عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 18-10-2006, 04:00 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (4)

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام (4)



من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد – لابن القيم الجوزية


فصل : ثبوت رمضان

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد كما صام بشهادة ابن عمر وصام مرة بشهادة أعرابي واعتمد على خبرهما ولم يكلفهما لفظ الشهادة .

فإن كان ذلك إخبارا فقد اكتفى في رمضان بخبر الواحد وإن كان شهادة فلم يكلف الشاهد لفظ الشهادة . فإن لم تكن رؤية ولا شهادة أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما .


حكم صوم يوم الغيم


وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صامه . ولم يكن يصوم يوم الإغمام ولا أمر به بل أمر بأن تكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غم وكان يفعل كذلك فهذا فعله وهذا أمره ولا يناقض هذا قوله : (فإن غم عليكم فاقدروا له) فإن القدر هو الحساب المقدر والمراد به الإكمال كما قال : (فأكملوا العدة) والمراد بالإكمال إكمال عدة الشهر الذي غم كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري : (فأكملوا عدة شعبان) .

وقال : (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة) . والذي أمر بإكمال عدته هو الشهر الذي يغم وهو عند صيامه وعند الفطر منه وأصرح من هذا قوله : (الشهر تسعة وعشرون فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة) .

وهذا راجع إلى أول الشهر بلفظه وإلى آخره بمعناه فلا يجوز إلغاء ما دل عليه لفظه واعتبار ما دل عليه من جهة المعنى . وقال: (الشهر ثلاثون والشهر تسعة وعشرون فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين) . وقال : (لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين) وقال : (لا تروها الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) .

وقالت عائشة رضي الله عنها : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤيته فإن غم عليه عد شعبان ثلاثين يوما ثم صام) صححه الدارقطني وابن حبان .

وقال : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين) . وقال : (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له) . وقال : (لا تقدموا رمضان وفي لفظ لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صياما فليصمه) .

والدليل على أن يوم الإغمام داخل في هذا النهي حديث ابن عباس يرفعه : (لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حالت دونه غمامة فأكملوا ثلاثين) ذكره ابن حبان في "صحيحه" . فهذا صريح في أن صوم يوم الإغمام من غير رؤية ولا إكمال ثلاثين صوما قبل رمضان .

وقال : (لا تقدموا الشهر إلا أن تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة) .

وقال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا) قال الترمذي: حديث حسن صحيح .

وفي النسائي : من حديث يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس يرفعه: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوما فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة عدة شعبان)

وقال سماك عن عكرمة: عن ابن عباس: تمارى الناس في رؤية هلال رمضان فقال بعضهم اليوم . وقال بعضهم غدا . فجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه رآه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال نعم . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فنادى في الناس صوموا" . ثم قال "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوما .

وكل هذه الأحاديث صحيحة فبعضها في "الصحيحين" وبعضها في "صحيح ابن حبان" والحاكم وغيرهما وإن كان قد أعل بعضها بما لا يقدح في صحة الاستدلال بمجموعها وتفسير بعضها ببعض واعتبار بعضها ببعض وكلها يصدق بعضها بعضا والمراد منها متفق عليه .


سرد المصنف لروايات من صام يوم الغيم

فإن قيل فإذا كان هذا هديه صلى الله عليه وسلم فكيف خالفه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص والحكم بن أيوب الغفاري وعائشة وأسماء ابنتا أبي بكر، وخالفه سالم بن عبد الله ومجاهد وطاووس وأبو عثمان النهدي ومطرف بن الشخير وميمون بن مهران وبكر بن عبد الله المزني وكيف خالفه إمام أهل الحديث والسنة أحمد بن حنبل ونحن نوجدكم أقوال هؤلاء مسندة؟ فأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الوليد بن مسلم: أخبرنا ثوبان عن أبيه عن مكحول أن "عمر بن الخطاب كان يصوم إذا كانت السماء في تلك الليلة مغيمة ويقول ليس هذا بالتقدم ولكنه التحري"

وأما الرواية عن علي رضي الله عنه فقال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين أن علي بن أبي طالب قال: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" .

وأما الرواية عن ابن عمر ففي كتاب عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن عمر قال: "كان إذا كان سحاب أصبح صائما وإن لم يكن سحاب أصبح مفطرا" وفي "الصحيحين" عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وإن غم عليكم فاقدروا له) .

زاد الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح عن نافع قال: (كان عبد الله إذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما يبعث من ينظر فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما) .

وأما الرواية عن أنس رضي الله عنه فقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال: "رأيت الهلال إما الظهر وإما قريبا منه فأفطر ناس من الناس فأتينا أنس بن مالك فأخبرناه برؤية الهلال وبإفطار من أفطر فقال هذا اليوم يكمل لي أحد وثلاثون يوما وذلك لأن الحكم بن أيوب أرسل إلي قبل صيام الناس إني صائم غدا فكرهت الخلاف عليه فصمت وأنا متم يومي هذا إلى الليل".

وأما الرواية عن معاوية فقال أحمد حدثنا المغيرة حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثني مكحول ويونس بن ميسرة بن حلبس أن معاوية بن أبي سفيان كان يقول: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" .

وأما الرواية عن عمرو بن العاص . فقال أحمد حدثنا زيد بن الحباب أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن: "عمرو بن العاص أنه كان يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان" .

وأما الرواية عن أبي هريرة فقال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن أبي مريم مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقول: "لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلي من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني" .

وأما الرواية عن عائشة رضي الله عنها فقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن خمير عن الرسول الذي أتى عائشة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال قالت عائشة: "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان" وأما الرواية عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فقال سعيد أيضا: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر قالت: "ما غم هلال رمضان إلا كانت أسماء متقدمة بيوم وتأمر بتقدمه" .

وقال أحمد: حدثنا روح بن عباد عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء أنها كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان .

وكل ما ذكرناه عن أحمد فمن مسائل الفضل بن زياد عنه . وقال في رواية الأثرم: إذا كان في السماء سحابة أو علة أصبح صائما وإن لم يكن في السماء علة أصبح مفطرا وكذلك نقل عنه ابناه صالح وعبد الله والمروزي والفضل بن زياد وغيرهم .

يتبــــــــــــــــــــــــــع

__________________