عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 02-07-2004, 11:55 AM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

===========>>
إخوتي .. أحبتي .. ماذا أقول لكما !! وكيف أبيّن جهلكما !! أقول ، وبالله أستعين : هناك عالم من علماء المسلمين في قرية من القرى النائية في الصين ، لا يعرفه إلا القليل من العلماء ، يقول : بأن طاعة الأب في مثل هذه الظروف مقدّم على العرض ، وهذا العالم عاش للحظات بسيطة بعد أن تأهل للإفتاء فأفتى بهذه الفتوى ومات ، فلا يعرف إسمه غيرنا ، ومخطوطته عند بعض العلماء في جامعتنا لا يطّلع عليها إلا النوابغ من تلاميذنا ، وهذا بمثابة إجماع من هؤلاء ، فاتقيا الله ولا تُفتيا بغير علم !!

يا أخي : لا نعرف ما تقول ، فك عنا القيود ، فالعلماء الذين نعرفهم أجمعوا على أن العرض مقدّم في مثل هذه الظروف ، فاتقي الله وكف عنا هذا الهذيان ، فك قيودنا ودعنا ندافع عن عرض ابنة عمنا !!

إخوتي الأحبة : أنا درست في كلية الشريعة ، وتعلّمنا بأن حق الجوار عظيم لا يمكن تجاهله ، وقد أعطاهما أبي وولي نعمتي الأمان ، فكيف أسمح لكما بالنيل منهما !! راجعا أنفسكما ، وصححا معلوماتكما فإن شأن العهد والأمان في الدين عظيم ..

يا أخي : شأن الأمان عظيم ولكن ليس على حساب الدم والعرض ، نحن نتكلّم وابنة عمنا تتأوه .. اتقي الله وفك عنا القيود ..

قال الأخ ، وبكل برود : هذا يا إخواني في التفكير جمود .. الحق ما قال أبي وولي نعمتي .. أنا إن فككتكما فمن يدفع لي قسط سيارتي !!

أتفكر في السيارة في مثل هذه الظروف !! ألا تخاف الله !! أكاد أُجن .. أين الشريعة التي درستَها ، والعلم الذي تعلّمتَه !! عرضُك يا أخي يُستباح وأنت تفكر في أقساط السيارة يا "برغوث" !! فك عنا القيد يا "ديّيوث" ..

لا حول ولا قوة إلا بالله ، أتتهماني بالدياثة وأنا من أولياء الله !! ألم تتعلما حق العلماء ومكانتهم في الإسلام ، هذا نتاج من لم يدرس الشريعة في الجامعات ، يقلّب الصفحات ويقرأ من كتب السلف بلا مراجعات ، إتقوا الله واعلموا أنه وصّى بنا نحن معاشر العلماء ، وحذّر الشرع من فعلكما ، فعل السفهاء !!

لا يُعجزنا الرد عليك ، ولكننا لا نتحمّل صراخ ابنة عمنا ، فك عنا القيد وخذ من المكانة ما تريد ، فك عنا القيد يا أخي فهؤلاء لم يأتيا لابنة عمنا فقط ، بل جارتنا وأخواتنا ، ففك عنا قيدنا ..

سبحان الله ، هل تعلمان الغيب !! إتقوا الله ولا ترميا ضيوف أبي بهذه التُّهم ، فأبي لا يستضيف المجرمين !!

ماذا نقول !! ألا تسمع صراخ ابنة عمّك !! ابن عمّك يغوص في دمه ، وعمّك مكبّل في بيته وأنت تدافع عن ضيفيْ أبيك !! هل هذا معقول !! كنا والله نظن ان لك عقلاً !! الآن عرفنا مدى خوفك من قطع رزقك !! أتخشى أبي ، فالله احق أن تخشاه يا أخي ..

اتقي الله ..

اتقي الله ..

وفي هذه اللحظات سمع الإخوة صراخ جارتهم ، "جورج" و "طوني" ضيفا أبوهم دخلا بيت الجيران وهتكا عرض الجارة بعد أن قتلا زوجها وابنيها ..

ماذا تقول يا أخانا بعد أن سمعت ما سمعت !! ألا زلت تدافع عنهما ، وتقف في صف أبيك !!

لا أفعل أو أقول سيئاً حتى أُراجع أبي ، فهو ولي أمري ونعمتي ، انتظرا حتى أستشيره ثم أعود إليكما بالخبر اليقين !!

وعند ذهاب الأخ : هرب أحد الإخوة بعد أن فك قيده ..

رجع "الشيخ" ، وقال : أبي على سابق عهده ، يراعي حق الضيف ولا يسعه إلا إكرامهما على حسب أعرافنا وتقاليدنا الموروثة عن ديننا ، فهذا هو عين الحق الوصواب !! أين اخوك !!

لم يُجبه ..

رجع الأب إلى الغرفة ، وقال : ماذا تقول فيهما يا شيخ (وهو ينظر إلى ابنه الكبير) !! أين أخوه !!

لا أعلم يا أبي !!

ما تقول في هذا المخبول !!

أرى يا أبي أن يتوب إلى الله ويراجع نفسه ، فهو من أهل الجهل والتنطّع في الدين .. أرى يا أبي أن يُستتاب ويرجع إلى رشده بالنقاش والحوار الهادف ، ويجب يا أبي –كما روّع ضيفيك – أن يعلن توبته من هذا الجهل أمامهما ، وإن لم يفعل نمكن الضيفان من عرض أخواته أمام عينه ..

بارك الله لك وبارك في علمك يا بنيّ .. هلا تعلمت من أخيك يا جاهل ، هذا هو العلم لا ما أنت فيه من ضلال يا سافل ..

على ما استقر رأيك !!

تاب الأخ حفاظاً على عرض اخواته ، واستمر الضيفان في هتك عرض جاراته ، والأب لا زال يستضيفهما ، والأخ الشيخ نال قسط سيارته ، وباقي الإخوة في شغل عن كل هذا إلا الأخ الهارب الذي أخذ مكانه في القرية يتربص لضيوف أبيه والكل عنه يبحث وله طالب ، وأهل القرية قد تشتتوا للبحث عن الرزق في كل مكان .. والله المستعان ..


كتبه

حسين بن محمود
27 شوال 1424 هـ