عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 09-08-2005, 10:27 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ضرورة الجهاد

فترك الجهاد الذي أصبح عاماً اليوم يشمل مع الأسف الشديد كل الدول العربية والإسلامية رغم كونها تملك من وسائل الجهاد والقتال ما لا تملكه الشعوب المسلمة المتحمسة للدفاع عن بلادها وعن أراضيها بل وعن أعراضها ولذا كان أمراً طبيعياً -سنة الله عز وجل ولن تجد لسنة الله تبديلاً - أن يسلط الله عليهم ذلاً لوقوعهم في مثل هذه المخالفات والاستحلال لما حرم الله عز وجل .
هذا الذل الذي نراه قد ران على بلاد المسلمين كافة ولو أنهم كانوا في الظاهر أحراراً ، ولكنهم مع الأسف الشديد لا يستطيعون أن يتحركوا بما يأمرهم به كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم كمثل ما جاء في الحديث الصحيح: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " .
صححه الإمام - رحمه الله تعالى - في : ( صحيح أبي داود برقم : 2504 )
نحن الآن قد ألغينا الجهاد بالنفس وركنا إلى الجهاد بالأموال لوفرتها لدينا وباللسان لسهولة ذلك علينا أما الجهاد بالأنفس فذلك مما أصبح مع الأسف في خبر كان ؛ ولذلك فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد وصف في هذا الحديث الصحيح الداء مع الدواء حيث ذكر نماذج من الأمراض التي ستصيب المسلمين في أول هذا الحديث - حديث العينة- ثم بين في آخره عليه الصلاة والسلام الدواء، فقال: " لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم" وهذا الدواء هو العلاج الوحيد للمسلمين إذا أرادوا أن يعود إليهم عزهم ومجدهم وأن يمكن الله لهم في الأرض كما مكن للذين من قبلهم فقال عليه الصلاة والسلام: " بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والمجد والتمكين في الأرض ومن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب" .
صححه الإمام - رحمه الله تعالى - في : ( صحيح الترغيب والترهيب برقم : 23 و 1332 ) .

سبيل النهوض

إذاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث : "حتى ترجعوا إلى دينكم" يُفسح لي المجال للدخول في الإجابة عما جاء في آخر السؤال وهو: ما هو سبيل النهوض بهذه الأمة التي أصابها من الذل والهوان ما لم يُصب الأمة من قبل هذا الزمان ؟
فنقول : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما وصف الدواء في هذا الحديث بالرجوع إلى الدين إنما انطلق من مثل قوله عز وجل :
( إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مردَّ له ) . ( الرعد : 11 ) .
وقوله تعالى : ( ذلك بأنّ الله لم يكُ مغيّراً نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم ) . ( الأنفال : 53 ) .
فما هو السبب الذي من أجله غيَّر الله فينا نعمة القوّة والعزّة والتمكين في الأرض والتي كان عليها المسلمون من قبل؟ ذلك لأننا غيّرنا نعمة الله عز وجل وبدّلنا فأخذنا بأسباب الدنيا وتركنا الجهاد في سبيل الله عز وجل وكنتيجة شرعيّة وكونيّة أن المسلم إذا لم ينصر الله عز وجل لم ينصره الله كما هو صريح قوله تبارك وتعالى : ( إنْ تنصروا الله ينصركم ) .( محمد : 7 ) .

