الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #73  
قديم 06-04-2004, 09:23 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

هل يحبها؟

أغمض نواف عينه بألم.. وتعلقت دمعة في أهدابه سمح لها بالنزول.. إلا أنه ندم على قراره فمسحها بسرعه.. نظر إلى الورقة التي كتبها.. ردد ما كتب عليها: سأظل أحبك ما امتدت بي الحياة..
أطلق تنهيدة مرة ثم قال: سأظل أحبك يا روز.. سأظل أحبك..
ابتسم ثم وضع الورقه في محفظته.. حيث يضع الأوراق المهمه وبطاقات العمل..
وقف نواف واستدار إلى باب حجرته..فتحه وخرج..
وفي طريقه إلى الخارج واجه والدته.. سألته: بني.. إلى أين أنت ذاهب الآن؟
بحث عن اجابه ولم يجد فأجابها: سأخرج أتمشى قليلا بالسياره.. أتريدين شيئا يا أمي؟
- لا يا بني..
- إلى اللقاء يا أمي
- بحفظ الله يا نواف..
أكمل طريقه باتجاه الباب الخارجي إلا أن والدته قالت: نواف..
التفت إليها وقال: أجل يا أمي..
- انتبه على نفسك.. وقد بحذر.. وإن أحسست أنك متضايق.. أوقف السياره.. لإنك إن استغنيت عن عمرك.. فلم نفعل أنا وزوجتك..
اغتصب نواف الابتسامه وقال: حسنا يا أمي.. بأمرك سأفعل..
وبخطى سريعه فتح الباب وخرج.. ركب سيارته.. وبعد ثوان انطلق إلى حيث لا يعرف..
هكذا واجه نواف الموقف.. بالهرب.. لا يدري من ماذا يهرب.. من واقعه.. من زواجه المقرر بعد أيام.. من عيني والدته المحاصره.. أم من تهاني أخواته والجميع.. أم أنه يهرب من الجرح الذي سببه لمن يحب في وقت وعدها ألا يسبب لها الجرح أبدا؟؟ من ماذا يهرب؟ من دموع محبوبته؟ من فراقها؟ أم أنه يهرب من حياته الجديده؟
لا يدري من ماذا يهرب.. ولكنه هارب.. إنما إلى أين؟؟ وإلام يطول هروبه؟
نواف هرب.. ولكن أنا؟؟ ماذا أفعل أنا؟ أ أهرب أنا الأخرى؟ولكن إلى أين؟ لم أعتد الهرب.. لذا.. سأواجه الوضع.. وكيف أواجهه؟ لا سلاح لدي سوى الدموع.. فها أنا أذرف الدموع..
رميت نفسي على سريري أبكي وأبكي.. أنتحب بقوة.. يرتجف جسمي من البكاء.. لم أبك بهذه الطريقة من قبل..حتى يوم وفاة والدي.. بلى بكيت على أبي حتى دمت عيناي.. ولكني أبكي بمرارة أكثر الآن.. لأن أبي مات وانتقل إلى رحمة الله.. بينما نواف.. نواف تخلى عني.. بإرادته وحتى وإن كان غصبا عليه.. ولكنه موجود.. حي يرزق.. قد أراه يوما يسير في طريق أسير في.. قد أسمع خبرا عنه.. وذلك ما يقتلني.. ويجري مدامعي..
أحسست وكأن قلبي سيتوقف وأن عيني.. مسكينة عيني.. فلقد جفت من الدموع.. وأبت أن تسيل.. لحظتها لم أشعر بنفسي.. فلقد صعب على النوم حالي.. فأخذني إلى عالمه.. عالم ألطف وأرق من هذا العالم بأسره.. أمسك بيدي ورحلنا.. أغمض أهدابي بيديه ودعاني لمشاهدة عالم آخر ومن مكان آخر.. ليس بعينين مفتوحتين.. وإنما بعينين مغمضتين.. استغربت ذلك فسألته:كيف أرى وأنا مغمضة العينين؟؟
