عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 28-12-2004, 07:34 AM
مشتاق للحور مشتاق للحور غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
الإقامة: مصر
المشاركات: 59
إفتراضي

#الحلقة (4)#

تابع مشاكل التوراة(العهد القديم)

*3-عائلة ابراهيم:

“ مرحبا صديقتي..هل أنت جاهزة لجولة أخرى في التوراة؟ سألتها مبتسما متسائلا ان كانت سترفض ان تقف في جانبي ثانية. ولماذا يجب عليها أن تمرّ بكلّ هذا التشويش. انها تعيش بشكل هادئ وبسعادة تامة بايمانها الذى برمجت للإعتقاد به دون اى رخصة للسؤال.

صديقتى النصرانية على أية حال لم تكن من هؤلاء الذين يركضون عندما يشعرون بالخطر. لقد كانت بالأحرى شجاعة فى مواجهة مالم تعتقد يوما انها ستواجهه. باختصار، كانت مستعدّة جدا.

أخذتنى الشجاعة وطلبت منها فتح سفر التكوين العدد 15 وقراءته. بيد انها قد شعرت بالأحباط للعودة إلى سفر التكوين فهي لم تعد تتوقّع الكثير من هذا السفر.

فتحت السفر على أية حال.و بدأت قراءة قصّة إبراهيم.

إبراهيم كان كبير لحدّ كاف ولم يكن عنده أطفال من زوجته ساره (المعروفة سابقا بساري). تمنّى هذا الأبّ لو انه رزق بطفل من صلبه.فجعل الله ميثاقا معه ليمن عليه بإبن سيكون اسمه إسماعيل

عرضت ساره جاريتها المصرية هاجر على ابراهيم قائلة

“ اللورد منعني من انجاب الأطفال. إذهب، نم مع خادمتي؛ ربما يمكننى ان أبني عائلة من خلالها....التكوين 16:1

وتستمر القصة على لسان الوحى...اخذت سارة خادمتها هاجر واعطتها لابراهيم لتكون زوجة, ونام ابراهيم معها فحملت منه.....التكوين 16:2,3

انجبت هاجر مولودها اسماعيل, الأبن الأول والأوحد لابراهيم حينذاك عندما كان ابراهيم يناهز السادسة و الثمانين.

عندما أصبح إبراهيم بعمر 99 سنة، ظهر الله أمامه وجعل معه ميثاقا. أمره أيضا بختان أحفاده. و قال له بأنّ سارة ستحمل طفل السنة القادمة واسمه إسحاق. . . تكوين 16: 15-20.

فى السنة التالية كانت سارة حبلى وولدت إسحاق عندما كان إبراهيم بعمر 100 سنة “ إبراهيم كان بعمر مائة سنة عندما ولد إليه إبنه إسحاق” تكوين 21:3-5

في اليوم الذي فطم إسحاق فيه ، قالت سارة لابراهيم تخلّص من تلك إلمرأة العبدة وإبنها، لأن إبن إلمرأة العبد سوف لن يشترك في الميراث مع إبني ” تكوين 21:10. شعر إبراهيم بالأسف والحزن لأن المسألة تتعلّق بإبنه أيضا. “ أحزنت المسألة إبراهيم كثيرا لأن تعلّق بإبنه ” تكوين 21:11. يتدخّل الله لإزالة الحزن من قلب إبراهيم ويخبره “ أنا سأعمل من إبن الخادمة أمة عظيمة ، لأنه نسلك أيضا” تكوين 21:13. فى اليوم التالي أخذ إبراهيم هاجار وإسماعيل وأرسلهم بعيدا.

أراد الله إختبار إبراهيم، قال إليه “ خذ إبنك، إبنك الوحيد، إسحاق، الذي تحبّ واذهب إلى منطقة موريا. ضحّ به هناك كقربان نار في إحدى الجبال التي سأخبرك عنه. ” تكوين 22:2 أخذ. إبراهيم إسحاق وأراد ذبحه, لكن في اللحظة الخطرة جدا، يتدخّل الله ثانية. “. . لا تضع يدك علىّ الولد، الآن أعرف بأنّك تخاف اللهّ، لأنك لم تحجب إبنك، إبنك الوحيد، إسحاق “ تكوين 21:12

لم تفهم صديقتي النصرانية لماذا أقرأ لها هذا الفصل. ، بيد انه يبدو مثاليا لأغلب النصرانيين وملئ بإلهام المسرحية ,على الرغم من هذا فقد توقّعت منى أن أجد شيء في هذا الفصل. لربما تساءلت “ إذا كن الفصل مثالي ،فلماذا يرويه؟ ” ذلك حقيقي؛ فلست مضيغا وقتى فيما يمكن ان يكون مثالي وصحيح.. فالوقت يعني المال.

