عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 20-07-2006, 06:29 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي لماذا يتقاعس الشارع العربي في نصرة لبنان ؟

لماذا يتقاعس الشارع العربي في نصرة لبنان ؟

رغم وصف الكثير من المثقفين لضآلة الدور الجماهيري للشارع العربي ، فان للشارع العربي دور باستمرار في تكييف الموقف الرسمي العربي ، من أي حدث حاد تمر به الأمة .. ففي الوقت الذي لم يستطع كل أعداء الأمة أن يخرجوا للشارع عشرة أشخاص يطالبوا بتأييد أمريكا أو الكيان الصهيوني ، رغم رواج سوقيهما ، فإن الشارع يستطيع أن يعبر عن رفض المشروعين الأمريكي و الصهيوني من خلال المسيرات الغاضبة و التعبير بقوة تختلف شدتها من وقت الى آخر ..

عندما نقول الشارع العربي ، فإننا نعني ما يؤثر في خروج الجماهير للشارع العربي ، وبالتأكيد فان هناك قوى تستطيع تحريك هذا الشارع ، وهذه القوى تنتمي لأطياف سياسية منها الإسلامية ومنها القومية ومنها اليسارية ، والتي تعايشت في صورة طيبة الى ما قبل التاسع من أبريل / نيسان 2003 . حيث كانت تخرج منددة غاضبة لقضايا متنوعة مهمة ، فمن جريمة قانا الى ضرب معمل الدواء في السودان الى كل ما يخص فلسطين والعراق ..

لكن ما الذي حدث حتى تناقص هذا الاندفاع الجماهيري ـ بالرغم من تواضعه أصلا ـ ، هل لأن الشارع رأى أن دوره لم يمنع العدوان على العراق ولم يطرد السفراء الصهاينة من بعض الدول العربية ؟ أم أن هناك أسبابا أخرى ؟

لو كان الشارع قد تراجع لأنه لم يسمع منه أحد ، لكان تراجع منذ الستينات ، ولو توقف عند هذا الحد لقلنا أن الشارع قد يأس من الهتاف و التنديد ، لكن القوى التي كانت تحرك الشارع ، لم تكتف بعدم تحريكه ، بل أخذت تغمز بجانب الصمود عند الشعب اللبناني وتسفه من دور المقاومة ، مما شجع الجانب الرسمي العربي أن يعلن على غير عادة تماديه في السخرية من أعمال المقاومة .

لقد تمزق تحالف الثالوث المحرك للشارع ، من قوميين و يساريين وإسلاميين ، وذلك على هامش ما جرى و يجري في العراق .. فإن خفت صوت القوميين الذين راهنوا على نمطية الحكم الوطني في العراق الذي تعرض للغزو وتدمير إنجازاته ، فإن هذا الخفوت بالصوت لم يمنعهم أن يبقوا يعلقوا آمالا على المقاومة العراقية و طردها للاحتلال ـ وهي آخذة في تحقيق مشروعها ـ ، كما أنهم كانوا يرقبوا حلفائهم من قوى المعارضة ، فيما تقول و فيما تعلن عن مشاعرها تجاه المقاومة العراقية ..

ففي الوقت الذي قام قسم من الإسلاميين بالانخراط مع ( بريمر ) منذ بداية تأسيس مجلس الحكم المحلي ، وكذلك فعل الحزب الشيوعي العراقي ، كما بدأ غزل بين بعض القيادات الماركسية مع قادة إقليم كردستان العراق ، الذي استقوى بالمحتل و كون حالته ، كالرسائل بين ( نايف حواتمة و مسعود البرزاني ) ..انفكت بعض عرى التنسيق ما بين القوميين من جهة و تلك القوى اليسارية و الإسلامية ..

أما المقاومة في لبنان ، والتي يستأثر بصبغتها العامة ، حزب الله ، فقد كانت المحطة الناطقة باسمه في الأسبوعين الأوليين من الغزو الأمريكي ، تقف مع الصمود العراقي ، و تعقد ورشات تلفزيونية ، كان من يراقبها يعتقد أنها أحد محطات الحكومة العراقية . وما أن دخل الأمريكان بغداد ، حتى انقلبت بشكل كامل لتسهم في نبش صور تم فبركتها بدوائر غربية ، و أخذت تردد ما يردده الصفويون في الهجوم على الحكم الوطني الذي تمت مهاجمته .

كما أن تسليم بعض عناصر المقاومة والحكم الوطني من قبل الحكم في سوريا ، واستمرار محاولاتهم للإثبات في التعاون مع الأمريكان ، كل ذلك جعل هذا المحور ، السوري اللبناني ، ليس بعيدا عن تلك القوى التي تتدخل في الشأن العراقي و لصالح أمريكا .. بالإضافة الى المناغاة التي تتم مع العنصر الإيراني والذي أمعن في قتل قيادات عسكرية من الجيش الوطني في العراق ، وتحريكه للفتنة الطائفية ..

نحن نعلم كم هو مؤلم أن تنال الصهيونية من قوة المقاومة اللبنانية ، والتي ستؤثر حتما على الصمود الفلسطيني ، ويسيئنا تقاعس الشارع العربي ، الذي شجع الحكومات الرسمية العربية و جمهور صحفييها المؤذيين ، لكن لا بد من ذكر ما ذكرنا ، لتبيان ذلك لكل الفصائل الوطنية في الساحة العربية ، لكي تدرك أن وحدة المعركة تقتضي وحدة السلوك ..
__________________
ابن حوران