عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 24-06-2004, 05:46 AM
الموريتاني الموريتاني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 18
إفتراضي نص كتاب صدر في موريتانيا حول التفجيرات

نص الكاتب الجديد الذي صدر في موريتانيا حول التفجيرات ( الجزء الأول)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
عنوان الكتاب هو: مجهر الحقيقة لمخلص الأمة من خطإالتسمية في شرط طاعة الولاة ونتائج التفجيرات.
الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، وأنزل مع الرسل الكتاب والميزان ،ليقوم الناس بالقسط، ويحكم الحاكم بالعدل، فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة .
والصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث في الأميين رسولا، فعلمهم الحكمة، و أوضح معالم الملة، ونبذ حكم الجاهلية، بكتاب محكم يحدد العبادات، يبين شروطها، وأسبابها، وموانعها ،وعددها، وقدرها،
وميزان دقيق توضع عليه المعاملات، ويحدد العلاقات والصلات، فاتضحت بذلكم سبيل الله، ونال المكلف مبتغاه، بما فيه رضا مولاه، وسلم من خطر اتباع هواه، (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) وبذا صار حكم الجاهلية هباء ، وذهب باطلها جفاء ، (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )
أما بعد فإنه في الوقت الذي تحول فيه الاستعمار من الأوطان إلى الأفكار، وصار رئيس كل دولة من أبنائها دينا ونسبا ولسانا وأخلاقا ، وعم حكم النظام البشري، أنقسم بعض العلماء قسمين : قسم يرى الرئيس أمير المؤمنين، يبرر له ما اتخذ من القرارات، يعطيه ما لم يدع، ويمدحه بما لم يفعل، وإن أدت هذه المبررات إلى أبعد التأويلات، في الأحاديث والآيات البينات، ويرى من لم يسر معه في هذا الفلك، ولم يسلك معه هذا المسلك، خارجا عن الطاعة، شاقا عصا الجماعة، ويستدل على رأيه هذا بما ورد على لسان الشرع من ذم الباغية، والخروج على الجماعة، ويتهمه بأنه لم يحمله على هذا إلا حب الرئاسة، والتشوف للسلطة والشهرة، وتقليد الأفكار الأجنبية، و الانخراط في التنظيمات السياسية .
القسم الثاني : يرى الرؤساء ظلمة إن لم يكونوا كفرة لاستبدالهم النظام البشري بالنظام السماوي، ويكذبون ضرورتهم، ولا يقبلون معذرتهم، ولا يسمعون حجتهم، بل يقولون لأتباعهم أن هذا الاستبدال عن عمد فعلوه ،ولفضله عندهم اختاروه، ويفتون أتباعهم بأن مكافحة الرؤساء جهاد، والموت فيها استشهاد، واستدلوا على هذه الفتيا بآيات قرآنية تخاطب أمير الدولة الإسلامية، وجعلوها متجهة لأفراد المسلمين، من قوي وضعيف، صحيح وجريح، أسير وأمير، فاحترقت من الغيرة والحمية قلوب الأتباع، من الجهلة والرعاع، لأنهم رأوا أنهم مفرطون، إن لم يمتثلوا ما في هذه الآيات من قتل الكافرين، فقاموا بتفجيرات، وتنفيذ عمليات غير مبالين أن تصيبهم معرة بقتل المسلمين .
ويتهم هذا القسم القسم الأول بالسير مع المصلحة الفردية، وحب الجاه والمادة، والخوف والطمع، والرضا من الحرية بالشبع، والمداهنة والمجاملة، وعدم التضحية لإقامة الدين والدولة، فشب حريق وقامت فتنة القاعد فيها خير من القائم، فحار اللبيب، وصار من لم يسجل في أحد الجانبين أو يكن من أحد القسمين غريبا، لا تسمع توجيهاته، ولا تحضر محاضراته .
وقد اقتضت مني هذه الحال، من كثرة القيل و القال، والنقاش والجدال، أن أشارك في اخماد هذه الفتنة، ونزع فتيل هذا الحريق، وذلك بأن أبين لكلتا الطائفتين ما أرى أنه الصواب، وكيفية التعامل مع هذه الأزمة وبم تفتح الأبواب، وقد كتبت لهذه المهمة بعد التروي والاستشارة، بحثا يتألف من مقدمة و فصول أربعة وخاتمة.
أما المقدمة ففي حاجة الإنسان إلى تبادل العلاقات وتنظيمها، ورعاية نظامها .
الفصل الأول : في المنهج الرباني لتنظيم هذه العلاقات، وتبادلها، وميزان تعادلها.
الفصل الثاني : في راعي المنهج ( الأمير ) .
الفصل الثالث : في تعميم هذا المنهج على جميع البرية ( الدولة الإسلامية ).
الفصل الرابع : في المخلص من هذه الفتنة، بالآيات القرآنية، و الوقائع النبوية ، و المسلمات الحسية .
أما الخاتمة : ففي ذم الهوى، وصعب الاستقامة، وذكر بعض محاسن الشريعة تفاؤلا بحسن الخاتمة .
ومن هنا كان هذا البحث مجهرا تعلم منه كلتا الطائفتين حقيقة أمرها، و وجهة سيرها، وتشخيص دائها، و وصفة دوائها، وقدر الجرعة وكيفية استعمالها ووقت تناولها.
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولا غرو أن ينال فضله مثلي مدفوعا بالأبواب، خلق الثياب، مخصوف النعال، قليل الجاه و المال .
وما حملني على هذا رغب، ولا رهب، ولكن كتبته وفاء بميثاق رب العالمين، وخوفا من لعنة اللاعنين، وهربا من لجام الكاتمين، قال تعالى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) وقال: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون )وفي الخبر ( من سئل عن علم فكتم ألجمه الله بلجام من نار ) والسؤال يكون بلسان المقال، وأصرح منه وأشد إلحاحا لسان الحال، وبه سئلت فأجبت، وعلى الله ـ وحده ـ اعتمدت، وهو حسبي وعليه اتكالي، لعلمه بمتقلبي ومآلي .

