عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 09-11-2001, 12:30 AM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

ورد في مقدمة الموضوع ما نصه :

( غالبا ما يصادر الحاكم حريات المواطن بحجة أن ذلك من متن الإسلام وتعاليمه السمحة.. وهذه الممارسة تكاد أن تكون شائعة في كافة المجتمعات الإسلامية الراهنة.. فهل الإسلام فعلا يقيد الحريات..؟ ).

وأعقب على المقدمة والسؤال بما يلي :

لا يوجد على وجه الأرض دولة اسلامية منذ أن أسقطت الخلافة الاسلامية سنة 1924م . وإلى جانب أن الدول القائمة في العالم الاسلامي ليست دولا إسلامية فهي من صنع الغرب. بمعنى أنها لم تنبثق من إرادة شعوب العالم الاسلامي، وإنما هي منبثقة عن الوضع الاستعماري الذي رافق سقوط الخلافة الاسلامية وما تلاه. فالغرب الذي يؤمن بالديموقراطية والحريات هو السند الحقيقي الذي تستند إليه هذه الأنظمة سواء من حيث نشأتها أو من حيث استمرار وجودها. فكل ما يمكن أن يقال عن هذه الأنظمة وكل ما يمكن أن توصف به ليس المسؤول عنه الاسلام ولا المسلمين بل هو هذا الغرب عدو الاسلام والمسلمين. وكون الغرب الديموقراطي هو الأب الشرعي للديكتاتوريات الحاكمة في عالمنا الاسلامي ليس هو بالأمر المستغرب، فالغرب هو صانع الديكتاتوريات العسكرية في مناطق أخرى كثيرة في هذا العالم كأمريكا اللاتينية على سبيل المثال لا الحصر.
من هنا كان من الخطأ ربط بحث موقف الاسلام من الحريات أو من حرية التعبير بالوضع السياسي القائم في بلادنا، لأن وضع المسألة في هذا الاطار من شأنه أن يضع نتيجة البحث في غير موضعها الصحيح، فإذا قلنا لا يوجد حريات في الاسلام فستبدو الصورة كأننا نقول أن الوضع الحالي لأنظمة الحكم القائمة في منطقتنا يقره الاسلام أو أننا نعطي الشرعية لتصرفات الحاكم، وهذه الصورة قطعا صورة مغلوطة، لأن الاسلام يرفض الوضع القائم برمته. وأيضا لوقلنا أن ممارسات الحاكم القمعية لا يقرها الاسلام، فسيبدو الأمر وكأننا نقول أن الاسلام يقول بالحريات أو بالديموقراطية، وهذه أيضا صورة مغلوطة، لأن الاسلام يتناقض تناقضا تاما مع الديموقراطية ومع الحريات. فليست المسألة إما الوضع الراهن وإما الانتقال إلى الديموقراطية والحريات، ووضع المسألة بهذا الشكل هو من قبيل المغالطات لأنه يوجد وضع ثالث هو الاسلام، وهو غير مطبق في معترك الحياة ، وهو خيارنا الوحيد، لأنه وحده من عند الله تعالى، وما سواه من عند البشر، فهو وحده الحق وما سواه باطل.

وعليه فالصورة الصحيحة هي أن الاسلام لا يقر الديكتاتورية في الحكم كما لا يقر الديموقراطية ، إذ هو نظام فريد لا يشبه أي نظام، ولا يشبهه أي نظام. فليس المطلوب الابقاء على الوضع القائم، ولا المطلوب الانتقال إلى الديموقراطية والحريات العامة، وإنما المطلوب هو تغيير الوضع الحالي تغييرا جذريا على أساس الاسلام. وهذه الصورة لا يمكن أن نصل إليها من خلال بحث المسألة على الصعيد الذي تم وضعه من خلال مقدمة الموضوع. فالسؤال مبني على مقدمة مغلوطة، ما يعني أن الجواب أيا كان سيوضع في إطار صورة مغلوطة ليست هي الصورة الصحيحة عن حقيقة موقف الاسلام.

هذا من ناحية مقدمة السؤال، أما من ناحية السؤال نفسه والذي هو : فهل الإسلام فعلا يقيد الحريات..؟
فإن السؤال خطأ ، بل أنه يشتمل على مغالطة أيضا، أما المغالطة فذلك لأن صيغة السؤال تحتمل أن يجاب على السؤال بجوابين لا ثالث لهما، أحدهما أن الاسلام لا يقيد الحريات، وثانيهما أن الاسلام يقيد الحريات، ومفهوم الجواب الثاني هو أن الاسلام يوجد فيه حريات لكنه يقيدها، فكلا الجوابين بحسب صيغة السؤال يتضمنان القول بأن الاسلام فيه حريات. وأما أن هذا خطأ فذلك لأن الاسلام إما انه يقر الحريات أو أنه يرفضها، لأن الحرية إذا قيدت انتهى وجودها، فالحرية تعني رفض القيود، فإذا وضعت قيود على تصرفات الانسان لم يكن له حرية شخصية، كما لا يكون هناك حرية عقيدة أو حرية رأي أو حرية تملك إذا وضعت قيود على العقيدة والرأي والتملك. فالصواب أن يطرح السؤال كالآتي : ما هو موقف الاسلام من الحريات ؟ هل يقرها أم يرفضها ؟

يتبع بإذن الله تعالى
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله