عرّافة الكهف
((نقلا عن العزيز يتيم الشعر،عسى أن يتحفنا بقصائد أخرى للشاعر))
قصيدة ( عرَّافة الكهف ) للشاعر اليمني الراحل
/ عبد الله البردُّوني
من ديوان [ جَوَّاب العصور ] ..
========== عـرّافة الكـهـف =============
يا آخر الليل ، يا بدء الذي ياتي
هل سوف تصحو التي ، أم تهجع اللاتي ؟
أسْحَرتَ في منكبَيْ سهلٍ يُساكنني
عظمي ، أتصغي إلى أسمار جدَّاتي ؟
رفقاً بلمس حصاه ، إنها حُرَقي
و تلك أعشابه الكحلى بُنَيَّاتي
أما بخدَّيك من أنفاسه قُبَلٌ
كنبْسِ أمي ، تحاكي بدء لثغاتي ؟
***
في غور عينيك بدءٌ لا ابتداء له
خذني أمُتْ فيه ، بحثاً عن براىتي
عن ريشِ أولِ عصفورٍ هناك زَقا
وشمَّ منقاره مولاة مولاتي
عليك عِمَّة قنَّاتٍ تهشُّ بها
وفي ردائك ضاحٍ غير قَنَّاتِ
***
هذا الهشيم الذي قيل اسمه شبحي
تدري لماذا يُمنِّيني بإنباتِ ؟
وبانبلاج شروقي خالعاً زمني
وتحت إبطي كتابٌ عن بداياتي
ناديتُ صُبحاً يلي صبحاً هنا وهنا
ظلَّتْ تلبِّي نداءاتي ، نداءاتي
***
يا آخر الليل لو ناديتَ مقبرةً
قالتْ : هناك انتبِذْ أقلقتَ أمواتي
لأن بيتَ أحبَّائي يُقوِّلني
القحط يمتدُّ من قُوتي إلى قاتي
هذي يدي أوشكتْ تنسى طريق فمي
أصيحُ يصخبُ شيءٌ غير أصواتي
***
ألستَ يا الشفق الثاني تحسُّ معي
طفولة ابن الندى ، إحدى حبيباتي
تلوح غير الذي بالأمس مرَّ وما
قال السَّنا : مَرَّ صبحٌ أو دُجى شاتي
***
كان المكان زمانياً بلا زمنٍ
قال الفراغ : هنا أهلي وأبياتي
مَن ذا هنا يا سهيلٌ قال : أين أنا
مَن يا ضُحى قال : مَن ذا احتاز مرآتي ؟
أما تلمَّحتَ حيناً ما لمستُ أنا ؟
بل ضعتُ بين التفافاتي ولفَّاتي
***
هل أنتَ منكَ ستأتي ؟ لو ملكتَ يدي
لكي أصوغ قُبيل البدء ميقاتي
أحلى الثواني التي تحدوك حُمرتها
لها احمراري ، وللأخرى صباباتي
***
تَرى أيُعييك مثلي حملُ جمجمتي ؟
هل في طواياك نيَّاتٌ كنيَّاتي ؟
يقال : بيتاك في إبطَيْ دجىً و ضحىً
بيتي الذي سوف أبني هادمٌ ذاتي
وأين تبني ؟ وهل في الأرض زاويةٌ
إلا وأصبى خباياها صديقاتي ؟
***
ماذا تغمغمُ كالنهر الجريح ؟ متى
ستنفثُ الكَبتَ ؟ كي أجتاز كبَّاتي
قُل أيَّ شيءٍ ، ولكن لا تقُل كأبي :
دعني فلا ناقتي فيها ولا شاتي
هل في لسانكَ أم في مسمعي حجرٌ
أمْ ترجَمَ الصمتُ إنصاتي لإنصاتي ؟
كم قيل أفصحَ صبحٌ وانجلتْ شُبهٌ
يكفيك عصيان قلبي أمرَ إسكاتي
***
عرَّافةَ الكهفِ قالت : لي مفاجأةٌ
قلتُ : اهبطي ، وخذيني الآن أو هاتي
على اسمها بِتُّ أطهو نجمةً لغدي
ماذا سأفعل لو أنهيتُ مأساتي
***
اليوم يا ابني توافي كلُّ ثانيةٍ
بعكس ما بشَّرت قلبي نُبوَّاتي
قبل التوقُّعِ ينصبُّ الوقوع ، ولا
تحسُّ أهْوَ رَذاذٌ أم لظى عاتي
***
يا أول الصبح ، لي عند الضحى خبرٌ
وأخرياتُ الدجى برهان إثباتي
عرَّافةُ الكهف قالت : كلُّ آتيةٍ
تمضي ، وتأتي ولا تمضي خرافاتي
كالبحر يأتي إليه منه مرتحلاً
فيهِ ، كذا تحمل السبَّاح موجاتي
***
والآن ماذا ؟ تزوَّج أم والدتي
جدَّاتُ جدَّاتها الخمسون زوجاتي
والآن يا يومُ ، ها أنت انتصفتَ فهلْ
خمَّنتَ مما مضى ما مطلع الآتي ؟؟
1991 م
=============================
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ
( الصـمــــــصـام )
|