عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 24-06-2005, 10:24 AM
الجلاد10 الجلاد10 غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2005
الإقامة: بلاد الله
المشاركات: 498
إفتراضي

س/ هل كان جميع مشايخ العلم في السعودية يحضّون الشباب ويحرّضوهم علي الجهاد ويناقشون قضاياه في خطب الجمعة وفي دروسهم المسجدية؟

ج/ في الدروس الخاصة لم يكونوا ليناقشوا قضايا الجهاد، ولكن الموضوع كان أبعد من ذلك، حيث كان المشايخ يجهزون الشباب للجهاد، علي سبيل المثال أذكر أن الكثير من الشباب جهّزهم للجهاد الشيخ سلمان العودة، فكانت أول انطلاقة لهم للجهاد وتجهيزهم المادي والمعنوي الأول للجهاد كان من قبل الشيخ سلمان العودة، طبعا كان هذا في فترة أحداث البوسنة، وبعض الشباب الذين جهزهم الشيخ العودة إلي طاجيكستان اعتقلوا هناك. وأذكر أن هناك بعض الحملات الخيرية لجمع التبرعات للبوسنة والهرسك مثلا، كانت تخصص بعضها لتجهيز الشباب للجهاد، فكانت عمليات التجهيز للجهاد متوفرة بمبالغ خرافية، وما كان هناك أي شيخ يقف ضد هذا التيار علي الإطلاق، لأن السعودية كانت كلها ابتداء من الحكومة، مرورا بمشايخ العلم وانتهاء بعامة الشعب كانوا جميعا يقفون إلي جانب دفع الشباب باتجاه الجهاد في البوسنة والهرسك، فاندفعنا لذلك، حيث لم يكن هناك أي شيخ علم أو خطيب إلا ويتحدث علي الجهاد في البوسنة والهرسك وعما يعانيه المسلمون في كل مكان.

س/ هل كان مشايخ العلم يمولون التجهيز للجهاد من أموالهم، أم أنهم كانوا يقومون بعمليات جمع التبرعات من الأثرياء ومن ثم يصرفون بعضها في عمليات التجهيز؟

ج/ كانت عمليات التجهيز للجهاد جميعا من أموال التبرعات، وما كنت أسمع أن شيخا جهز مجاهدا من ماله الخاص إلا شيخا واحدا أو اثنين فقط، فكان مشايخ العلم عبارة عن حلقة وصل بين المتبرعين من أهل الخير وبين الشباب الراغبين في الذهاب إلي الجهاد، أنا علي سبيل المثال جهزتني للجهاد امرأة، في أول انطلاقة لي للجهاد تعمل مدرّسة، سمعت عن مآسي المسلمين في البوسنة والهرسك فأرادت المساهمة بالدفاع عنهم، فتـــساءلت ما هو أفضل شيء يمكنني المشاركة به في ذلك؟ فكان الجواب: جهّزي مجاهدا، فقالت أتبرع براتب شهر كامل لتجهيز مجاهد، وكان يساوي تقريبا ألفي دولار، وكان ذلك المبلغ أول تجهيز لي للجهاد في البوسنة والهرسك.

س/ أكدت بعض المصادر أن تنظيم (القاعدة) كان يرسل دعاته إلي مكة المكرمة، لاستقطاب عناصر جديدة له، ماذا تقولون في ذلك وهل كان بالفعل له مكاتب في أكثر من بلد للاستقطاب والتجنيد؟

