عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 23-01-2005, 04:14 AM
الحافي الحافي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2004
الإقامة: أطهر أرض و (أنجس) شعب
المشاركات: 639
إفتراضي

قال شقيق البلخي : ( من يرى ثواب الشدة لا يشتهي الخروج منها ، والله عز وجل شرع الجهاد تكملة لشرائع الدين ورفع منزلته عالياً حتى ارى في ذروة التكليف الرباني ، وجعل فيه شدة و بلاء تكرهه النفوس وتجبن عنده الطباع ، ثم حببه وقربه من جوهر الإيمان ومكنون التوحيد ، فلا يطلبه إلا صادق الإيمان قوي البرهان :
{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } .

فحقيقة الجهاد .. قائمة على صقل النفس وتجريدها لربها وخالقها بفعل أوامره ، والإقدام على وعوده ، وهذا لا يكون إلا إذا حـُف هذا الطريق بالشدائد والمحن ؛ ولهذا يقول الله عز وجل :
{ ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم }

ويقول : { ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد } قال ابن كثير في تفسير هذه الآية :
( أي لابد أن يعقد شيئا من المحنة يظهر فيه وليه ، ويفضح فيه عدوه ، يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر ، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين ، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم ، وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
وهتك به أستار المنافقين فظهرت مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد ، وخيانتهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

وتأملوا يا عباد الله قوله سبحانه تعالى :{ ومنهم من يعبد الله على حرف فإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة } .

روى البغوي في التفسير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ( أن الرجل من الأعراب كان يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولد له بعد الإسلام غلام وتناسل فيه وكثر ماله ، قال هذا دين حسن ، هذا دين جيد ، فآمن وثبت ؛ أما إذا لم يولد له غلام ولم يتكاثر خيله ، ولم يكثر ماله ، وأصابه قحط أو جدب قال هذا دين سيئ ، ثم خرج من دينه وتركه على كفره وعناده ) .

يقول سيد – رحمه الله – : ( فلا بد من تربية النفوس بالبلاء ومن امتحان التصميم على معركة الحق بالمخاوف والشدائد
وبالجوع ونقص الأموال والأنفس الثمرات ، لابد من هذا البلاء ليؤدي المؤمنون تكاليف العقيدة كي تقر على نفوسهم بمقدار ما أدوا في سبيلها من تكاليف لا يعُز عليهم التخلي عنها عند الصدمة الأولى ، فالتكاليف هنا هي الثمن النفيس الذي تعز به العقيدة في نفوس أهلها قبل أن تعز في نفوس الآخرين ، وكلما تألموا في سبيلها وكلما بذلوا من أجلها كانت أعز عيهم وكانوا أحق بها ، كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها إلا حين يرون ابتلاء أهلها وصبرهم على بلائها ولا بد من البلاء كذلك ، فالشدائد تستجيش مكنون القوى ، ومذخور الطاقة ، وتفتح في القلوب منافذ ومسارب ما كان يعلمها المؤمن إلا تحت مطارق الشدائد ) انتهى كلامه رحمه الله .

سئل الشافعي – رحمه الله – ( أيهما خير للمؤمن أن يبتلى أم يمكن ؟ فقال ويحك !!وهل يكون تمكين إلا بعد بلاء ) .

وعن صفوان بن عمر أنه قال : ( كنت والياً على حمص فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو ، فقلت : يا عم لقد أعذر الله إليك ، فرفع حاجبيه فقال : يابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالا ، ألا من يحبه الله يبتليه ).

