عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 24-06-2004, 05:58 AM
الموريتاني الموريتاني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 18
إفتراضي نص الكاتب الجديد الذي صدر في موريتانيا حول التفجيرات (الجزءالثالث)

الفصل الثالث : في الدولة الإسلامية
وعلى هذا المنهج تقوم الدولة الإسلامية، وتنشر العدالة ، وتعم المساواة والحرية ، وتحد بينها وبين الأمم العلاقة ، من محاربة ، و مصالحة ونبذ عهد على سواء من غير خيانة ، وهذه هي أنواع العلاقة ، حتى يتم أمرها ، وتضع الحرب أوزارها .
ولا بد لإنشاء هذه الدولة من مكان بعيد عن سلطة الكفرة ، لا تناله أعينهم المخابرة ، لتبغتهم الدعوة في ديارهم ، وتسبق كلمة التهديد " أسلم تسلم" إلى آذانهم، فيدهشهم هذا الأمر ، ويضيق عليهم المفر ، فإن عاندوا وحاولوا المقاومة حاولوها مع دولة قد استوت وبلغت أشدها، وأظهرت عضدها ، وشمرت عن ساقها وأنشبت في الأعداء أظفارها ، لا تلوي على المخلفين ، لأن همها منحصر في إحدى الحسنيين .
فإذا استوت في هذا البلد أركانها ، امتدت إلى القرى المجاورة أغصانها ، قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت بقرية تأكل القرى) قلت : تاكلها ببسط النفوذ عليها ومد السيطرة ، وتبديل أخلاقها بالأخلاق الإسلامية .
وهكذا تنشر الدعوة ، وتمتد السيطرة ، ويسير ظل الدولة شيئا فشيئا حتى يعم جميع البلاد ، فيدفع الله بالجهاد الفساد ، ليغلب حزب الله وتعلوا كلمته ، وتمكن في الأرض دولته ، فتقيم الصلاة لأنها عمود الأمر الذي يثبت عليه بنيانه ، وتتوطد أركانه ، فتمتد أغصانه ، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، تتراص فيها الأبدان ، وتتألف القلوب ، فهي التدريب الدائم لجنود الإسلام ، وتمثل الطاعة المطلقة للإمام ، إذ بقيامه يقومون ، وبجلوسه يجلسون ، لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون ، يمتثلون توجيهه ، ويستمعون قرآنه ،فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الالباب ، وهم على هذه الصلاة دائمون ، لا يلهيهم عنها ربح تجارة، ولا حفظ زراعة ، (يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) .
وتؤتي الزكاة لأن بها زوال رذيلة البخل ، ومكافحة داء الشح ، وكبح جماح نهمة الجمع والمنع ، فيحصل النجاح والفلاح (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وهي طعمة الفقراء من مال الأغنياء ، والرافد القوي لبيت المال ، تؤخذ من السخي بلطف ، ومن المحتال بعنف ، تبعث لها الجباة والعمال ، وتامرهم باتقاء كرائم الأموال ، فلا يجمع المصًدَق بين مفترقين ولا يفرق بين خليطين ، وبأخذ الصدقة من الأغنياء ، وردها على الفقراء، تحصل الألفة ، وتزرع بين الطبقتين المحبة ، فتقوى روابط المودة ، لعلم الفقير والمحروم أن في كل مال حقهما المعلوم ، فيفرحان بنمائه ، ويصيران من أصدقائه ، فيقضى في المهد على جرثومة الحسد ، وبأخذ الجابي لها من ذاك ودفعها لهذا تنتفي نسبة الإنسفال والعلو ، بين يد الفقير ويد الغني ، فلا تعلو يد المزكي ، ولا تسفل يد المصرف .
والذي يحتاج للتمكين في الأرض من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، القتل على ترك الصلاة والقتال على منع الزكاة ، لا مجرد أداء الصلاة وإخراج الزكاة ، لأن ذلك من العبادة الفردية التي لا تحتاج إلى قيام الدولة .
وتامر بالمعروف لأنه ميزتها التي تمتاز بها ، وعلامتها التي تعرف بها ، منه نصرتها وخيريتها ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) وأعرف المعروف لا إله إلا الله محمد رسول الله، كلمة التقوى التي الأمة أهلها ، وهم أحق بها ، فبها يجادلون ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ولإعلائها يجاهدون ، فبذلك ينصرون ، مقتولين أو غالبين ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) وبها تكون لها العزة والقوة ، ولعدوها القهر والمذلة ، وعليه الكلفة ، لأنه بين مدين لها بالجزية ، يعطيها ناكس الرأس ، ذليل النفس ، أو بين مغلوب مسلوب المال والذرية ، أو مشرد ملاحق قد شاهد الهزيمة ويرتقب الطلب ولا يعلم أين المهرب .
وتنهى عن المنكر لأنه العائق لأمرها ، الحائل دون امتدادها وانتشارها ، فتقام الحدود ليستقر الوضع ، ويستتب الأمن ، بحفظ الحياة بالقصاص (ولكم في القصاص حياة ) وحفظ المال بالقطع ، والنسب بالرجم ، والأعراض والعقول بالجلد ، والدين بالقتل ، وتنظم الجنود لمكافحة المحاربين وأمن المسافرين وغزو المعاندين من الكافرين، لأن أعظم الفساد ، الكفر و العناد ، بعد الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولدرء هذه المفسدة وقطع هذه المعاندة ، أنزل الحديد فيه بأس شديد ، لتحصن الثغور بالعدة المانعة ، والقوة الدافعة ، حتى لا يظفر العدو بغرة ينتهك بها محرما ، أويسفك بها دما ، وفي الحديد منافع وأعظمها درء الفساد بقطع العناد، وافتتاح البلاد ، وجلب الغنائم والفيء طعمة لمن ينصر الله ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ، إليه المصير ، وله عاقبة الأمور .
