عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-04-2006, 12:34 PM
فارس ترجّل فارس ترجّل غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 35
إفتراضي


3. حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام:

و سأقتصر على تبيان حكم الكنائس في البلاد التي أنشأها المسلمون في الإسلام، مثل بغداد والقاهرة، لأنها المعنية بهذا الموضوع.

إن هذه البلاد صافية للمسلمين، إذا أراد الإمام أن يقر أهل الذمة فيها ببذل الجزية جاز، فلو أقرهم الإمام على أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة، أو يظهروا فيها خمراً أو خنزيراً أو ناقوساً لم يجز، وِإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسداً، وهو اتفاق من الأمة لا يعلم بينهم فيه نزاع.

قال الإمام أحمد
حدثنا معتمر بن سليمان التيْمي عن أبيه عن حنش عن عكرمة قال: سُئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئاً؟، فقال: أيما مصرٍ مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة، ولا يضربوا فيه ناقوساً، ولا يشربوا فيه خمراً، ولا يتخذوا فيه خنزيراً.

و سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الكنائس التي بالقاهرة وكان فيما قاله النصارى على عهده أن هذه الكنائس أقرهم عليها عمر بن الخطاب فكان من جوابه رحمه الله:

وأما قولهم: إن هذه الكنائس قائمة من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإن الخلفاء الراشدين أقروهم عليها، فهذا أيضاً من الكذب، فإن من العلم المتواتر أن القاهرة بنيت بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بأكثر من ثلاثمائة سنة.

فهذا هو الحكم الشرعي في بلاد الإسلام التي أنشأها المسلمون، و التي من ضمنها القاهرة كما تبين،و مع ذلك فإن حال الأقباط في هذه المدينة لمما يشيب منه الولدان، و كنائسهم و صلبانهم ظاهرة مستشرية في كل ركن منها، و لا تجد من يصدهم، بل لا تجد إلا من يدافع عن ذلك و يعتبره من سماحة هذا الدين و تعاطفه و تفهمه للأديان الأخرى....إلى آخر ما يفترون.

فإن قيل: فما حكم هذه الكنائس التي في البلاد التي مصَرها المسلمون؟

هي على نوعين
أحدهما : أن تحْدَث الكنائس بعد تمصير المسلمين لمصر فهذه تُزال اتفاقاً.
وثانيهما: أن تكون موجودة بفلاة من الأرض، ثم يمصر المسلمون حولها المصر، فهذه لا تُزال، واللّه أعلم.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله:

... فما فتحه المسلمون عنوة فقد ملكهم الله إياه كما ملكوا ما استولوا عليه من النفوس والأموال والمنقول والعقار، ويدخل في العقار معابد الكفار ومساكنهم وأسواقهم ومزارعهم وسائر منافع الأرض، كما يدخل في المنقول سائر أنواعه من الحيوان،والمتاع والنقد.
وليس لمعابد الكفار خاصة تقتضي خروجها عن ملك المسلمين، فإن ما يقال فيها من الأقوال، ويفعل فيها من العبادات، إما أن يكون مبدلاً أو محدثاً لم يشرعه اللّه قط، أو يكون اللّه قد نهى عنه بعد ما شرعه.
وقد أوجب اللّه على أهل دينه جهاد أهل الكفر حتى يكون الدين كله للّه، وتكون كلمة اللّه هي العليا، ويرجعوا عن دينهم الباطل إلى الهدى ودين الحق الذي بعث اللّه به خاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ولهذا لما استولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على أرض من حاربه من أهل الكتاب وغيرهم، كبني قينقاع والنضير وقريظة، كانت معابدهم مما استولى عليه المسلمون، ودخلت في قوله سبحانه: {وأورْثَكُمْ أرَضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وأمْوالَهُمْ }...


وملخص الجواب: أن كل كنيسة في مصر والقاهرة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مصرها المسلمون بأرض العنوة فإنه يجب إزالتها إما بالهدم أو غيره بحيث لا يبقى لهم معبد في مصرمصره المسلمون بأرض العنوة، سواء كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح أو محدثة، لأن القديم منها يجوز أخذه ويكون واجباً عند المفسدة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تجتمع قبلتان بأرض فلا يجوز للمسلمين أن يمكنوا أن يكون بمدائن الإسلام قبلتان إلا لضرورة كالعهد القديم، لا سيما وهذه الكنائس التي بهذه الأمصار محدثة جرى بناؤها بعد الفتح، و يظهر حدوثها بدلائل متعددة، والمحدث يهدم باتفاق الأئمة.