مظاهر البعد عن الإسلام

هنا لا بد لي من وقفة، إذا كان الله عز وجل قد جعل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم العلاج لهذا المرض العضال الذي أصاب المسلمين في أرضهم الإسلامية كلها مع الأسف الشديد إنما هو الرجوع إلى دينهم ، والدين كما تعلمون إنما هو الإسلام وقد قال رب الأنام : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) . ( آل عمران : 85 )
وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .( المائدة : 3 ) .
ويعجبني بمناسبة هذه الآية ما ذكره الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم الاعتصام انظر : ( الاعتصام - تحقيق : فضيلة الشيخ مشهور آل سلمان - نفع الله به - ( 1 / ص 62 ) . عن الإمام مالك أنه قال: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة" - وحاشاه- ثم قال: "اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) . ( المائدة : 3 ) .
ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً " .
كنا نستدل بهذا الأثر الثابت عن الإمام مالك -إمام دار الهجرة -على أنه لا يجوز للمسلم أن يحدث في الإسلام بدعة مهما كانت يسيرة سواء في الأخلاق أو العبادات فضلاً عن العقائد اعتماداً على هذه الآية الكريمة التي بين الله عز وجل فيها أنه أتم النعمة علينا بإتمام ديننا ألا وهو الإسلام، فما بالنا اليوم وقد أصبحنا بعيدين عن الإسلام ليس فقط فيما يتعلق بالسنن التي تخالفها البدع أو في هذه الجزئيات التي يسميها بعضهم بأنها من الأمور الثانوية
قال الإمام - رحمه الله تعالى - في رسالته المفرغة من محاضرة بعنوان : ( التصفية والتربية) ص 17 ما نصه : ( نحن نعتقد أن كل ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام يجب أن نتبناه دينا أولا ؛ مع وزنه بأدلة الشريعة ؛ إن كان فرضا ففرض ؛ وإن كان سنة فسنة , أما أن نسميه أمرا تافها أو قشورا لأنه مستحب ! فهذا ليس من الأدب الإسلامي في شيء إطلاقا ؛ لا سيما وأن اللب لا يمكن أن نحافظ عليه إلا بالمحافظة على القشر , أقول هذا لو أردت أن أجادلهم باللفظ ) .
بل أصبحنا بعيدين عن الإسلام الذي ارتضاه الله لنا ديناً حتى في قضائنا وفي أفكارنا بل وفي عقائدنا ؟! فإذا كنا جادين مخلصين وأردنا فعلاً أن نتعاطى هذا العلاج الذي وصفه ربنا عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهو أن نرجع إلى الدين فبأيّ مفهوم نفهم هذا الدين؟


وجوب العودة إلى مذهب السلف

هناك مفهومان معروفان لدى كثير من العلماء الذين يعرفون الخلاف بين علماء السلف وعلماء الخلف وهما مذهبان مذهب ينتمي إلى السلف ومذهب ينتمي إلى الخلف فأولئك الذين ينتمون إلى مذهب الخلف يقولون عن مذهب السلف بأنه أسلم لكن مذهب الخلف أعلم وأحكم ،فيا ترى هل نعود في عقائدنا أولاً إلى ما كان عليه سلفنا الصالح أم نعود إلى مذهب هؤلاء الخلف الذين يصرحون بأن مذهب السلف أسلم ولكن مذهب الخلف أحكم وأعلم؟ لا شك أنه يتبين من النصوص التي ذكرناها أن واجبنا نحن في هذا الزمن وقد أُحيط بنا من كل جانب أن نعود إلى ما كان عليه سلفنا الصالح سواء في ما يتعلق بالعقائد أو في ما دون ذلك من الأحكام والأخلاق والسلوك . فلا بد في كل ذلك أن نرجع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح الذي كان لا يرضى له بديلاً عن الاعتماد على الكتاب والسنة حينما يقع تنازع ما بين بعض أفراد الأمة كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) ( النساء : 65 ) .
اليوم مع الأسف الشديد لا نجد هذه الجماعات وهذه الأحزاب تتفق معنا على تعاطي هذا الدواء الذي لا علاج للمسلمين في العودة إلى عزهم ومجدهم الغابر إلا بالرجوع إلى دينهم .
قال الإمام - رحمه الله تعالى - في محاضرته المفرغة في كتيب بعنوان : ( التوحيد أولا يا دعاة الإسلام ) ص 9و10 :
( فإننا نعلم اليوم بأن هناك طائفة كبيرة جداً يعدّون بالملايين من المسلمين ، تنصرف الأنظار إليهم حين يطلق لفظة الدعاة ؛ وأعني بهم : جماعة الدعوة ، أو جماعة التبليغ ، ومع ذلك فأكثرهم كما قال الله عز وجل : ﴿ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾ ومعلومٌ من طريقة دعوتهم أنهم قد أعرضوا بالكلية عن الاهتمام بالأصل الأول ، أو بالأمر الأهم من الأمور التي ذكرت آنفاً ، وأعني العقيدة والعبادة والسلوك ، وأعرضوا عن الإصلاح الذي بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل بدأ به كل الأنبياء ، وقد بينه الله تعالى بقوله : ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ فهم لا يعنون بهذا الأصل الأصيل ، والركن الأول من أركان الإسلام ، كما هو معلوم لدى المسلمين جميعاً ) .

