عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 08-07-2006, 05:10 PM
ابو قحافة ابو قحافة غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 192
إفتراضي

إن الذي يتبع النصارى الضالين لهو الضال ، ولكن ضلاله أعظم من ضلال المتبوع ، فهؤلاء الحكام وأتباعهم يعملون جاهدين للوصول إلى رتبة النصارى في الضلال ، ولم يصلوا بعد ، فهم لا زالوا في قعر الضلال بعيدين عن النصارى الذين هم فوقهم ، فالنصارى الضالين يعملون عن جهل لتطوير أنفسهم والوصول إلى بعض الهدى ، ولكن لجهلهم يبتعدون عن الهدى يوما بعد يوم ، أما هؤلاء التابعين فيتبعون ما يعرفون أنه ضلال ، فليس من يريد الوصول إلى الضلال مثل من يريد الوصول إلى بعض الهدى ..



وليس الضلال حكرا على النصارى فقط ، وإن كانوا المقصودين بقوله تعالى في سورة الفاتحة {الضالين} ، فهناك صفات ذكرها الله سبحانه في القرآن لأهل الضلال توسع هذه الدائرة ، وقد حرصت هنا أن آتي بآيات يكون فيها لفظ "الضلال" أو أحد مشتقاته لأن الكلام في مصطلح "الفئة الضالة" ، مع العلم بوجود آيات كثيرة تدل على معنى الضلال دون ذكر اللفظ ..



اليهود من الفئة الضالة ، قال تعالى {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (المائدة : 60) ، فالذين يريدون تطبيع العلاقات مع الفئة اليهود إنما يتقربون إلى الفئة الضالة ، وهم في نفس الوقت يقتلون المسلمين والمجاهدين ويجعلونهم قرابين لليهود الضالين ..



ومن الذي ذكرهم الله في "الفئة الضالة" ما جاء في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} (النساء : 60) ، فالذين لا يحكمون بما أنزل الله ويتحاكمون بغير شرعه هم من "الفئة الضالة" ..



ومن اتبعهم في حكمهم وأقرهم على ما هم عليه فهو من الفئة الضالة أيظا ، قال تعالى {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لاَ أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ * قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} (الأنعام : 56-57) ..



والذي علِم حكم الله واختار غيره أو رضي به أو اعتقد بأن له الإختيار : فهو من الفئة الضالة ، قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} (الأحزاب : 36) ..



وبعض المساكين يرى أن الهدى كل الهدى في من يسميهم "ولاة الأمر" ، فبمجرد أن يحكم إنسان دولة أصبح في نظرهم هاديا مهديا واجب الطاعة والولاء !! وهذا من الحمق والجهل بمكان ، قال تعالى {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} (يونس : 88) ففرعون كان ولي أمر المصريين وحاكم مصر ومع ذلك فهو ضال مضل ، ومن كان على شاكلة فرعون فإنه من الفئة الضالة وليس من ولاة الأمر الشرعيين ..



وكم هو قريب موقف فرعون من موقف كثير من الحكام اليوم ، فقد قتل فرعون أبناء المسلمين في زمانه – بعد أن علم أنهم على حق – وادعى فرعون بقتلهم أنه يحمي المجتمع من هذه الفئة التي تريد أن "تفسد" في الأرض ، قال تعالى {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ * وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} (غافر : 25-26) ، فالدعوة الفرعونية تكمن في ادعاء حماية أمن المواطنين واستقرار البلاد وحفظها من "الفئة الضالة" ، وهذا ما يحدث الآن ، فالحكام يقتلون المجاهدين وأهليهم في الحل والحرم ثم يتهمون المجاهدين بالتنطع والغلو والإفساد والإخلال بالأمن ، وهذه الفلسفة الفرعونية تعلمها حكامنا من الصليبيين ، وإلا فإن هؤلاء الحكام كانوا يقتلون الصالحين - قبل بضع سنوات فقط - دون أن يبدوا أي مبررات أو حجج للناس ، فقد كانوا متفرعنين أكثر من فرعون ، فأصبحوا اليوم متصيلبين أكثر من الصليبيين ..