رجوت صديقتي ان تسمح لى بتلخيص القصة في بضع جمل. وافقت. فشعرت بالسعادة على أية حال، وبدأت......

1. كان إبراهيم بدون أطفال.

2. تزوّج خادمه لكي تكون زوجته،حتى يتمكن من أن ينجب طفلا.

3. زوجته سارة وافقت على هذا، علاوة على إنّها كانت هى التي عرضت هاجرعليه لتكون زوجة له.

4. ولد إسماعيل، الإبن الأول لإبراهيم عندما كان إبراهيم بعمر 86 سنة.

5. تحمل سارة أيضا وتلد إسحاق، الطفل الثاني لإبراهيم، عندما كان بعمر 100 سنة.

6. لمدة 14 سنة، كان إسماعيل هو الإبن الوحيد لإبراهيم. إسحاق لم يكن أبدا الأبن الوحيد لابراهيم فى اى لحظة من حياته.

7. كرهت سارة، بعد أن صارت أمّا أيضا، هاجار وإبنها، وطلبت من إبراهيم إرسالهم بعيدا. كان لديها سبب لطلبها هذا وهو أن إبن الخادمة لا يرث مع إبن سارة....

9. طرد إسماعيل مع أمّه عندما كان إسماعيل بعمر 15 سنة، (عندما فطم إسحاق).

10. إختبر الله إبراهيم فى ابنه الوحيد اسحاق بعد 15 سنة من كونه أبّا.


أخذت رشفة من الماء حيث أحسست بخفاف فى فمّي.

سألت صديقتى النصرانية .... مالذي غيّر وصف سارة لهاجر من الزوجة إلى العبدة ,.....” قالت لأنها كانت عبدة خادمة, ..فسألتها مجددا...

هذا الطفل , اسماعيل, هل هو ابن زنا؟ ان كانت هاجر لاتزال عبدة خادمة حتى بعد ان نام معها ابراهيم, وحملت منه, وانجبت له ولد, فانها ستكون بمنزلة العشيقة, وعليه فان اسماعيل الذى وعد الله ابراهيم أن يجعله أمة عظيمة, سيكون بالضرورة ابن غير شرعى, هل هذا صحيح ؟ ” اجابت بتردد “ لا لا لا ، ان إبن إبراهيم لن يكون غير شرعي ...... فقلت ثانية...ماذا اذن ... إبن شرعي ؟ ..... لاحظت ترددها وخوفها من الإجابة.

عرفت صديقتي بالغريزة انها ماضية إلى الشرك الذى انصبه لها

على أية حال، أجابت، "نعم انه ابن شرعى طبعا". لذا إستغللت الفرصة وسألتها ثانية “ وإبن شرعي يجب أن يكون من زوجة شرعية ، صحيح ؟ اجابت "ربما " إستجديتها ان تكون حازمة في جوابها, فالأمر جد خطير. أكّدت قهرا بأنّ إسماعيل كان إبنا شرعيا لإبراهيم. وأنه تبعا لذلك فان السيدة هاجر كانت زوجة شرعية لأبراهيم. طمأنتها بأنّها لم تكن الوحيدة التى تعترف بهذا ؛ فالله في باديء الأمر أكّده في التكوين 16:3, 21:11، و21:13

لقد اعترف الله بشرعية اسماعيل, وعليه لايمكننا ان ننكره ابدا.

الآن، اتفقنا بأنّ هاجر عندما نامت مع إبراهيم اصبحت زوجة، وليست عبدة, وان اسماعيل كان الأبن الوحيد الشرعى لأبراهيم لمدة اربعة عشر عاما, وان اسحاق لم يكن ابدا الأبن الوحيد, فعندما ولد اسحاق.. كان اسماعيل يناهز الرابعة عشر.

كان على الآن ان انتقل الى النقطة الحاسمة فى الموضوع.... الأبن الذبيح...

من هو الأبن الذبيح؟؟

لايتردد النصرانيون فى الأجابة على هذا السؤال , فالتوراة واضحة, الأبن الذبيح هو ا سحاق دون شك.

رجوت صديقتى النصرانية ان تقرا تلك الجملة التى ذكر فيها اسحاق على انه الذبيح بتمعن، لأنك لم تحجب إبنك، إبنك الوحيد، إسحاق “ تكوين 21:12

قالت دون اى تردد... لايمكن ان يكون اسحاق الأبن الوحيد..فهناك اسماعيل ايضا... حمدت الله انها قد استيقظت من سباتها العميق. سالتها مجددا.. اذن هناك تحريف فى النص ؟ اجابت بالتأكيد..