هذه النقطة -أن الدواء هو الرجوع إلى دين الإسلام - نقطة لا خلاف فيها بين كل مسلم مهما كان اتجاهه ومهما كان تحزبه وتكتله ولكن الخلاف مع الأسف الشديد هو في فهم هذا الدين فهناك كما ذكرنا مذهبان مذهب السلف ومذهب الخلف فالسلف ما كانوا يختلفون في الأصول لأنهم لم يختلفوا في أن المرجع عند التنازع إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهم كانوا يتحاكمون إلى هذين المصدرين ويسلمون لهما تسليماً -كما ذكرنا ذلك في الآية السابقة - ولكن الاختلاف قد كان بينهم للسبب الأول الذي سبقت الإشارة إليه وهو أن بعضهم كان لا يصله الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجتهد فيقع في خطأ غير قاصد إليه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد" ( البخاري برقم : 7352 ) , ( مسلم برقم : 1716 ) .
فلذلك ينبغي على هؤلاء المسلمين الرجوع إلى هذه القاعدة التي لا يجوز أن يقع فيها اختلاف ألا وهي فهم الكتاب والسنة على ما كان عليه السلف الصالح فإذا اتفقنا على هذه القاعدة وجعلناها لنا منهجاً وسبيلاً نتعاون على فهمها أولاً وعلى تطبيقها ثانياً فهنا يأتي الأمر الهام والهام جدا وهو خلاصة الجواب عن هذا السؤال ألا وهو: سبيل النهوض.

وجوب تطبيق الإسلام على الحكام والمحكومين

لا بد للمسلمين اليوم من أن يفهموا دينهم فهماً صحيحاً ثم يطبقوه كلٌّ بحسبه تطبيقاً صحيحاً حكاماً ومحكومين فالمحكوم غير الحاكم ، الحاكم له سلطة عليا والمحكوم سلطته محدودة فإذا قام كل من الحاكم والمحكوم بفهم الإسلام فهماً صحيحاً ثم بتطبيق هذا الإسلام تطبيقاً كاملاً كلٌّ بحسب ما يستطيعه كما أشرت إليه آنفاً يومئذ -في اعتقادي - يفرح المؤمنون بنصر الله ، ولكنني أرى أن كثيراً من الدعاة الإسلاميين الذين يلهجون دائماً وأبداً بدعوة الحكام إلى الحكم بما أنزل الله عز وجل وهذه دعوة حق لا شك ولا ريب فيها لقول الله عز وجل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( المائدة : 44 ) .
وفي الآية الأخرى : ( فأولئك هم الظالمون ) ( المائدة : 45 ) .
وفي الثالثة : ( فأولئك هم الفاسقون ) ( المائدة : 47 ) .
فتطبيق الحكام الإسلام في دساتيرهم وفي قوانينهم وعلى شعوبهم كل هذا حق واجب ولكن نحن نذكر أفراد الشعوب المسلمة الذين ينادون بكلمة الحق هذه - وهي الحكم بما أنزل الله -أن عليهم أن لا ينسوا أنفسهم كما قال الله عز وجل:
( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ( المائدة : 105 ) .
فلذلك على أفراد المسلمين أن يفهموا الإسلام فهماً صحيحاً ثم يطبقوه تطبيقاً كاملاً في حدود استطاعتهم على أنفسهم، وعلى من لهم ولاية عليهم من رعاياهم كما قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالرجل راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها" . ( البخاري في عدة مواضع منها برقم : 893 و 2409 ) , ( مسلم برقم : 1829 ) .
إنًّ هذا المعنى من التربية للنفس يشير إليه بعض الدعاة الإسلاميين بالكلمة التي تروى عنه ألا وهي قوله: " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم" في هذه الكلمة التي تعجبنا كثيراً ولكن لا يُعجبني الذين ينتمون إلى قائلها حيث إنهم لا يعنون بها ولا يهتمون بتطبيقها لأن ذلك يكلفهم أمراً يتطلب جهداً جهيداً ألا وهو الرجوع إلى فهم الإسلام على الوجه الصحيح الذي سبق بيانه آنفاً اعتماداً على كتاب الله وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }