عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-12-2006, 06:48 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الوحدة : نحو تعريف أبسط !

الخلط و الأفكار الوحدوية

اتخذت شرائح واسعة من المثقفين مواقف متذبذبة من موضوع الوحدة، وكان للخلط الثقافي الذي اجتاح المنطقة خلال ما يزيد على القرن، الأثر الأكبر، وبالذات تلك الأفكار المتعلقة بالشيوعية والاشتراكية، فكانت ردود الفعل تتفاوت بين محارب لها من باب وحدة النضال العالمي (حسب رأي الشيوعيين) ومنها ما يتعلق بوحدة نضال المسلمين (حسب رأي الإسلاميين) .. كما استغل ردود الفعل تلك جهات لا تفكر بالوحدة لا القومية ولا الإسلامية ولا الأممية ..

وعلينا هنا أن نحاول تسليط الضوء على اللبس الثقافي في موضوع الوحدة من خلال ربطها بمجموعة من المفاهيم التي ألصقت بها من باب الظن الحسن أو الظن السيئ، وسواء كانت حقيقية أو من باب الافتراء ..

أولا: هل الوحدة مشروطة بالاشتراكية ؟

حسب التعريف المبسط الذي أوردناه، لن تكون الوحدة مشروطة بالاشتراكية وليست ضدها ـ بطبيعة الحال ـ فتطبيق النظام الرأسمالي أو الاشتراكي شيء والوحدة شيء آخر. فالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرهما الكثير من دول العالم ذات النظام الرأسمالي وموَحدة و تحافظ على وحدتها، كذلك هناك دول ذات نظم اشتراكية تحافظ على وحدة بلادها كالصين والاتحاد السوفييتي (سابقا) ويوغسلافيا وغيرها .. فلا علاقة للوحدة بطبيعة النظام.

ثانيا: هل الوحدة مشروطة بالديمقراطية ؟

يظن البعض أن الوحدة تأتي مع وضع ديمقراطي ويتذكرون توجه الفرنسيين والأمريكان نتيجة نمو الشعور الديمقراطي بعد كتابات مونتسكيو وفولتير وجان جاك روسو وغيرهم التي تزامنت مع وحدة فرنسا وتحقق الثورة الفرنسية. ولكن ليس هناك علاقة بين طبيعة النظام ديمقراطيا كان أم ديكتاتوريا، فلا علاقة لذلك مع موضوع الوحدة، ألم يوصف النظام السوفييتي والصيني وغيره من الأنظمة على أنها نظم شمولية ( ديكتاتورية) .. وكانت وحدة بلادها قائمة؟

ثالثا: هل الوحدة مشروطة بشكل النظام ملكي أم جمهوري؟

كما ناقشنا الثنائيات السابقة يمكن أن نناقش تلك المسألة، فليس هناك علاقة بين شكل الحكم وموضوع الوحدة، فماليزيا وبريطانيا و غيرها نظم ملكية اتحادية، كما أن هناك الكثير من جمهوريات العالم تصون وحدتها .

رابعا: الديانة والمذهب

إن التوجه للوحدة أو صيانة الوحدة ليس له علاقة بالدين أو المذهب، ففي الهند هناك ما يزيد على المائة ديانة ومع ذلك يحرص أبناء تلك الديانات على صيانة وحدة بلادهم، وهذا الكلام يقال عن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والكثير من دول العالم المتحدة ..

خامسا: القومية واللغة

ليس هناك دولة في العالم تخلو من تعدد القوميات، وتتعدد بها اللغات أو اللهجات، وتكاد منطقتنا العربية تكون أقل اختلافا من الهند أو الولايات المتحدة أو جنوب إفريقيا أو إيران أو أفغانستان، ومع ذلك فإن التوجه نحو الوحدة عند أبناء أمتنا يصطدم باعتراضات متعددة يلتقي فعلها مع أصداء مَطالِب استعمارية مشبوهة.

سادسا: هل الوحدة مشروطة بالتقدمية أو الرجعية

لا تختلف محاكمة تلك النقطة عن سابقاتها.. ونحن إذ نناقش تلك المسألة لا يعني أننا ليس معنيين بموضوع الديمقراطية أو شكل النظام أو نمط الحكم، لكننا نحاول الإشارة لمطلب الوحدة كونه مطلب يمكن تكييفه مع مختلف أصناف المثقفين واعتقاداتهم الفكرية، كمطلب قد يتفقون عليه جميعا. ونحن إذ نضع تلك النقاط بشكلها المختصر بشدة، إنما نرغب في تليين نقاط الخلاف التي دأب على إثارتها أبناء الأمة طوال قرن كامل، وحين يوضع مطلب الوحدة أمامهم فإن ليس هناك من يقول منهم أنه ضد الوحدة.

استنتاجات:

1 ـ يجب على كل المثقفين دعم أي توجه وحدوي يقود الى وحدة دولتين أو أكثر من البلدان العربية دون تردد .. فإن قيل لنا ما رأيك بوحدة تونس مع ليبيا؟ علينا الإجابة بالقبول فورا والتأييد وإشاعة الأجواء المساندة لمثل ذلك التوجه.

2ـ يجب على كل المثقفين الابتعاد عن إثارة ما يخص الخلاف داخل القطر الواحد من شأنه أن يعمق فكرة الانفصال، كموضوع الصحراء الغربية، حيث لن يكون من المفرح أن تزداد أعداد دولنا عما هي عليه ونحن نسعى لتصليب التوجه نحو الوحدة.. وهذا يقال عن جمهورية الصومال وجمهورية أرض الصومال أو ما يجري حاليا من دعوات مشبوهة لتقسيم العراق، أو دس الأنف بما يجري بين الفصائل اللبنانية أو الفلسطينية بقصد تقوية طرف ضد آخر.

3ـ عدم الاستهتار وتسفيه أي توجه أو أسلوب من شأنه لم الشمل وتصعيد التوجه نحو الوحدة، كالغمز بدور الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي، أو اتحادات النقابات المهنية كاتحاد المحامين العرب والأطباء العرب وغيرها من الأشكال السائدة .. بل دفع تلك الأشكال الوحدوية المتواضعة لتصعيد أدائها في التوجه نحو خدمة الهدف الوحدوي الأسمى.

يتبع
__________________
ابن حوران