الموضوع: (( الأمثال ))
عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 01-12-2006, 04:32 AM
جنات عدن جنات عدن غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: سينين/ العريش
المشاركات: 526
إرسال رسالة عبر MSN إلى جنات عدن إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جنات عدن
إفتراضي

وقال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني‏}‏، فإنه أكبر منك وأشد خلقاً ‏{‏فلما تجلى ربه للجبل جعله‏}‏ فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل فدك على أوله، ورأى موسى ما يصنع الجبل فخر صعقاً‏.‏ وقال عكرمة ‏{‏جعله دكا‏}‏ قال‏:‏ نظر اللّه إلى الجبل فصار صحراء تراباً، والمعروف أن الصعق هو الغشي ها هنا كما فسره ابن عباس وغيره، لا كما فسره قتادة بالموت، وإن كان ذلك صحيحاً في اللغة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه‏}‏ فإن هناك قرينة تدل على الموت، كما أن هنا قرينة تدل على الغشي، وهي قوله‏:‏ ‏{‏فلما أفاق‏}‏ والإفاقة لا تكون إلا عن غشي، ‏{‏قال سبحانك‏}‏ تنزيهاً وتعظيماً وإجلالاً أن يراه أحد في الدنيا إلا مات، وقوله‏:‏ ‏{‏تبت إليك‏}‏، قال مجاهد‏:‏ أن أسألك الرؤية ‏{‏وأنا أول المؤمنين‏}‏، قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ من بني إسرائيل، واختاره ابن جرير‏.‏ وفي رواية أخرى عنه ‏{‏وأنا أول المؤمنين‏}‏‏:‏ أنه لا يراك أحد، قال أبو العالية‏:‏ أنا أول من آمن بك أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة، وهذا قول حسن له اتجاه، وقوله‏:‏ ‏{‏وخر موسى صعقا‏}‏ روي عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قد لطم وجهه، وقال يا محمد إن رجلاً من أصحابك من الأنصار لطم وجهي قال‏:‏ ‏(‏ادعوه‏)‏، فدعوه، قال‏:‏ ‏(‏لم لطمت وجهه‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه إني مررت باليهودي فسمعته يقول‏:‏ والذي اصطفى موسى على البشر، قال‏:‏ وعلى محمد‏؟‏ قال‏:‏ فقلت‏:‏ وعلى محمد‏؟‏ وأخذتني غضبة فلطمته فقال‏:‏ ‏(‏لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور‏)‏ ‏"‏رواه البخاري ومسلم وأبو داود‏"‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:‏ استب رجلان رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم‏:‏ والذي اصطفى محمداً على العالمين، فقال اليهودي‏:‏ والذي اصطفى موسى على العالمين، فغضب المسلم على اليهودي فلطمه، فأتى اليهودي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسأله فأخبره، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاعترف بذلك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏)‏لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق فإذا بموسى ممسك بجانب العرش، فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى اللّه عز وجلَّ‏)‏ ‏"‏رواه الشيخان وأحمد‏"‏‏.‏ والكلام في قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا تخيروني على موسى‏)‏ كالكلام على قوله‏:‏ ‏(‏لا تفضلوني على الأنبياء ولا على يونس بن متى‏)‏ قيل‏:‏ من باب التواضع وقيل‏:‏ قبل أن يعلم بذلك، وقيل‏:‏ نهى أن يفضل بينهم على وجه الغضب والتعصب، وقيل‏:‏ على وجه القول بمجرد الرأي والتشهي، واللّه أعلم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏فإن الناس يصعقون يوم القيامة‏)‏ الظاهر أن هذا الصعق يكون في عرصات القيامة يحصل أمر يصعقون منه، واللّه أعلم به، وقد يكون ذلك إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء وتجلى للخلائق الملك الديان كما صعق موسى من تجلي الرب تبارك وتعالى، ولهذا قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏فلا أدري أفاق قبل أم جوزي بصعقة الطور‏)‏
الآية رقم ‏(‏144 ‏:‏ 145‏)‏
‏{‏ قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ‏.‏ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ‏}‏
يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على أهل زمانه برسالاته تعالى وبكلامه، ولا شك أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم سيّد ولد آدم من الأولين والآخرين، ولهذا اختصه اللّه تعالى بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، وأتباعه أكثر من أتباع سائر المرسلين كلهم، وبعده في الشرف والفضل إبراهيم الخليل عليه السلام، ثم ‏"‏موسى بن عمران‏"‏كليم الرحمن عليه السلام، ولهذا قال تعالى له ‏{‏فخذ ما آتيتك‏}‏ أي من الكلام والمناجاة ‏{‏وكن من الشاكرين‏}‏ أي على ذلك ولا تطلب ما لا طاقة لك به، ثم أخبر تعالى أنه كتب له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء، كتب له فيها مواعظ وأحكاماً مفصلة، مبينة للحلال والحرام، وكانت هذه الألواح مشتملة على التوراة، وقيل‏:‏ الألواح أعطيها موسى قبل التوراة فاللّه أعلم، وقوله ‏{‏فخذها بقوة‏}‏ أي بعزم على الطاعة ‏{‏وأمر قومك يأخذوا بأحسنها‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ أمر موسى عليه السلام أن يأخذ بأشد ما أمر قومه، وقوله‏:‏ ‏{‏سأريكم دار الفاسقين‏}‏ أي سترون عاقبة من خالف أمري وخرج عن طاعتي كيف يصير إلى الهلاك والدمار والتباب، قال ابن جرير‏:‏ وإنما قال‏:‏ ‏{‏سأريكم دار الفاسقين‏}‏ كما يقول القائل لمن يخاطبه‏:‏ سأريك غداً إلى ما يصير إليه حال من خالف أمري على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخلف أمره نقل معنى ذلك عن مجاهد والحسن البصري ، وقيل‏:‏ منازل قوم فرعون، والأول أولى لأن هذا كان بعد انفصال موسى وقومه عن بلاد مصر، وهو خطاب لبني إسرائيل قبل دخولهم التيه، واللّه أعلم‏.‏
الآية رقم ‏(‏146 ‏:‏ 147‏)‏
‏{‏ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ‏.‏ والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق‏}‏ أي سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي، قلوب المتكبرين عن طاعتي، ويتكبرون على الناس بغير حق، أي كما استكبروا بغير حق أذلهم بالجهل، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فلما زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم‏}‏، وقال بعض السلف‏:‏ لا ينال العلم حيي ولا مستكبر، وقال آخر‏:‏ من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً، وقال سفيان بن عيينة‏:‏ أنزع عنهم فهم القرآن وأصرفهم عن آياتي، ‏{‏وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها‏}‏، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا‏}‏ أي وإن ظهر لهم سبيل الرشد أي طريق النجاة لا يسلكوها،
وإن ظهر لهم طريق الهلاك والضلال يتخذوه سبيلاً، ثم علّل مصيرهم إلى هذه الحال بقوله‏:‏ ‏{‏ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا‏}‏ أي كذبت بها قلوبهم ‏{‏وكانوا عنها غافلين‏}‏ أي لا يعملون بما فيها، وقوله‏:‏ ‏{‏والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم‏}‏ أي من فعل منهم ذلك واستمر عليه إلى الممات حبط عمله، وقوله‏:‏ ‏{‏هل يجزون إلا ما كانوا يعملون‏}‏‏؟‏ أي إنما نجازيهم بحسب أعمالهم التي أسلفوها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وكما تدين تدان‏.‏