عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-05-2006, 01:21 PM
صتيمه صتيمه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 75
إفتراضي الأمير الزاهد محمد بن عبدالعزيز

الأمير الزاهد محمد بن عبدالعزيز


--------------------------------------------------------------------------------
الأخبار والسير سواء لعلماء أفذاذ أم لزهاد عباد أم لحكام عادلين أم لمجاهدين فاتحين أم مبدعين مصلحين , أو لأضدادهم من حزب الباطل أكبـــــــــــــــــــر العظــــــــــــــــات والعبر والفوائد العظيمة فالنفوس مجبولة على حب سماع القصص والأمثال لذا فالله تعالى ذكرها في الكتاب العزيز وقال : ( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلاً من الذين من قبلكم وموعظة للمتقين ) وقال ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ماكان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) وإن من الواجب لهؤلاء الرجال ان تحفظ سيرهم ويحيى بين الناس ذكرهم , وفاء لهم ونصحا للأمة وتشجيعا وحفزا لأهلهم وذويهم ومعاصريهم ليسلكوا دربهم ويشمروا عن ساعد الجد في طلب الخير والمكرمات
كما فعل أسلافهم كما قال الأول:

إنا وإن أنسابنا عظمت لسنا على الأنساب نتكل

نبني كما قد كان أولنا يبني ونفعل مثل مافعلوا

وسيرة الأنبياء والصالحين معطرة بنماذج فريدة عالية سطرت وعرفت , ولعلنا نلقي نظرة على جانب من سير بعض الحكام والأمراء الصالحين في العهد القريب والزمن المعاصر ليعرف الجيل الحاضر مآثرهم , ومن أولئك الرجال : أميـــــر سعــــــــــــودي لا يعرف عن حياته وسيرته العطرة إلا أهله وصحبه ومن عاشره , وجهله الكثير من أبناء عصره بل ومن أفراد أسرته وبخاصة فئة الشباب منهم , فمن هو ذلك الأميــــــــــــــــــر الزاهد : هو الأمير محمد بن عبد العزيز ابن الامام سعود بن الامام فيصل ابن الامام تركي بن عبدالله بن الامام محــــــمد بن سعــــــــود مؤسس دولة آل سعــــــــــــــــــــــــود , وأم الامير محمد هي الاميرة الجوهرة بنت بنت الامام عبد الله بن فيصل , فهو ثمرة طيبة من شجرة طيبة . وهذه الأسرة المباركة ( آل سعود) نالت المفاخر بعد مناصرتها لدعوة التوحيد التي قام بها الإمام المجـــــدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وانتشرت اثارها في أصقاع الأرض شرقا الى الهند وغربا الى المغرب واستمر سلطانها قرابة ثلاثة قرون الى اليوم , رغم الخطوب المدلهمة التي عصفت بها , وكثرة الأعداء والمتربصين , وقلة المناصر إلا من الله تعالى في أكثر الأحيان , وكان حكامها أهل صلاح واستقامة في الجملة ولله الحمد , مناصرين لدعوة التوحيد مستمسكين بغرز الشريعة الاسلامية وأهلها , قائمين بالعدل قدر طاقتهم , فمكـــّن الله لهم في الأرض , ورزقهم من الطيبات, منذ عهد الإمام الأول محمد بن سعود رحمه الله ومن بعده أبناؤه وأحفاده الى اليوم , ومن أبرزهم في الدولة السعودية الأولى الإمام الملك الهمام عبد العزيز بن محمد بن سعود القائد الذي ولي بعد أبيه ففتح الله على يديه البلدان ونشر به التوحيد والإيمان

وقال فيه الشاعر : سلام على من حل نجداً موحدا مجدد دين الله بالمرهف الحد

له همة في نصرة الدين والهدى بتلك ارتقى أعلى المراتب والمجد

إمام الهدى عبد العزيز الذي حما صفوة التوحيد من كدر الضــد

قال عنه المؤرخ الشهير ابن غنام في روضة الأفكار : كان كثير الخوف من الله والذكر له , آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر , كثير الرأفة بالرعية , شديدا على من جنى جناية أو قطع سبيلا أو سرق شيئاً, ينفذ الحق ولو في أهل بيته وعشيرته , لا تأخذه في الله لومة لائم , وكان عابداً عالــــــماً أخذ عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب , وكان قويا شجاعا , ولي قرابة أربعين سنة وانتشر العدل في وقته وكثرت الأرزاق , وأمن الناس حتى كانوا يسافرون في نجد والحجاز والبصرة واليمن وتهامة غيرها لا يخشون الا الله , لقوة سطوته على السراق والمفسدين , وكان يفرق الزكاة والأخماس والصدقات على الفقراء من البوادي وغيرهم , توفي عام 1218هـ طعنه رافضي من أهل مشهدا لحسين وهو يصلي العصـــر , تغمده الله بواسع رحمته .