وتلازم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنه ما من أمر بمعروف إلا وفي ضمنه نهي عن منكر ، وما من نهي عن منكر إلا وفي طيه أمر بمعروف .
ولما كان النهي عن المنكر ميزة هذه الأمة أفرادها و أمرائها ، تفاوتت درجته ، لينال كلا من الأمير و المأمور ميزته ، فيكسر الأمير شوكة المنكر بإظهار قوته ، ويقيم العالم الحجة بكلمته ، ويكتفي غيرهما بكراهته ، فيقف كل عند الحد الذي أمر به ولا يتعدى طوره ، ليلا يتجاوز المنكر قدره ، وعلى هذا يتنزل الحديث الصحيح ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) .
وهذه الوظائف الأربع من إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ، هي مهام الإمام المنصوص عليها في الآية الكريمة ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) وإنما خصت الآية هذه الوظائف الأربع لأنها يندرج فيها جميع مهام الشرع ، ففي إقام الصلاة يندرج جميع القيادات من إمامة و ولاية وإمارة عسكرية أو مدنية .
ويندرج في الزكاة كل الوظائف المالية من جباية وغنيمة وجزية و وضع خراج وصرفه ، وكتب الديوان و وصفه ، إلى غير ذلك من كل أخذ بحق ، ودفع لمستحق.
ويندرج في الأمر بالمعروف جميع مسائل التبليغ ، والعلم و التعليم وتصحيح الأحاديث وكتابة المصاحف وضبطها ونقطها وحفظ اللغة وأساليبها وموازينها .
ويندرج في النهي عن المنكر كل ما له تعلق بالحدود و إرسال الجنود من دفاع أو قطع نزاع ،أو تشريد معتد أو زجر ظالم ، أو جبر كسير بحكم ، أو تضميد جرح بنزع مظلمة من ظالم ، أو كسر شوكة آثم .
وإن شئت رددت جميع هذه المهمات إلى إقام الصلاة أهم المهمات ، ومن هنا فهم الصحابة خلافة الصديق من قوله صلى الله عليه وسلم (مروا أبابكر فليصل بالناس) لأن من قاد الأهم انقاد له المهم .
وهذه مهام الإمام خاصة لا يقوم بها غيره ، لكن إذ ا انتشرت الدولة وامتدت سيطرتها ، واتسعت رقعتها ، تعذر قيامه بنفسه بهذه المهام في كل ناحية ، فتعينت الإستنابة ليلا تعطل الأحكام ، وتتوقف الحدود ، وتختلف الجنود ، ومن هنا جاء تعيين الوزراء ،وتقليد الأمراء ونصب القضاة، وبعث الجباة ، وتحديد الإمارات، وقطع الإرزاقات ، ووضع الخراج وصرفه ، وتدوين الديوان و وصفه ، إلى غير ذلك .
أما تفصيل مهام كل إمارة ، وما يشترط في كل إمامة ، وبم تحصل الولاية ، ومتى تنعقد الإمامة ، وما هي صلاحية كل ولاية ، وما هي نهاية كل إمارة ، فليس هذا البحث محل ذكره لصغره وليراجع في محله من مطولات كتب أحكام السلطنة ومباحث القضاء والإمامة .
وبما أنه قد يخون الأمين، ويغش الناصح ، كان لزاما على الإمام أن يباشر تفتيش الأمور بنفسه وأن يفحص واردات النواب وصادراتهم ، ولا يتشاغل عن هذا بالتفرغ لعبادة أو الانشغال بلذة .
وبهؤلاء الأمراء خلفاء الإمام خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم في حراسة ما أتى به من عند ربه من الرسالة ومن السياسة يقيم الله دينه ، ويدفع عن الأرض الفساد ، وهذه هي حقيقة الجهاد ، وإنما سمي الجهاد دفاع الله الناس لأنه بإذنه وقع (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) ولإقامة دينه شرع، (ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيه إسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) فإن كان الدفاع لإقامة تنظيم البشر فلا يضاف لله ، لأنه لم يكن بإذنه، ولا لإقامة دينه، وإنما هو دفاع الناسِ الناس قال تعالى (ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) قلت: فسدت الأرض بالفوضى ، وغيبة المشتكى وهي المفسدة الكبرى ، أو بدفاع الناسِ الناس وهي بالنسبة للأولى مفسدة صغرى لأن بعض الشر أهون من بعض ، ومن ذلك جميع النظم الحاكمة
ـ اليوم ـ في جميع البلاد ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، و الحمد لله الذي ابتلانا بأخف الضرين ، وأهون الشرين، فإنه فعال لما يريد لا راد لقضائه ، ولا مانع لعطائه، لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون .
ومن أخف النظم الحاكمة بلاء ، وأقلها عناء ،وأكثرها غناء ، الديمقراطية وذلك لأن نفوس الشعوب سكنت إليها وظنوا أن جميع العدل فيها ورأوا من حسنها أن فيها أمنا واستقرارا وتنمية ومشتكى يحول دون الفوضى وحرية ومساواة وقوانين منضبطة ، وعقوبات منظمة ، وفيها تبادل للسلطة بالطرق السلمية ، وتوفير المصالح وجلب الثقة من الدول الممولة و البنوك العالمية ، ويجد فيها المواطن ثقة بنفسه ، وثمنا اعتباريا لصوته فينتصر به لحزبه، وينتقم به من خصمه، هذا بعض ما رأوا من حسنها وقد قيل :
يغمى على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن[/size][/font]