عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 12-05-2007, 07:22 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله أخي الفاضل قلب الأسد 1425

أرحب بطرحك الحصيف والهادئ .. وسأدخل بتناول ملاحظاتك على الفور:
تفضلتم بالقول : يقال ان هناك مشروع اسلامي بدأ يلوح في الافق وان هذا المشروع قائم على أساس شعبي لا علاقه للحكومات به..
إن هذا المشروع ليس وليد الساعة، بل بدأ منذ العهد الراشدي، وبلغ ذروته أيام الشافعي رضوان الله عليه عندما أطلق مقولته الشهيرة (لا يصلح أمر هذه الأمة إلا كما صلح أولها) واستمرت مظاهر عدم الرضا ابتداء من سقيفة بني ساعدة الى يومنا هذا .. وهو أمر ليس بالسوء كما يتصور البعض، بل يطلق طاقات العقل و يغذي التنافس في البحث عن طرائق تؤمن رضا الله بالأول وتوفر الأمن والسلام والحياة الكريمة للمواطن .. وهذه المحاور أينما وكيفنا توفرت، توفر معها العدل والقوة والرفعة للدولة بغض النظر عن اسمها وعن حجمها وعن طريقة تداول السلطة فيها، سواء كان الحاكم خليفة أو ملك أو أمير أو رئيس جمهورية ..

لكن من يتفحص التاريخ، لا يقر بأن هناك أزمة عقائدية في الأمة، فالخلافات كانت ذات طابع سياسي بحت، فقد اقتتل الصحابة وقسم منهم مبشر بالجنة، ولم يكن الخلاف بينهم عقائديا، وأنا من الذين لا يحبون نبش الماضي .. فهو ماضي أجدادنا ومردهم الى الله فيحكم بينهم .. فإن ذكرنا عيوب حكمهم عادت مساوئها علينا .. فأمجادهم ورثناها ولا بد أن نرث أخطائهم كذلك، لا لنرميهم بها (حاشا لله) بل لنتجنب الوقوع في مثلها ..

ونحن إذ نتلقى خطابات مثل (الإسلام هو الحل) .. فكأن من يطلقها يعني فيها قوما وثنيين لا يؤمنون بالله .. ولو فتشت بين هؤلاء الدعاة لوجدت الخلاف فيما بين مذاهبهم يفوق الخلاف بيننا وبينهم ..

وهم يأخذون علينا أننا جربنا منهجنا وفشل .. لقد كانوا يراهنوا على فشله قبل إعلان الفشل الرسمي للمشروع (هذا إن فشل) ويحاكمون مشروعا لم يمض عليه سوى عقود قليلة .. وينسون أن قرونا طويلة سبقت حكم القوميين، وكان الفشل السمة العامة لمعظمها، هذا إذا استثنينا القرنين ونصف الأوليات، منذ الحكم الراشدي الى حكم المتوكل العباسي ..

نحن لا ننطلق من نزعة قومية شوفينية عنصرية ونقدمها على الدين، وهذا مفهوم يتعمد أعداءنا أن يلصقونه بنا .. فلا يجوز مقارنة النخيل بطائرة النقل، فالمقارنة تجري بين شيئين متقاربين .. نحن نناقش فكرة تناقل السلطة لأقوام تعيش في بقاع متجاورة تتكلم بلغة مفهومة فيما بينها ويدين الأغلبية الساحقة من مواطنيها بالدين الإسلامي الذي تحتل مفرداته في أدق تفاصيل الحياة بما فيها القوانين ..

أرأيت أخوين مسلمين يعيشان في دار واحدة، ولاحظ أحدهما أن أخاه تجاوز حدوده الأخلاقية تجاه زوجته، أيسكت له بحجة الأخوة في الدين وهو أخ له من أم و أب ؟ هذه حالنا تجاه من حاول إسقاط اعتبارنا كأمة وهذا حالنا في رفض احتلال الأتراك للإسكندرونة، واحتلال إيران لإقليم الأحواز والجزر العربية الثلاث والأطماع المتكررة تجاه العراق .. والتدخل بشؤونه .. أوليست الأرض كالعرض؟
عندما يلجأ الغرب والأعداء لتسمية منطقتنا بإقليم الشرق الأوسط، تجنبا لذكر الوطن العربي والأمة العربية، ولزج أقوام عدوة بيننا و قبولها .. فإن دعوات الأمة الإسلامية تلتقي هي الأخرى مع دعوات الأعداء .. ولو بحسن نية ..

إن هناك أمما إسلامية وليست أمة إسلامية.. فكيف لنا أن نوظف خمس سكان الهند (200 مليون) مسلم في قضايانا و ثلثي سكان نيجيريا والسنغال وأمما أخرى كأهل إندونيسيا و تركيا وإيران وغيرهم، ولهم من القوانين والأهداف والمسارات ما يختلف عنا ؟

دعنا نبحث عن نقاط التقاء توحد أمتنا العربية وتجعل منها أمة واحدة قوية يسودها القانون والعدل، عندها ستجد كل المسلمين يلتفون حولها، فجاذبية القوي أكثر من جاذبية الضعيف.. فكيف لنا نتناسى قوتنا ونحن حملة الرسالة الخالدة، ولسان تلك الرسالة هو لساننا، فإن ضعفت اللغة صعب تفسير القرآن وفهمه، وإن كان ربنا عز وجل قد طمأننا (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) الحجر9 ..

على أي حال فهناك تنسيق قوي بين معظم التيارات السياسية سواء كانت تلك الإسلامية أو القومية أو غيرها .. إن الهند وجنوب إفريقيا لم تتخلص من مشاكلها إلا عندما توحدت كل أحزابها وفصائلها في فصيل واحد هو (المؤتمر الوطني) سواء في الهند أو جنوب إفريقيا ..

أشكرك على هدوءك في الطرح .. وأستميحك عذرا للإطالة في الرد
__________________
ابن حوران