يقارن بين هذه الشروط و حال النصارى في ديارنا اليوم:

ذكر سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غنم قال:

كتبت لعمر بن الخطاب رضى الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يُؤْوا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركاً، ولا يمنعوا ذوي قراباتهم من الإسلام إن أرادوه.
وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس.
ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم ولا يتكنوْا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيهم حيثما كانوا، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفياً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين.
فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.


فهذه بعض من الشروط العمرية التي ارتضاها الفاروق رضي الله عنه ، وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم، واحتجُّوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعد ذلك الخلفاء، وعملوا بموجبها.

قال ابن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي:
أن علياً رضي اللّه عنه قال لأهل نجران: إن عمر كان رشيد الأمر، ولن أغير شيئاً صنعه عمر!، وقال الشعبي: قال عليّ حين قدم الكوفة: ما جئت لأحل عقدة شدّها عمر!

الأمر الذي يؤكد ما ذهبنا إليه من أن تلك الشروط لم تكن آنية أو متعلقة بحال معينة او حكم توقيفي، بل هي تطبيق صحيح لأحكام أهل الذمة في الدين الإسلامي ككل و طول الدهر، و أي تنازل عنها أو تحريف لها يعد نسفاً لجانب مهم و أساسي من أحكام هذا الدين.