فأخبرني أن ذلك عالم أجمل.. لا حزن فيه ولا شقاء.. سألني أن أجرب.. أختبر ذلك الشعور.. وإن لم يعجبني.. فلأفتح عيني.. وأعود لعالم الواقع..العالم البارد الأجوف.. القاسي المر..
بدا عرضه مغر جدا.. فقلت لم لا أجرب؟؟ قبلت به.. واستسلمت للنوم..ونمت.. وبالفعل رأيت ذلك العالم الساحر.. عالم رقيق عذب.. لا ذكر فيه لفراق ولا أحزان.. آه يا الهي.. لكم أتمنى أن أظل بهذا العالم دائما.. لا أتركه..
كان السيد نعاس معي دائما.. ترافقنا السيدة حلم.. سرنا في كل مكان.. يمنة ويسرى.. نظرنا في كل الإتجاهات.. واستمتعنا بوقتنا ما استطعنا..
ركضت حتى تعبت فتوقفت.. سرت بين الزهور اليانعه الغضه.. أقطف هذه وأشم تلك وأسحر بعبير أخرى..
جلست وصنعت للسيدة حلم طوق من الأزهار وضعته على رأسها..وقطفت وردة جميلة للسيد نعاس وأعطيتها له..
أخذ السيد نعاس يهزني ويقول: روز.. اصحي.. ألن تذهبي لبيت خالتي؟ هيا اصحي يا روز..
نظرت إليه باستغرب ولكنه لم يتوقف بل ظل يهزني ويقول: روز أيتها الغبيه انهضي.. هيا انهضي.. سأذهب عنك إن لم تصحي..
قلت له: ما الذي غيرك؟ أصبحت كأخي فهد!
أخي فهد؟؟ فتحت عيني فوجدت أمامي أخي فهد.. علمت حينها أنه لم يكن السيد نعاس هو المتحدث.. إنما المزعج فهد..دخل إلى حلمي وأفسده.. نظرت إليه بغضب وقلت:فهد ماذا تريد؟
أجابني بعصبيه: ماذا أريد؟؟ عشرة دقائق وأنا أحاول أن أحثك على النهوض ثم بعدها تقولين لي ماذا أريد؟؟
ببرود رددت: أجل ماذا تريد؟
- انهضي!
- لا أريد..
- انهضي سأذهب لبيت خالتي.. سنغادر اليوم أنا ونوره..
نهضت بسرعه وقلت بحزن بالغ: اليوم؟؟ لماذا يا فهد؟ قلت بالأمس أنكم ستمكثون أربعة أيام.. فلم تغادرون؟
- ظروف العمل يا روز.. هيا لا تضيعي اوقت ودعينا نذهب..
تركت الفراش بسرعة واتجهت إلى المرآة سرحت شعري بأصابعي بسرعة ومسحت آثار الكحل السائل تحت عيني من البكاء وقلت لفهد:هيا نذهب!
نظر إلي وانفجر ضاحكا.. قال لي: روز أيتها الغبيه.. هل ستذهبين هكذا؟اذهبي واغتسلي..
أجبت: أجل صحيح.. سأذهب الآن..ولكن لا تذهب عني.. أقسم لك أني لن أتأخر..
دخلت الحمام بسرعة وقلت له:فهد..لا تذهب..
قال ضاحكا: حسنا حسنا..ولكن لا تتأخري..
أجبت والصابون يملأ وجهي:حسنا.. أي.. دخل الصابون بعيني..
تمتم فهد قائلا: ويحك يا روز.. أشك بأنك كاملة العقل..
خرج وصاح: روز..سأنتظرك بالسيارة..
ذهب فهد وانتظرني بالأسفل.. وأنا لم أطل الاغتسال..ربع ساعة وكنت بالأسفل..أحمل حجابي على يدي وألبس حقبتي على كتفي وأهبط درجات السلم بسرعه..بنما فهد كان جالسا يقرأ صحيفة اليوم.. نظرت إليه وقلت: أنت تقرأ الصحيفة وكأن لديك اليوم كله وتعجلني أنا؟
أغلق الصحيفة ووضعها جانبا ثم قال: هل أنتهيت؟
- وما رأيك أنت؟ أكيد أني انتهيت هيا لنذهب..
- هيا..
خرجنا من المنزل.. ركبنا السيارة واتجهنا لبيت خالتي..


يتبع...
الرد مع إقتباس