صبراً على شدة الأيام إن لها *** عقبى وما الصبر إلا عند ذي حسب

سيفتــح الله عن قـرب يعقبــه *** فيـها لمثـلك راحات مـن التـعب

ويقول سيد - رحمه الله - : ( إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف ، وأمانة ذات أعباء ، وجهاد يحتاج إلى صبر ، وجهد يحتاج إلى احتمال ، فلا يكفي أن يقول الناس " آمنا " وهم يتركون لهذه الدعوى ؛ حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم ، خالصة قلوبهم ؛ كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به ، وهذا هو أصل الكلمة اللغوي ، وله دلالته وظله وإيحائه ، وكذلك تصنع الفتنة في القلوب هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت
وسنة جارية في ميزان الله سبحانه :
{ ولقد فتنا الذين من قبلكم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }
وإن الإيمان أمانة الله في الأرض لا يحملها إلا من هم لها أهل ، وفيهم على حملها قدرة ، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص ، وإلا الذين يؤثرون على الراحة والدعة وعلى الأمن والسلامة وعلى المتاع والإغرا ، وإنها لأمانة الخلافة في الأرض ، وقيادة الناس إلى طريق الله وتحقيق كلمته في عالم الحياة فهي أمانة كريمة ، وهي أمانة ثقيلة ، وهي من أمر الله يضطلع بها الناس ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء ) انتهى كلامه رحمه الله .

فإن على الفئة المقاتلة التي سلكت الجهاد في سبيل الله أن تعي طبيعة المعركة ومتطلباتها نحو هدفها المتشود وطريقها الذي لابد أن يعبد بدماء الصالحين من أبنائها ، وأن تدرك أن هذا الطريق فيه فقد للأحباب ، وترك للخلان والأوطان ؛ كما قاسى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم خير الخلق بعد الأنبياء مرارة الهجرة وفقد المال والأهل والدار كله في سبيل الله ..

فأين نحن منهم ..

وما على هذه الفئة إلا أن تصبر في طريقها الذي سلكته ، وأن تحتسب ما قد يقع لها من فقد بعض القيادات والأقران ، وأن تمضي على دربهم وتعلم أن هذه سنة الله عز وجل ، وأن الله يصطفي من هذه الأمة من عباده الصالحين ، وألا تتعجل النصر فإن وعد الله آت لا محالة ، وينبغي أن يعلم المسلم أن اتباع الحق والصبر عليه هو أقصر طريق إلى النصر وإن طال الطريق وكثرت عقباته وقل سالكوه ، وأن الحيدة عن الحق لا تأتي إلا بالخذلان وإن سهل طريقها وظن سالكه قرب الظفر فإنما هي أوهام .

قال تعالى :
{ وأن هذا سراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون }

هذا هو الجهاد ..

قمة .. وثمرة .. يأتي بعد صبر طويل ومكوث مديد في ارض المعركة انتظاراً لجلب الأعداء واصطباراً لشرورهم مكوث يستمر شهور ونوات متتالية .

وإن لم تتجرع هذه الآلام لن يفتح الله عليك بالنصر لأن النصر مع الصبر ، وقد قال شيخ الإسلام :

( إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين ) .

إن مفاهيم الحق وصدق العقيدة والتوحيد تبقى دُمى في عالم الأشباح لا تجري فيها روح الحياة إلا إذا حملها أناس صادقون صابرون يتحملون تبعات هذا الطريق و لأوائه و يستعذبون التعب والنصب لا يرضون إلا بالموت على أرض الواقع تطبيقاً عملياً لا كما يتمنى البعض هذه المفاهيم ويزركشونها ضمن قوالب نظرية فلسفية ، وخطب رنانة بعيدة عن روح العمل والصدق والتنفيذ .

وإن الإسلام اليوم بأمس الحاجة إلى رجال صادقين صابرين ينزعون إلى الجد ويستعذبون التعب ويرتاحون بالنصب
فيترجمون بصمت متطلبات المرحلة رجال النفوس الصادقة والهمم العالية والعزائم القوية ، التي لا تعرف إلا سمت التلقي للتنفيذ فتأبى أن يعقدها الكلل ، أو يدركها الملل ، أو تنفق آمالها في المراء والجدال ، فشمر عن ساعد الجد والعمل واصبر على لأواء الطريق ووعورته فقد قيل :

( قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ، وللكل نعمة شكرا ، ومن لم يعلم أن مع العسر يسرا )

يا ويح نفسي وما ارتفعت بنا همم *** إلى الجنان وتالي القوم أواب
إلى كواعب للأطراف قاصرة *** وظل طوبى وعطر الشدو ينساب
إلى قناديل ذهب علقت شرفاً *** بعرش ربي لمن قتلوا وما غابوا
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .


ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969