ج/ نعم، كان هذا الشيء موجوداً بشكل كبير جدا في السعودية، ولكن تحت غطاء المضافات (دور الضيافة)، ودور استقبال الجرحي لمعالجتهم في المستشفيات السعودية، حيث كانت هذه المضافات تستخدم غطاء لمكاتب تنظيم (القاعدة)، وكان كل من يذهب إلي هذه المراكز يجد فعلا أن هناك نوعاً من الحركة والتوجيه نحو معسكرات (القاعدة) في أفغانستان. وأذكر أنه كان يتم تشغيل أفلام فيديو للزائرين لهذه المضافات عن أحداث الجهاد في أفغانستان، وعن المواضيع الحوارية الحماسية الدافعة لحب الجهاد، لحثّ زائري هذه المضافات للانضمام إلي قافلة الجهاد هناك التي ربما تهيئ الانضمام لتنظيم (القاعدة). وكانت هذه المضافات التي تعجّ بالجرحي من المجاهدين في أفغانستان مفعمة بالنفحات الإيمانية وبالأجواء الإيمانية الشديدة التأثير، التي تولّد حب المغامرة وحب الجهاد، فكانت هذه الأجواء وهذه المناخات تستخدم لاستقطاب الشباب إلي ساحات الجهاد، رغم أن عملية الاستقطاب لم تكن في ذلك الوقت ممنهجة بشكل واضح باتجاه تنظيم (القاعدة) ولكنها فيما بعد أصبحت نوعا من الاستقطاب الموجه باتجاهه، والانضمام لتنظيم (القاعدة) المعزز بالبيعة. ولكن الشيخ أسامة أكد أن جميع هذه الأوعية في السعودية لتنظيم (القاعدة) تم تفكيكها بالكامل وتم إلغاؤها فيما بعد، في مطلع التسعينات تقريبا عندما انتقل للسودان، بسبب خشيته من تفلت بعض المسؤولين عن هذه المراكز وقيامهم بأعمالهم قد لا تصب في إطار التوجه العام للتنظيم، وذلك حتي رجع إلي أفغانستان عام 1996، حيث أعاد إحياء هذه الفكرة ففتح فروعا لتنظيم (القاعدة) في كل من السعودية واليمن وغيرهما، فكان أبو علي الحارثي مسؤولا عن ساحة اليمن وكان العديد من الأخوة مسؤولين عن ساحة السعودية.

س/ هل كان تشجيع الحكومة السعودية للمجاهدين من حيث تقديم الدعم المادي لهم، أم من حيث توفير المناخ المناسب وتوفير التسهيلات لهم؟

ج/ من ناحية التسهيلات أولا، ثم من ناحية النشاط الاعلامي ثانيا، والذي كان له دور كبير في تأجيج جذوة الجهاد لدي الناس، من خلال التغطيات الاعلامية لساحات الجهاد وخاصة المقابلات الصحافية التي كانت تجري مع بعض رموز المجاهدين، مثل الشيخ محمود باحاذق (أبو عبد العزيز)، أول أمير للمجاهدين العرب في البوسنة، حيث أذكر أنه أجريت معه في إحدي المرات مقابلة مطولة من ست حلقات، ثم بعد ذلك حضرنا له محاضرات في السعودية، وحضرنا خطب له تحدث فيها عن الجهاد في البوسنة، وكانت توزع له شرائط كاسيت عبارة عن مقابلة بين الشيخ محمود باحاذق والشيخ محمد ناصر الدين الألباني في موضوع الجهاد وشرعية الجهاد في البوسنة والهرسك، وكيف يتم توجيه الشباب نحوه وكيف يتم إقناع الشباب بذلك الجهاد، ومثل هذه الأمور كانت تمثل تعبئة معنوية وإعلامية معلنة وكان مصرح لها من قبل الحكومة ولم تكن فيها أية مشكلة.

س/ ولكن لو قارنا ساحة السعودية بالساحات الأخري لوجدنا أن النشاط الجهادي فيها كان في تلك الفترة أكثر بكثير من أي بلد آخر، ألا يُؤخذ ذلك بأنه كان لإبن لادن تأثير في السعودية بحيث خلق هذا الحراك، حتي قبل تأسيسه لتنظيم القاعدة؟

ج/ كان موضوع المناخ الإسلامي في كل مكان بالسعودية وكان روح الإسلام في كل شيء، في مجالس العلم وفي حلقات الذكر، واذكر أن أناسا كثيرين كانوا يأتون من خارج السعودية من دول عربية ومن دول إسلامية من أجل العيش في ظل هذا المناخ الإسلامي، وكان المجتمع بأكمله هناك نسيجا واحدا، وكان يستحيل أن يخلو بيت من ريحة التيارات الإسلامية، بأي شكل من الأشكال، فإذا لم يكن في البيت شاب ملتزم تكون فيه شابة ملتزمة، وإذا لم تكن فيه شابة ملتزمة ربما فيه شريط إسلامي أو كتاب إسلامي؛ فحتي عام 1991 تقريبا كان كل هذه الأعمال الجهادية قائمة باسم الإسلام وتنحو باتجاه الإسلام، ولم يكن هناك شيء اسمه (فكر جهادي) وهذا (فكر سلفي) وهذا (فكر إخواني)، وغيرها، لم يكن هناك وجود لأي شيء من هذا.

