[النسري]

أخوتي في الله لا بد أنكم عرفتم سلفاً أنني سوف أتحدث اليوم عن بقعة جميلة جداً من الأردن الجميل ألا وهي وادي رم ... إن وادي رم ذو الجمال الطبيعي الفاتن يلخص رومانسية الصحراء بأوديتها القديمة الشبيهة بسطح القمر والتلال الرملية التي ترتفع فوق الأرض. وعلاوة على ذلك فوادي رم يعتبر مسكنا للعديد من القبائل البدوية التي تعيش في خيمات متناثرة في المنطقة. وينجذب متسلقوا الجبال بصورة خاصة إلى وادي رم بسبب العديد من الجروف المكونة من الجرانيت والصخر الرملي، فيما يستمتع المتنزهون بمساحاته الشاسعة هذا وان وادي رم معروف للجميع وذلك نتيجة للعلاقة التي تربطه بالضابط البريطاني المبهم تي. إي. لورنس الذي استقر به المقام هنا خلال فترة الثورة العربية الكبرى (1917-1918). ولقد صورت العديد من مشاهد فيلم ديفيد لين الذي يحمل العنوان (لورنس العرب) في وادي رم.

الطبيعة أعظم ــ حقاً ــ من الفن، ربما قالها بيكاسو من قبل وربما نطق بها كبار المهندسين المعماريين ، فهذا فراغ بين جبلين كما لو أن سكاكين كثيرة اشتغلت علي الجدران، لو حاول مليون فنان صناعة جزء واحد من هذه (الخربشة) العجائبية لما تمكنوا من تحقيق (حلم) كهذا، وأعني بذلك (جبل الشيكولاتة) في وادي رم، ذلك أن الحجر يشبه السائل الناري الذي نراه في الحمم البركانية الغاضبة، هناك فوهات وشبابيك وأبواب وطياّت حجارة تميل علي أجساد نائمة، حيوانات برؤوس جبلية وانتفاخات في بطن الجبل وعند رأسه وتحت حاجبيه .. هل ثمة بطن ورأس وحاجبان للجبال؟! نعم، في منطقة (الخزعلي) يمكن أن تري ذلك كله، وأكثر .. ربما كانت تلك أول مرة أري فيها جبلاً خطّ عليه ما يشبه الحروف السومرية والفرعونية وكلها تبكي بدموع من حجر.