الموضوع: مختارات
عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 19-03-2004, 09:32 PM
hamadausa hamadausa غير متصل
XIO
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
الإقامة: america
المشاركات: 190
إفتراضي القدس الجزء الثاني شعر : د. عبد الرحمن بارود

القدس الجزء الثاني

يا سيّد السّادات من أمّ القرى

على جواد ليس يلمس الثّرى

كأنّه برْق الدّجى .. إذا سرى

ولم يسُسْهُ سائس من الورى

يطْوي الجبال والوهاد والقرى

لا يقرب الماء ولا يبغي القرى

أمسى تراب القدس مسْكا أذْفرا

وأنت تخْطو فوقه مظفّرا

جيش النّبيّين هنا

في المسجد الأقصى احْتشدْ

لم يُرَ قطّ مثْله من أزل إلى أبدْ

مجرّة إنْسيّة ما لشُموسها عددْ

من كلّ فجّ أقبَلوا فلم يغبْ منهم أحدْ

يرحّبون بالأمير القائد الذي وفدْ

وخلفك اصْطفّوا بلا ضغينة ولا حسدْ

تحت لوائك الأشمّ والدٌ وما ولدْ

أمددْ يمينك اسْتلم وديعة الفرْد الصّمدْ

القدس عقر داركم كالرّوح تعمر الجسدْ

فالمسجد الحرام .. بالأقصى المبارك اتّحدْ

عمود ملْكك الذي عليه ملْكك استندْ

لا تُغْمد السّيوف في أرض الحديد والزُّرَدْ

فكلّ بيت مسجدٌ وكل مولودٍ أسدْ

ياسدْرة عُلويّة قد أعْجزت بني البشرْ

يعْقد فرْط حُسْنها لسان كل من نظرْ

تحْكي ثمار نبْقها تلك القِلال مِنْ هجرْ

فراشها من عسْجد يكاد يخطَف البصرْ

تزيّنتْ لمّا رأتْ بدْر البدور قد حضرْ

قد احْتفى بك الوجود وارتدى لك الدّررْ

يهوي إليها كل ما به مليكنا أمرْ

ويصعد الذي جنى العباد من خير وشرّ

ثم ارْتقيتَ وارتقيتَ فوق مستوى الفِكَرْ

حتّى رأيت في العلا أنوار خالق القدرْ

فاضت عطايا ربّنا وجودُه لنا غمرْ

حتّى سمعتَ عنده صرِيف أقلام القدرْ

والفرض خمسٌ عندنا يغسلْننا من الوَضَرْ

وهنّ عند ربنا خمسون أجرها استقرّ

ثمّ رجعْتَ غانما على حصانك الأغرّ

والفجرُ في حجابهِ خلف الجبال ما سَفَرْ

ياسفرا إلى العُلا نفْديك يا أخا السفرْ

كم فيه من أعجوبةٍ من العجائب الكُبَرْ

نَقَشْتَ من عدْنٍ على قلوبنا أحلى الصّوَرْ

خبّرْتَنا عن رحّلٍ حطّوا الرِّحال في سقرْ

كأنّهم أمامنا رأي العِيان لا الخبرْ

يا جبل المكبِّر الْتفِتْ إلى الجنوبْ .. يا صاحبُ

إلى الصّحارى الجُرْدِ .. حيث تقفز الجنادبُ

وتزْحف الصّلال والعقاربُ

وتسْرح الذئابُ والضِّباب والثّعالبُ

وتهْبط العُقْبان والصقور للقتال

من عشِّها الشّوكيّ في شواهق الجبالْ

يا صاحبُ

بشْراك جاءك الحبيب الغائب والله غالبُ

وأشْرقت من طيْبة الشّموس والأقمار والكواكب

أتاك غيث راعِدٌ

بروقُه الأسنّة الحِداد والقواضبُ

إذا اكْفهرّت الشّدائد

وسار فيه الجَبَلان عامرٌ وخالدُ

ويدْخل القدس على بعيره العبقريّ الزّاهدُ

أميرنا عمر ففكّه من نِيرهِ

وكبّر الخليفة المجاهد

فكبّرتْ وراءه الجبال والوِهاد والجلامدُ

والمسجد الأقصى جرتْ دموعه من الفرح

وهو لربّه العظيم ساجدُ

وكالثّريّات ضاءت حوله المساجدُ

ياخمسَ عشْرة التي تحطّمتْ بها القيودْ

هجريّة .. بدريّة

بها تعطّر الوجودْ

لك العلاء والخلودْ

وقلّد الخليفة العظيم إيلياء

قلادة من الورود غاليهْ

بعهدةٍ محفوظةٍ

على الدّهور باقيهْ

لإيلياء الأمن والسلام .. والحياة الهانيهْ

لا يسكنَنْ بإيلياء الرّوم واللّصوص

.. ولا أحد .. من اليهودْ

لكم على ما في الكتاب عهد الله ..