أما الأمير الزاهد محمد فقدولد – رحمه الله- في حائل عام 1313هـ ونشأ فيها يتيماً , ثم ذهب مع أخيه الامير سعود بن عبدالعزيز (الملقب الكبير) الى مكة المكرمة فوضعهما شريف مكة في الاقامة الجبرية , لكن الامير سعود تخلص منها ثم تبعه أخوه محمد , وقدم الامير محمد على الملك عبدالعزيز وهو في غزوة جراب ففرح به وأرسله الى الرياض مع ابنه الملك سعود بن عبدالعزيز رحمهم الله جميعاً .

بدأ الامير محمد طلبه للعلم والتعلق به في عام 1333هـ عندما كان مرافقا للملك عبدالعزيز في الغزو , فقد لاحظ الامير محمد المشائخ محمد بن عبد اللطيف آل شيخ ومحمد بن عبالعزيز آل شيخ الملقب بالصحابي وغيرهم يقرؤون القرآن الكريم حفظاً عن ظهر قلب , فوقع ذلك في نفسه فمكث مدة في حفظه حتى ختمه , ثم مكث سنة كاملة يختمه كل يوم , وفي السنة التالية يختمه كل يومين حتى أتقن حفظه , ثم حفظ عدداً من المختصرات أهمها: كتاب التوحيد وكشف الشبهات للامام المجدد محمد بن عبدالوهاب والعقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية , وزاد المستقنع في الفقه والرحبية في الفرائض , واستمر في العلم والتزود منه وقرأ على الشيخ سعد بن عتيق قاضي الرياض وحضر دروسه ثم قرأ على مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم ولزم دروســــه وواظب عليها , وكان الشيخ محمد يعرف له مكانته ويجيب على أسئلته بالتفصيل مما يفيد جميع الحاضرين . وهكذا نشأ الامير العالم الزاهد في بيئة سلفية فرضع لبان التوحيد ونشأ على صفاء المعتقد الذي هو امتداد للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها , ولا زالت بحمد الله عقيدة أهل السنة والجماعة في بلاد الإسلام , وفي بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية قادةً ورعية بوجه الخصوص , ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو حاقد معاند, ولهذا نجـــــد المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز يقول في خطبة له بمكة المكرمة عام 1351هـ : أنا مبشر أدعو لدين الاسلام ولنشره بين الأقوام , أنا داعية لعقيــــــــدة الســــــــلف الصـــــالح , وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وماجاء عن الخلفاء الراشدين اهـ وهكذا أعلن أبناؤه الملوك من بعده هذا الالتزام الخالد بعقيدة التوحيد والذود عنها مهما ادلهمت الخطوب وعصفت الفتن ، وهاهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وفقه الله لرضاه يقول في كلمته للمواطنين حين توليه الحكم : أعاهد الله ثم أعاهدكم أن أجعل القرآن الكريم دســــــتوري .. وقدأثبت تأريخ المسلمين عبر القرون , وفي الدولة السعودية بالذات على مرّ عشرات السنين قوة هذا المبدأ وصلاحيته للبقاء وتأييد الله تعالى لمن تمسك به وعمل به وطبقه واقعا وليس شعاراً فحسب , ولله تعالى في خلقه سنناً, وهذه سنة ماضية لكل من أطاعه وعمل بما يرضيه وتمسك بسنته وعمل بشريعته العظيمة , يقول الملك عبد العزيز رحمه الله في خطبة له بمكة: أنا بذمتكم , وأنتم بذمتي , إن الدين النصيحة , أنا منكم وأنتم مني , هذه عقيدتنا في الكتب , بين أيديكم فان كان فيها ما يخالف كتاب الله فردونا عنه , واسألونا عما يشكل عليكم فيها والحكم بيننا كتاب الله وما جاء في كتب الحديث والسنة.

ويقول من خطبة ارتجلها في مكة سنة 1353هـ : كل حرية باطلة إلا حرية الاسلام , والانسان لاينفع إلا بالدين ونحن لا نبغي محاربة أوربا , وإنما نطلب حقوقنا باتحادنا فنعتصم بالله , والإسلام أكبر وسيلة وأكبر حصن , هو أكبر من مزايا الحسب والنسب , فيجب على المسلم محبة دينه وشعبه ووطنه.