المقـدمة
اعلم أيها القارئ أنك فقير إلى معبود افتقارا أشد من افتقارك إلى الماء و الهواء، وهذا الافتقار مركوز في الأذهان ، مجبولة عليه الفطر ، فلو استغني عنه لاستغنت عنه الجاهلية الجهلا ، وهم في الفترة العميا ، ولكن أملت عليهم فطرهم أنه لا بد من معبود يلجأ إليه، وسيد يصمد إليه ، فنحتوا الأحجار ، وعبدوا الأشجار والنار ، جعلوا لها نصيبا من مالهم ، وحظا من حرثهم ، سيبوا لها السائبة ، ووصلوا من أجلها الوصيله ، فصار عندهم ـ في زعمهم ـ منهاجا يتحاكم إليه، وحدا يعتدى عليه ، فاستوضحوا الظلم بآرائهم ، واستبانوا الجرم بأهوائهم من غير علم ، فأخذوا على يد الظالم أخذا لا يتناسب مع جريمته ، وانتصروا للمظلوم انتصارا أكبر من مظلمته ، فحصل المرج ، وكثر الهرج ، وذلك بسبب فقد سبيل مستقيم ، وميزان قويم ، ينظم العلاقات ، ويفصل الحقوق المستحقات ويقدر العقوبات بقدر الجنايات .
فقير إلى الآخرين من زوجة تربي عيالك ، ويمتد منها نسلك ، فيحصل بقاؤك، من عامل يكمل نقصك ، ويشد أزرك ، من معمول له تستجلب منه رزقك ، من جار يؤنس وحشتك ، ويزيل غربتك ، من حاكم يوفر أمنك ، تقوم به الدولة ويمثل شخصيتها ، وتستقر به الأمة ويكون مشتكاها ، يكف الجاني ، ويفك العاني ، فتحصل به التنمية ، ويجلب المصلحة ويدفع المفسدة ،وتهدم على يديه مصلحة الخاصة ، في سبيل مصلحة العامة ، إلى غير ذلك من حلقات افتقارك التي عليها خلقت ، وعلى سدها جبلت ، ( لقد خلقنا الإنسان في كبد وكلما انسدت منها حلقة افتقرت إلى حلقات .
وما قضى أحد منها لبانته
وما انتهى أرب إلا إلى أرب

ولابد لهذه الحلق من تشابك قابل لأن تفك ـ عند الحاجة ـ حلقاته، ولا يصح هذا التشابك إلا عن تقابل، ولا يصح التقابل إلا على مقياس مستقيم ، صادر عن خبير لا يعتريه جهل ولا يتأثر بالهوى ، وعلمه بالحلقتين على حد السوا .
إذن فلا بد لتشابك هذه الحلق من تنظيم دقيق ، ينظم صلتها ، يا خذ لها ، ويأخذ منها بقدر متناسب ، و ميزان متحد ، يزن حقوقها بالقسطاس المستقيم ويسيرها على النهج القويم .
ولابد لهذا المنهج من راع واع لمقاييس الأمور ، يمثل شخصيته ، ويرفع رايته ، ويبلغ كلمته ، يجلب لأهل المنهج المصلحة، ويقف دون انتشار المفسدة بتنفيذ العقوبة المحددة قبل ارتكاب الجريمة ، وإلا كان المنهج حبرا على ورق لا يرتدع به ظالم ولا يخافه آثم .