وذمّة الرّسول .. والمؤمنين ……عمرْ

عليه يشهد : ابن عوف .. خالد .. . عمرو .. معاويهْ

القدس بيت ربنا حرّاسها الزّبانيهْ

من خانها أو شانها هوتْ به في الهاويهْ

بعد اثْنتين .. مالها أختٌ لها مساويهْ

والعزّ في أسُودها لا في الطّبول الخاويهْ

وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا

في أراجوز نحن أمْ أمام ساحر يحرّك الحيطانْ

تحرّكت جنازة الأوطانْ

من غزّة إلى ناقورة ..

حيفا ويافا مجْدل أسدود عكا .. عسقلانْ

لدّ ورملة .. ياحسرتا .. في سلّة النّسيانْ

كل الجليل ضاع .. لا طبريا ..

لا صفد .. وضاع من قاموسنا الجبانْ

كلّ البلاد أصْبحتْ

في خبر المرحوم (كان)

وأين ضفّتي ؟ .. ماذا لنا على الخوانْ ؟

أرى رؤوسا طافيهْ .. مقطّعهْ .. تصيح في الطّوفانْ

وأين غزّتي؟ .. يدقّ رأسها السجّانْ

الماء مالحٌ .. والجوع كاسحٌ ..

ونِصْفها يُلفّ في الأكفانْ

وأين شعْبُنا الذي قد كانْ؟

مشرّد في اللازمان .. واللامكانْ

وكلّما أراد أن يقول :

"موْطني" تدقّ رأسهُ الكسيرُ كِلْمتانْ

وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا

سبْحان من يُداول الأيّام في بني البشرْ

يخْفِضُ حِينا قسْطهُ بِعَدْله .. ويرْفعهْ

يُعطي المليك مُلْكه وفي ثوان ينْزِعُهْ

والفيلُ إن حُمّ القضا فجِرْمُهُ لا ينْفعهْ

تَشُكْهُ في عيْنه بعوضةٌ فتصْرعهْ

عشرون قرنا قد تصرّمتْ .. يا قاتلي

من عهْد روح الله سيّدي العظيم .. عيسى الرسول

حُلْو الشّمائل .. زين المحافل

وأمه البتول

عشرون قرنا ثم خمسة

مذ جاء بختنصر عاصفة من بابل

يهدّ هدّا .. كالقضاء النازل

عشرون قرنا ثم سبعة

من عهد سرجون بن آشور ممزق الجحافل

وعدت يا خؤون آخر الدهور لي

تغلي علي غلي ألف مرجل ومرجل

قرن مضى منذ هرتزل .. عراب بازل

محرق المنازل .. مرمل الأرامل

وأنت يا خؤون منشب ..

أنيابك الصفراء في مقاتلي

في وفي شعبي وفي بيتي ..

وفي حقلي .. وفي سنابلي

مدججا بالوغد بلفور .. وثلة الأراذل

يطرحني أرضا لكم .. يدق أعظمي

يدفنني حيا .. محطما فمي

تَهْدي لأهْل قرْيتي

كوْمًا من الجماجمِ

بِحِفْنةٍ من الشّواقِلِ

ثمّ أتيْتني مدجّجا .. بقيْصر القياصرِ ..

من غائب وحاضرِ

ذي الهيْلمان الهائلِ ..

فقال لي .. وقال لي .. وقال لي

انْظر إلى أناملي . . بِخُنْصُرٍ وبُنْصُرِ

وإذْ بذلك التّعيسِ الجاهلِ ..

يلْهو بأزْرارِ الدّمارِ الشّاملِ

سبْحان من يُداول الأيّام في بني البشرْ

أصْبحْتَ فرعون الزمانْ يا عاشق البقرْ

أصبحت قارون الزمان يا آكل البشرْ

أصبحت جالوت الزمان أعمى من البطرْ

أصبحت يا كوهين . . هولاكو التّترْ

أمّا أنا

فإنّ قرْآني هنا وفي يدِي هذا الحجرْ

ورثْتُ في المِحْراب .. عن

جدّي أبي حفْص عمرْ

مقْلاعَ داود الذي

رمتْ به يدُ القَدَرْ

والحجرُ الذي به

دماغ جالوت انْفجرْ

لا .. ما وصلْنا -بعدُ- ياجالوتُ .. آخر السّفرْ

وهاربٍ من حتْفه

غشّى الخُمارُ أعْيُنَهْ

كأنّهُ غِرَارَةٌ

مِنَ الشّعِيرِ مُنْتِنَهْ

سُلَّتْ عليْه من علٍ

مَذَلّةٌ ومَسْكنهْ

تغوص في فؤاده أسنّةً مسنّنهْ

وجَلْجَلَتْ (ليبعثنّ) ..

خلْفه .. كيْ تطْحنهْ

أوَى إلى جبّانةٍ من الحروب مثْخَنهْ

فشادها مستوطَنهْ وقلعةٍ محصّنهْ

بَريدها مِجَنّةً

من الرّدى ألْفَيْ سَنَهْ

وما درى أن الرّدى

ألقى به في المِطْحَنَهْ

يا علْقمهْ ..

ومَنْ وراء علْقمهْ.. وجدّ جدِّ علَقمهَ

جيش محمّد هنا

ويوم خيْبر اقْتربْ

ولنْ تضيع قدْسنا

ولن يُهَوَّد العربْ
الرد مع إقتباس