وأما الكنائس التي بالصعيد وبر الشام ونحوها من أرض العنوة فما كان منها محدثاً وجب هدمه، وإذا اشتبه المحدث بالقديم وجب هدمهما جميعاً لأن هدم المحدث واجب وهدم القديم جائز، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وما كان منها قديماً فإنه يجوز هدمه ويجوز إقراره بأيديهم.

فينظر الإمام في المصلحة: فان كانوا قد قلوا والكنائس كثيرة أخذ منهم أكثرها، وكذلك ما كان على المسلمين فيه مضرة فإنه يؤخذا أيضاً، وما احتاج المسلمون إلى أخذه أخذ أيضاً.

وأما إذا كانوا كثيرين في قرية ولهم كنيسة قديمة لا حاجة إلى أخذها ولا مصلحة فيه فالذي ينبغي تركها.
كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه لهم من الكنائس ما كانوا محتاجين إليه، ثم أخذ منهم.

وأما ما كان لهم بصلح قبل الفتح مثل ما في داخل مدينة دمشق ونحوها، فلا يجوز أخذه ما داموا موفين بالعهد إلا بمعاوضة أو طيب أنفسهم كما فعل المسلمون بجامع دمشق لما بنوه.


و بعد...

إن هذا هو ما جاءت به النصوص والآثار، و هو مقتضى أصول الشرع وقواعده: فإن إحداث هذه الكنائس و إبراز الصلبان و الاحتفالات الصاخبة بأعيادهم الكفرية يعتبر إحداث لشعار الكفر، وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير، فهذا شعار فسق و تلك شعار كفر، و الثاني أغلظ و أشد.

و من يرى حال النصارى اليوم في مصر و هم قد أقاموا الدنيا و لم يقعدوها حتى لحظة كتابة هذه السطور على ما أسموه عدواناً، و تحرك رأس الكفر العالمي أمريكا بالشجب و الإدانة تأييداً لهم، و مظاهراتهم الصاخبة، فضلاً عما أرسوه من إظهار لكفرياتهم و عدوانهم اللفظي على هذا الدين يدرك جيداً حجم الشقة و بعد الخلاف بين حالهم هذا و الحال الذي يفترض شرعاً أن يكونوا عليه في ديار الإسلام.


يقول ابوحفص سياف المصري حفظه الله:

وأخيراً..
نقول كما قال صلى الله عليه وسلم لكعب بن الأشرف وغيره: من لهؤلاء النصارى فقد آذو الله ورسوله..
من لهم فقد فتنوا المؤمنين عن دينهم وانتهكوا أعراضهم
من لهم فقد خطفوا أخواتكم واخوانكم
من لهم فقد رفعوا قلاع الكفر على أرضكم
من لهم فقد ألبوا عليكم عدوكم
من لهم فقد تفننوا في تنصير إخوانكم وأخواتكم وأبناءكم
من لهم فقد بسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون
من لهم فالفتنة أشد من القتل
ماذا تنتظرون؟
أندونسيا أخرى؟ تنتهك فيها الأعراض وتسفك فيها الدماء؟

ووالله إن ما حدث من التطاول على شرع الله مراراً لهو أشد في نفس المؤمن من القتل..
أيها المؤمنون.. قد بين لكم ربكم سبيل كف بأس الكفار: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً) .
ومع ذلك فهناك كثير من الذين في قلوبهم مرض وزيغ ما زالوا حيارى يبحثون عن الطريق .. لم يروِ غليلهم القرآن. .




علماً إنني لم أخاطب بموضوعي هذا أولئك المنافقين الذين يوالون النصارى ويوادونهم ويسارعون فيهم، ولا أولئك الزنادقة الذين يقدمون مصلحة الوطن –زعموا- على مصلحة الشرع ويجعلون رابطة الوطن فوق رابطة الدين، فلهؤلاء وأولئك خطاب يليق بأمثالهم.

وإنما أخاطب الباحثين عن الحق الذين يستقون الشرع من معينه: الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، الذين يتجردون لله في طلب الحق من كل هوى وعصبية وتقليد، فإذا أبصروا نور الأدلة الساطع سارعوا إليه يبتغون مرضاة الله وإن غضب أهل الأرض قاطبة.

فهل أنت منهم؟


و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل


تحياتي