عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 28-12-2004, 07:56 AM
ذكرى إنسان ذكرى إنسان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 66
إفتراضي Re: شهد شاهد من أهلها

ولد معمر محمد عبد السلام ابو منيار القذافي في قرية "جهنم" بإحدى مناطق مدينة سرت عام 1942 , وقد خلد مسقط رأسه في قصته الأدبية المشهورة "الفرار الى جهنم", وقد عاش القذافي ونشأ بين مناطق سرت ومصراته وسبها, والتحق بالكلية العسكرية الملكية الليبية ليتخرج برتبة ملازم بالجيش في منتصف الستينات تقريبا.

ولقد برزت ظاهرة القذافي كغيرها من الظواهر الأخرى التي أنتجها التطور التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري الذي مر به المجتمع الليبي, منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .

على الصعيد العربي الإسلامي لاقى انقلاب القذافي العسكري على الحكم الملكي عام 1969 ترحيبا لا بأس به في بداية ظهوره, خاصة وان القذافي كان قد حرص على الظهور أمام العالم بمظهر القائد العربي المحنك والإنسان المسلم الورع والتقي, المتحمس لنشر الدين الإسلامي , ولكن هذه المواقف جميعها سرعان ما تبددت بعدما وضح للعيان مخالفته للإجماع العربي والإسلامي. ولطعنه الصريح في صحة الحديث النبوي والسنة, ولتغييره التاريخ الهجري ولإعلانه صراحة أن كتاب الله الكريم لا يعالج إلا أمور الحلال والحرام والزواج والطلاق والجنة والنار, وليقول بكل جرأة بان "كتابه الاخضر" هو المرجع الوحيد المشتمل على حلول كل المشاكل البشرية.


الكتاب الاخضر كان بالطبع العامل الرئيسي في شهرة العقيد وظاهرته. وبين دفتي هذا الكتاب بفصوله الثلاثة خط "النظرية العالمية الثالثة" وهذا الكتاب كما ورد في فصله الثاني:"لا يحل مشكلة الإنتاج المادي فقط بل يرسم طريق الحل الشامل لمشكلات المجتمع الإنساني , ليتحرر الفرد ماديا ومعنويا تحررا نهائيا لتتحقق سعادته". ووصف القذافي الكتاب الاخضر ونظرته العالمية حيث قال:" هذه النظرية ستجعل لنا دينا, لان الناس في هذا العصر محتاجة الى دين الى كتاب يوحدها". (من خطاب ألقاه في المؤتمر الدولي للحركات السياسية لشباب أوروبا والبلاد العربية وفي مقدمة الطبعة الروسية من الكتاب الاخضر , كتب القذافي " اقدم لكم كتابي الاخضر, الذي يشبه بشارة عيسى أو الواح موسى, او خطبة راكب الجمل القصيرة, الذي كتبته في داخل خيمتي التي يعرفها العالم بعد ان هجمت عليها 170 طائرة وقصفتها بقصد حرق مسودة كتابي التي هي بخط يدي".

وبعد هذه الدراسة المقتضبة عن بعض ملامح "ظاهرة العقيد" بكل شطحاتها وتناقضاتها وازدواجيتها نستطيع القول انه من الصعب فهم أسرار شخصية العقيد القذافي المتشابكة, أو الاقتراب من مفاجأته المزاجية التي تبدو عفوية في الظاهر . وقد يتساءل البعض: هل العقيد مصاب بجنون العظمة ؟ أو بانفصام الشخصية؟ أم إنها حركات مسرحية مدروسة لإخفاء ذكائه؟ أم انه زعيم نستطيع اعتباره فلتة عصره وزمانه؟ وللإجابة على هذه الأسئلة نفرد هنا إجابة للقذافي للصحافية الإيطالية ميريلابيانكو, التي سألته خلال حديثها معه الذي نشر في كتاب "القذافي رسول الصحراء" :يا رسول اكنتم راعي غنم؟ نعم..فلم يكن نبي لم يفعل ذلك.

وصلت حالات التدخل والتخريب التي تولى القذافي تدبيرها أثناء فترة حكمه حوالي 130 حالة محاولة انقلاب فاشلة , كما قامت 35 دولة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا, أو بطرد أعضاء بعثاتها الدبلوماسية, ومن بينها 14 دولة عربية. كذلك ساهم القذافي علنيا بتمويل العشرات من أجنحة المعارضة العربية المنشقة عن بلدانها وذلك بتدريبها عسكريا وإمدادها بالسلاح, كما دعم سرا وعلانية العديد من المنظمات الإرهابية في العالم, والتي تبرأ منها فيما بعد, مثل منظمة "بادرمنيهوف" و "الألوية الحمراء" ومجموعة كارلوس و "منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي" والتي قدم عنها معلومات للحكومة البريطانية في السنوات الأخيرة, طمعا في مساعدته في إلغاء الحصار الاقتصادي والدولي, بسبب قضية طائرة البان ام الأمريكية التي انفجرت فوق مدينة لوكربي "الاسكتلندية" والتي اتهمت ليبيا بتفجيرها.

واجمع خبراء نفسيون آخرون بعد قراءة كتاب العقيد على أن صاحبه "يعاني من مرض نفسي يجعله منعزلا ولا يستمع إلا لنفسه".

كتاب القذافي الجديد "تحيا دولة الحقراء" , وقد وصف كاتب عربي القذافي بعد قراءته لهذا الكتاب بأنه "غلبت عليه حالة الوهم والنرجسية قادته إلى خلط المفاهيم على نحو لا يحتمل التأويل".

وعلاوة على تدني أسلوب الكتاب, سيشعر القارئ بغياب التوازن النفسي عند الكاتب, فالعقيد يبدأ مقالته الأولى بشن هجوم كاسح على الحقراء! ويستمر في أوهامه و بدون مقدمات يبدو وكأنه يصحو من حالته النفسية هذه إلى حالة نفسية أخري.

على فكرة ... كتب ومؤلفات العقيد متوفرة لدى قسم التوزيع في عرب تايمز ويمكن للراغبين شراء نسخ منها ... مع أني شخصيا – وأرجو أن لا يزعل الزملاء في قسم التوزيع مني – لا أشتري كتب العقيد ... ولا حتى العقيد نفسه بقرشين !!


مقتطفات من مقال للدكتور أسامه فوزي عن معمر ذو العته الاسطوري
__________________