وبعض الناس يعتذر للحكام بأعذار واهية لا يستسيغها العقل ، فضلا عن الشرع ، فيقول بأن هؤلاء الحكام فيهم الطيبة وحب الوطن وحب الناس وفيهم العدل والحكمة وفيهم وفيهم ، ولكنهم (الحكام) غفلوا عن حكم الشرع أو جهلوا حكم التحاكم إلى الشريعة أو لا يستطيعون تحكيم الشرع ، أو هم متأولون ، وغيرها من الأعذار التي لا تنطلي على من له عقل ، وهذا ربنا جل في علاه يحذر نبي من أنبيائه إن هو عدل عن الحق ، قال تعالى {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (ص : 26) ، وعلى المسلم أن يؤمن بأن كل ما خالف الشرع فهو باطل وإن أخبره عقله بأنه حق ، فلا حق في مخالفة الشرع ، فمن اتبع هواه وحكم غير الشرع فهو من الفئة الضالة ، لم يستثن ربنا - جل في علاه – في هذا أحد إلا المكره ..



لقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من اتباع الطواغيت ، فقال سبحانه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (النحل : 36) ، فالطواغيت موجودون في كل أمة وفي كل زمن ، ومن تبعهم ولم يجتنبهم ويبغضهم فهو من الفئة الضالة ، وموقف هذه الفئة الضالة التابعة للفئة المضلة يوم القيامة موقف تقشعر منه الأبدان ، قال تعالى {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (الأحزاب : 67-68) ، فانظر كيف يتزلفون لهم في الدنيا ويبيعون دينهم لهم مقابل حضوة عندهم وبعض فتات المال ، ثم يلعنونهم في الآخرة ويدعون الله عليهم ، فسبحان مغير الأحوال ..



ومن الفئة الضالة من يتابعون آبائهم وأجدادهم على الخطأ بدون علم أو هدي من الله ، وإذا قيل لهم بأن ما يفعلون مجانب للصواب قالوا {هذا ما وجدنا عليه آبائنا} ، فهؤلاء قال الله فيهم {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف : 38) ..

..



والمنافقين من الفئة الضالة ، قال تعالى { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً * وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} (الإسراء : 89) ، قال ابن كثير رحمه الله "عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه , فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين : فرقة تقول : نقتلهم , وفرقة تقول : لا , هم المؤمنون, فأنزل الله {فما لكم في المنافقين فئتين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد" (أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة) " (انتهى) ، فهذا ابن سلول وأصحابه لما تركوا الجهاد المتعين عليهم وخذلوا المسلمين في أحد أخبرنا الله بأنهم ضلّال ، فالفئة الضالة هنا هي : الفئة المنافقة المتخلفة عن الجهاد المتعين ..



وهناك فرقة ضالة أخرى ذكرها الله في كتابه في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (البقرة : 174-175) ، فهؤلاء لشدة غبائهم وضلالهم باعوا الهدى واشتروا الضلال عن علم ، فهؤلاء لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال ابن كثير رحمه الله " يقول تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب} يعني اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم التي بأيديهم مما تشهد له بالرسالة والنبوة , فكتموا ذلك لئلا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتحف على تعظيمهم إياهم , فخشوا - لعنهم الله - إن أظهروا ذلك أن يتبعه الناس ويتركوهم, فكتموا ذلك ابقاء على ما كان يحصل لهم من ذلك وهو نزر يسير , فباعوا أنفسهم بذلك واعتاضوا عن الهدى واتباع الحق وتصديق الرسول والإيمان بما جاء عن الله , بذلك النزر اليسير, فخابوا وخسروا في الدنيا والاَخرة" (انتهى) ، فهؤلاء العلماء الذين يلبسون على الناس ويخفون آيات الله وحكمه ليتقربوا إلى السلطان فيأخذوذ فتات ما يلقي لهم : باعوا دينهم بجاههم ومكانتهم عند السلطان ، ولما سلب قادة الجهاد قلوب الناس أكلت الغيرة قلوب هؤلاء العلماء وأخذوا يطعنون في المجاهدين ليرجع الناس إليهم ويحصل لهم ما كان بالأمس من إنحصار التعظيم والتوقير ..



ومن يتبع شياطين الإنس - من العلماء المضلين - في ضلالهم وزلاتهم وغيهم فيظلم نفسه ويدمر مستقبله متعذرا بمحبة هؤلاء العلماء ومكانتهم في قلبه أو في المجتمع فهو من الفئة الضالة ، قال تعالى {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} (الفرقان : 27-29) ، وكم وجدنا من هؤلاء ممن لا عقول لهم : نُسمعهم كلام الله وكلام رسوله فيقولون : ولكن فلان من العلماء قال غير ما تقولون ، فحسبنا الله ونعم الوكيل ..