ان الدراسة المتأنية للنص تؤكد احتمالان للتحريف لاثالث لهما

..اولهما أن تكون الآية تنص على اسماعيل أى انها كانت تنص على ، لأنك لم تحجب إبنك، إبنك الوحيد، اسماعيل “ تكوين 21:12 وأنه قد تم استبدال كلمة اسماعيل بكلمة اسحاق

والأحتمال الثانى هو ان تكون كلمة ابنك الوحيد قد اضيفت الى النص لاحقا أى ان الأية اصلا كانت تنص على ، لأنك لم تحجب إبنك ، إسحاق “ تكوين 21:12

وفى كلتا الحالتين فالغرض واحد وهو اهمال اسماعيل تماما, ونسب شرف الذبيح لاسحاق واحفاده الا وهم اليهود. فاذا وضعنا كلمة اسماعيل بدلا من اسحاق, نجد ان الجملة اصبحت لأنك لم تحجب إبنك، إبنك الوحيد، إسماعيل وبذلك تصبح الجملة صحيحة ومتمشية مع السياق الطبيعى وكذلك يصبح اختبار الرب لابراهيم منطقيا, حيث يصبح فى اسماعيل ,الأبن الوحيد فعلا قبل ولادة اسحاق , والذى انتظره ابراهيم طويلا واضطر ان يتزوج خادمته لكى يصبح ابا. هنا تكمن قوة الأختبار, لأنها تكون فى طفل عزيز وليس بعد خمسة عشر عاما و فى الأبن الثانى . أما اذا كانت الاية تنص على اسحاق فعلا فكيف يمكن للـه ان يصفه بالأبن الوحيد فى حين يعترف الله بأن اسماعيل أيضا هو ابن ابراهيم؟

كذلك اذا سلمنا جدلا ان اسحاق هو الذبيح فان اسماعيل يصبح بعمر ستة عشر عاما عندما طرد مع امه( عندما فطم اخوه اسحاق). تخبرنا القصة ان هاجر حملت اسماعيل على كتفها وغادرت, وحينما نفذ منها الماء ظل اسماعيل يبكى فوضعته تحت شجيرة صغيرة. وهنا ابديت تعجبى, كم يزن طفلا بعمر ستة عشر عاما؟, ان طفلا بهذا العمر هو رجلا يافع قادر على ان يحمل امه على كتفه, ناهيك ان يبكى وينتظر من امه ان تبحث له عن ماء؟؟؟؟

ان تصحيح كلمة اسحاق بكلمة اسماعيل من شانه ان يضع القصة كلها فى قالبها الطبيعى. ان التحريف الذى حدث فى النص قد شوه تماما الجوانب الأخرى للقصة, فلو ان الذين حرفوا النص قد استفاقوا و ازالوا كلمة ( ابنك الوحيد) قبل ان يبدلوا اسماعيل باسحاق لربما انطلت الحيلة على عامة الناس بالرغم من ان بعض الجوانب الأخرى ستظل قاصرة.

اذا سلمنا بهذا فانه لجدير بنا ان نتسائل من الذى حرف النص؟ وما هو الغرض من تحريفه؟ ان الأجابة على ذلك لمن البديهيات, فالذى حرف النص لابد وان يكون مالكا للتوراة مسيطرا عليها و هو ذاته الذى سيستفيد من ذلك التحريف, فمن يكون؟

ان المالك الوحيد للتوراة هم اليهود, وهم ايضا المسيطرين عليها. فليس للبوذيين مثلا اى دراية بها. فما هو الغرض؟ ان الغرض من التحريف هو ضرب عصفورين بحجر واحد. فالنص الذى بين ايدينا اليوم ينكر اسماعيل تماما, وينكر شرعية نسبه لأبراهيم, وبذلك يصبح العرب وهم أحفاد أسماعيل غير ذى حق فى ميراث ابراهيم, وعليه فان الأرض الموعودة هى لنسل اسحاق فقط....اليهود, وانه لمن السهل جدا ان نتيبن ذلك اليوم من رؤيتنا لمشكلة فلسطين.

أيضا فان شرف الذبيح والفداء يبقى فى اليهود, ولا يذهب للعرب. فأين وعد الله لأبراهيم بجعل اسماعيل أمة عظيمة أيضا؟.؟ اننا لانقرأ شيئا عن اسماعيل بعد ذلك الا عند موته... فهل نسى الله وعده؟ ام انه كان يهدأ من روع ابراهيم بوعد كاذب؟

بقيت صديقتى النصرانية صامتة, ولكنها اقرت بان الذبيح هو اسماعيل, استنتاج طبيعى, لأنه واضح وجلى. بيد انها لم تعلم ان القرآن يقر ذلك ايضا..وانها بذلك خالفت النصرانية, وكفرت بالأنجيل.. وماذا يبقى لها ان هى كفرت بالأنجيل؟. لم يكن لديها خيار , فمن الصعب ان ينكر المرء عقله.

لقد فشل الأنجيل ثانية فى دعم اسحاق هذه المرة.... ومابقى كان أعظم ....