س/ ألم يخرج أسامة بن لادن من عباءة السلفيين؟

ج/ بلي، الشيخ أسامة بن لادن سلفي، تربي علي المنهج التربوي السلفي السعودي، القائم علي المنهج الواحد، وهو المنهج الوهابي، حيث تدرس كافة المدارس السعودية كتاب (التوحيد)، دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكنا نلقّن فيها هذه الدعوة صباح مساء، مثلما ترضع الأمهات أبناءها الحليب، حتي أصبحنا نحفظ شخصية محمد بن عبد الوهاب أكثر من حفظنا لتاريخ الصحابة، فالشيخ أسامة بن لادن خرج من تحت عباءة الدعوة السلفية السعودية.

س/ أنتم كشباب متدينين، بماذا تأثرتم جهاديا، وما هو دور العائدين من ساحات الجهاد في أفغانستان في هذا التأثير عليكم؟

ج/ لا أخفيك أن الكثير من الشباب المتدين السعودي كان يقضي العشر الأواخر من رمضان في أفغانستان، بل كان بعضهم يقضي إجازة نهاية الأسبوع في أفغانستان في ظل الجسر الجوي المفتوح والرحلات المتواصلة بين السعودية ومدينة بشاور الباكستانية التي لا تصلها من الخارج سوي طائرات الخطوط السعودية، وكانت الأمور مسهّلة لهم إلي هذا الحد، وكان الشباب يغبطون الذين يذهبون إلي أفغانستان ويتأثرون كثيرا بهم، أذكر أن أحد زملائنا ذهب إلي أفغانستان وقضي فيها أسبوعين من رمضان، وعندما عاد استقبلناه استقبال الفاتحين، وأثّر فينا تأثيرا بليغا، وعندما ننظر إلي البدلة الأفغانية التي كان المجاهدون العائدون يلبسونها ويتجولون بها في شوارع جدة أو شوارع مكة والمدينة كنا نشعر وكأننا نعيش مع جيل الصحابة الفاتحين، وبالتالي كنا نتخذهم قدوة لنا ومرجعية لنا.

س/ كيف تفسرون إذا الانقلاب السعودي الكبير علي شبابها المجاهد العائد من أفغانستان، رغم كل تلك التسهيلات التي قدمتها لهم حكومتها؟

ج/ هذه هي المأساة الخطيرة، التي تعبّر عن خطأ هذا الموقف الذي جعل الوضع ينقلب علي عقبيه، وهنا أود الإشارة إلي أن الوضع السياسي في السعودية قائم علي أساس التحالف بين الدعوة السلفية الوهابية التي أسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبين إمارة آل سعود، وهذا الحلف السياسي الديني، كان يقوي أحيانا ويضعف أحيانا أخري؛ وأعتقد أن انقلاب السعودية علي الشباب المجاهد له أسبابه ودوافعه الكثيرة داخل النظام السعودي ذاته، وخصوصا خوف الشريك الثاني (آل سعود) في السلطة من تنامي ومن سيطرة حليفهم الديني علي كل شيء، ويخشون أن يلغوهم إلغاء كاملا، ولذا قرروا اتخاذ عملية عكسية للتراجع عن هذا التحالف، والتي جلبت علي السعودية كل هذه المعاناة التي لم تقف عن حد؛ وكانت فترة اعتقال مشايخ السعودية المؤثرين من سنة 1993 إلي سنة 1998 كافية لتفلت الشباب من أيدي هؤلاء المشايخ الذين كانوا يمثلون صمام الأمان لهؤلاء الشباب وكانوا يكبحونهم من التهور، وبمجرد انفصال الرأس عن الجسد، انطلق هؤلاء الشباب باتجاه آخر، فتلقفهم الشيخ أسامة بن لادن في تنظيم القاعدة، وأصبح الشباب يندفعون باتجاه الجهاد وباتجاه حيازة السلاح.