عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 29-01-2006, 04:00 PM
أسعد المصري أسعد المصري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
الإقامة: جدة ــ دمشق
المشاركات: 256
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى أسعد المصري
إفتراضي كرسي الابتسام .. أم كرسي النفاق !

عندما طلب مني المصور أن أبتسم مرّ بذاكرتي شريط أحداث ذلك اليوم من صباحه إلى مسائه، كان

يوما استثنائياً في كآبته ، ولم أنتبه لشرود أفكاري إلا عندما قال المصور الهندي : ( ليش انت

مافي يبتسم صديق ؟ أنت في زعلان ؟) ، وراح يشعل المصابيح ويعدل الإنارة ...

حاولت أن أبتسم لكن عيناي وقعتا على لوحة معلقة على الجدار المقابل ومليئة بصور لأناس من

مختلف الأجناس والجنسيات ، لا يجمع بينهم سوى الابتسام ، .. إذاً هنا تختبئ كل البسمات التي كم

تمنيت أن أقابل يوماً واحدة منها ؟!!

لكن ما الذي جعل كل هؤلاء يبتسمون؟!!

ورحت أتخيل كيف أتى كل واحدٍ منهم وجلس مكاني على نفس الكرسي ابتسمَ فتصورَ ثم مضى .. ثم

أتى آخر جلس وابتسم فتصورَ ثم مضى .. ثم آخر .. ثم أخرى .. ثم آخر...

كدتُ أضحك من كاريكاتورية الصورة التي رسمها خيالي ، لكني على ما بدا ابتسمتُ فهتفَ

المصور : ( كدا كويس صديق ) وبدأ العد العكسي : ( ثلاثة .. اثنان .... ) لكنه لم يكمل لأني عدت

إلى (تكشيرتي) قائلاً لنفسي إما أن هؤلاء الناس كانوا سعداء بالفعل عندما التُقطت صورُهم ، وهذا

الاحتمال غير وارد لأن نسبة السعادة والارتياح النفسي لو كانت كبيرة بين الناس لهذه الدرجة لما

أصبحت الابتسامة عملة نادرة ، وإما أنهم كانوا يصطنعون ابتساماتهم .. نعم كانوا يصطنعونها ..

كانوا يخدعون أنفسهم وينافقون .. ومن يستمرئ خداع نفسه يستمرئ النفاق وخداع الآخرين ....

هنا صرخ المصور بي وعلامات الغضب اكتسحت وجهه : (صديق أنت مافي ابتسام بعدين صورة ما

يجي كويس .. بعدين شوف برا كتير زبون في انتظار) ، فهممتُ واقفاً وقلتُ له : (معليش صديق أنا

في يروح دحين يجيب ابتسام بعدين انا يجي يشيل صورة) وغادرتهُ بسرعة قبل أن يضربني بآلة

التصوير التي في يده متمتماً لنفسي وأنا أُخرِِج صورتي القديمة من محفظتي وأتمعّنُها : (صورة

قديمة باهتة الألوان وصادقة أفضل من صورة جديدة زاهية الألوان وكاذبة ).
الرد مع إقتباس