ويقول أيضاً: يسموننا بالوهابيين , ويسمون مذهبنا بالوهابي , باعتبار أنه مذهب خاص , وهذا خطأ فاحش , نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض , نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أوعقيدة جديدة ولم يأت محمدبن عبد الوهاب بالجديد فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح, نحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق عندنا بين الأئمة مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة , كلهم محترمون في نظرنا. ويقول بموضع آخر : نحن معشر المسلمين ضعفاء بأنفسنا أقوياء بالإسلام , فاتخذوا من اتحادكم قوة , وليس معنى هذا أني أدعوكم لحرب أوربا ! لأن هذا عمل لايجدي نفعاً , ولكن إذا تمسكنا بديننا فاننا نعظم في عيون الخلق , وقد تحدث إليّ كثير من الأوربيين , فعلمت منهم أن المتمسك بديـــنـــه مـــــحتــــرم أينما كـــــــان.

وقال أيضاً: دستوري وقانوني ونظامي وشعاري دين محمد صلى الله عليه وسلم , فإما حياة سعيدة على ذلك وإما موتة سعيدة.

وعوداً لسيرة الأمير محمد فقدكانت مجالسه مجالس علم وتذكير بالله ووعظ وإرشاد لا تذكر فيها الدنيا وان ذكرت لايأبه لها , وكان قد خصص درساً يومياً لتدارس العلم في بيته من بعد صلاة الظهر الى قرب صلاة العصر , واختار أحد طلبة العلم وهو الشيخ فهد ابن حميّن لملازمته حضرا وسفرا فكان يقرأ عليه ويتباحثان ويتذاكران العلم , حتى قرأ الشيخ على الامير كتبا عظيمة من كتب أهل الاسلام مثل: جامع البيان وهو تفسير ابن جرير الطبري وهو من أجمع كتب التفسير بالمأثور وأغزرها فائدة , وقرأ الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم والمسند العظيم للإمام أحمد ( أكثر من ثلاثين ألف حديث) , وقرأ عليه في الفقه: الكافي وكشاف القناع والشرح الكبير ,وأحيانا يقرأ فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية وبعض كتب تلميذه العلامة ابن القيم , وهكــــــــذا في سلسلة مباركة نافعة من كتب ائمة الدعوة السلفية وتلاميذهم وعلماء آل سعود وكتب الوعظ والآداب والتاريخ , وربما قرئ عليه كتب السير والمغازي وفتوح البلدان الاسلامية . وبالجملة كانت مجالسه ريـــــــــــــاضا من رياض الجنّــــــــــــــــة يذكر الله فيها ويتنقل بين بساتين العلم النافع ويحث فيها على ماينجي في الدنيا والآخرة وينشط على العمل الصالح, وكان يرتاد هذه المجالس أهل الخير والصلاح من كل لون , فقد كان الامير محمد رحمه الله حريصا على تقريب الصالحين والانس بهم . ولا عجب فالعلم ومجالسة الصالحين مطلب سادات المسلمين وقادتهم قديماً وحديثاً فهذا الملك الهمام عبد العزيز رحمه الله درس العلم على بعض شيوخ الرياض في طفولته وصباه , وأصغى في مجالسه الخاصة عشرات السنين إلى قارئ يتلو في مجلسه مساء كــــــل يـــوم شيئا من التفسير وشيئا من كتب العلماء وبعض التواريخ والأدب وقليلا من الشعر , وحرص على تقريب العلماء الأفذاذ الصادقين وتوليتهم المناصب الدينية وكان يستشيرهم في مهمات الأمور, ومدلهمات الخطوب,ومن جانب آخر حرص على تعليم أبناءه الدين وزرعه في نفوسهم منذ الصغر , ورباهم على معالي الامور وتحمل المسؤوليات وسياسة البلاد , وعمل على نشر العلوم النافعة وعلى رأسها علوم الشريعة بكل جهده. وكان يقول : اثنتان أحمد الله على واحدة منهما وأشكره على الأخرى , أحمد الله على أني أكره أهل الضلال , وعلى كراهة أهل الضلال لي , واشكره على محبة أهل الخير لي ومحبتي لهم .

يتبع
__________________
وردوهن هيت وأخطاه الدليلـه

...............................والموارد غير هيت مقضباتي

روحن مثل القطا صوب الثميله

................................ضمرٍ تضفى عليهن العباتـي

آه من قلب على جال المليلـه

...............................لاتذكرت العصور الماضياتـي

عصرمن ينطح مقاديم الدبيلـه

.................................لابتي لاجا نهـار الموجباتـي

من تعبث بالفرايض عزتي له

...........................تقعده حدب السيوف المرهفاتي

من قصائد الملك عبدالعزيز رحمه الله