عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 09-08-2005, 10:03 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

خير القرون

وكذلك أثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على القرون الذين يأتون من بعد أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم ومجموع تلك القرون هي كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح، بل الحديث المتواتر في نقدي وفي علمي وتتبعي ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "خير الناس قرني" وبعض الناس يروونه بلفظ: "خير القرون قرني" انظر : ( تحقيق التنكيل للإمام - رحمه الله تعالى - ( 2 / ص 208 ) ) فأرى من الواجب عليٌ أن أذكّر-والذكرى تنفع المؤمنين -أن لفظ الحديث الصحيح "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ( البخاري في عدة مواضع منها برقم : 2652 و 3651 ) , ( مسلم في عدة مواضع منها برقم : 2533 و 2534 ) ..
فهؤلاء القرون الثلاثة هم الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخيرية وهم المقصودون بالآية الكريمة وهي قول الله عز وجل:
( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) ( النساء : 115 ) . فقوله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة: ( ويتبع غير سبيل المؤمنين )
منه اقتبس نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قوله سابقا: "وأصحابي". فالنكتة في هذا الحديث كالنكتة في هذه الآية الكريمة .

ضرورة التزام سبيل المؤمنين الأولين

وفي ذلك دلالة واضحة على أن المسلمين جميعاً في هذه العصور المتأخرة لا يجوز لهم أن يخالفوا سبيل المؤمنين الأولين لأنهم كانوا على هدىً من ربهم ولذلك أيضا خصَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالذكر أصحابه المفضلين على أصحابه الآخرين ألا وهم الخلفاء الراشدون المهديون كما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" ( 1 )
( 1 ) صححه الإمام - رحمه الله تعالى - في : ( سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم : 2735 ), وقال عقب تخريجه لهذا الحديث : ( والحديث من الأحاديث الهامة التي تحض المسلمين على التمسك بالسنة , وسنة الخلفاء الراشدين الأربعة ومن سار سيرتهم , والنهي عن كل بدعة , وأنها ضلالة , وإن رآها الناس حسنة , كما صح عن ابن عمر رضي الله عنه . والأحاديث في النهي عن ذلك كثيرة معروفة , ومع ذلك فقد انصرف عنها جماهير المسلمين اليوم , لا فرق في ذلك بين العامة والخاصة, اللهم إلا القليل منهم , بل إن الكثيرين منهم ليعدون البحث في ذلك من توافه الأمور , وأن الخوض في تمييز السنة عن البدعة , يثير الفتنة , ويفرق الكلمة , وينصحون بترك ذلك كله , وترك المناصحة في كل ما هو مختلف فيه ناسين أو متناسين أن من المختلف فيه بين أهل السنة وأهل البدعة كلمة التوحيد , فهم لا يفهمون منها وجوب توحيد الله في العبادة , وأنه لا يجوز التوجه إلى غيره تعالى بشيء منها , كالاستغاثة والاستعانة بالموتى من الأولياء والصالحين ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) .

. هكذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع سنته في هذا الحديث سنة الخلفاء الراشدين لتلك النكتة التي أشرنا إليها في الآية وفي حديث الفرقة الناجية .
وفي كل هذه النصوص الثلاثة منهاج يوجب على المسلمين في العصر الحاضر أن يلتزموه وأن لا يكونوا بعيدين عنه كما هو شأن كثير ممن يشاركنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة ولكنهم يخالفوننا في منهجنا عند رجوعنا في فهم الكتاب والسنة إلى فهم هؤلاء السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم .
ذلك مما يجب على كل مسلم أن يتخذه منهجاً له لكي لا ينحرف عما كان عليه سبيل المؤمنين فلا يكفي اليوم أن نقول نحن على الكتاب والسنة ثم نختلف في فهم الكتاب والسنة ؛ فالرجوع إلى السلف الصالح هو ضمان وصيانة من أن يقع المسلمون اليوم في مثل ما وقع فيه المسلمون الذين جاؤوا بعد السلف فاختلفوا اختلافاً كثيراً ذلك لأنهم لم تتوفر لديهم نصوص السنة التي تتولى بيان القرآن الكريم كما قال رب العالمين:
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) ( النحل : 44 ) .
هذا هو السبب الأول الذي كان من أسباب الخلاف الذي وقع بين المتقدمين حتى بين بعض الأئمة المجتهدين من العلماء والزهاد والصالحين، ولكن هناك أسباباً أخرى وهي تسلُّط الأهواء والآراء الخاصة ببعض الناس ولو كانوا على شيء من العلم بل والزهد والصلاح ، ولذلك فنحن نقول : إنه لا ضمان لكي لا يقع المسلمون في مخالفة الكتاب والسنة إلا بالرجوع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، فأنا أعتقد أن واقع الأمة الإسلامية اليوم من اختلافهم في تفسيرهم لبعض نصوص الكتاب والسنة هو بسبب اعتمادهم على غير هذا المنهج الذي نسميه بالمنهج السلفي (1)
(1) قال الإمام - رحمه الله تعالى - في صدد بيان أهمية التزام المنهج السلفي : ( فالدعوة السلفية تتميز بهذه الدعامة الثالثة ألا وهي أن القرآن والسنة يجب أن يفهما على منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم أي : القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية بنصوص الأحاديث الكثيرة المعروفة , وهذا عليه الأدلة الكافية التي تجعلنا نقطع بأن كل من يريد أن يفهم الإسلام من الكتاب والسنة بدون هذه الدعامة الثالثة فسيأتي بإسلام جديد , وأكبر دليل على ذلك الفرق الإسلامية التي تزداد في كل يوم ؛ والسبب في ذلك هو عدم التزامهم هذا المنهج الذي هو كتاب الله وسنة رسوله وفهم السلف الصالح ) . نقلا عن : ( مجلة الأصالة , العدد : 27 , ص : 74 ) .
هذا ما ينبغي أن نعرفه في واقع الأمة الإسلامية اليوم لكي يتمكنوا من العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح والذي اقترن بهم أن الله عز وجل أعزهم ومكن لهم في الأرض كما هو معلومٌ في التاريخ الإسلامي الأمجد .
هذا ما يحضرني الآن جواباً عن هذه القطعة من السؤال وهو واقع الأمة الإسلامية .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }