الموضوع: ظاهرة الخجل
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 29-04-2001, 03:24 AM
YARA YARA غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 734
Lightbulb ظاهرة الخجل

ظاهرة الخجل
من المعلوم أن ظاهرة الخجل من طبيعة الأطفال ولعل أولى أماراته تبدأ في سن الأربعة أشهر وأما بعد كمال السنة ،فيصبح الخجل واضحا في الطفل ،إذ يدير وجهه أو يغمض عينيه أو يغطي وجهه بكفيه إن تحدث شخص غريب إليه . وتلعب الوراثة دورها في شدة الخجل عند الأطفال ،ولا ينكر ما للبيئة من أثر كبير في ازدياد الخجل أو تعديله ،فإن الأطفال الذين يخالطون غيرهم ويجتمعون معهم يكونون أقل خجلا من الأطفال الذين لا يخالطون ولا يجتمعون !!!والمعالجة لا تتم إلا أن نعوّد الأولاد على الاجتماع بالناس سواء جلب الأصدقاء إلى المنزل بشكل دائم ،أو مصاحبتهم لآبائهم في زيارة الأصدقاء والأقارب ،أو الطلب منهم برفق ليتحدثوا أمام غيرهم سواء كان المتحدث إليهم كبارا أو صغارا ,. وهذا التعويد _لا شك _ يضعف في نفوسهم ظاهرة الخجل ،ويكسبهم الثقة بأنفسهم ،ويدفعهم دائما إلى أن يتكلموا بالحق لا يخشون في سبيل ذلك لومة لائم . وهذه بعض الأمثلة التاريخية التي تعطي للمربين القدوة الصالحة في تربية السلف الصالح أبناءهم على الجرأة ومعالجة ظاهرة الخجل .
منها أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ في طريق من طرق المدينة ،وأطفال هناك يلعبون ،وفيهم عبد الله بن الزبير وهو طفل يلعب ،فهرب الأطفال من هيبة عمر ووقف عبد الله ساكتا ، فلما وصل إليه عمر قال له : لم لم تهرب مع الصبيان ؟ فقال عبد الله على الفور : لست جانيا فأفرّ منك ،وليس في الطرق ضيق فأوسّع لك . وهذا جواب جريء سديد .
ومنها : أنه دخل وفد من المهنئين على عمر بن عبد العزيز في أول خلافته ،وتقدمهم غلام صغير فقال له عمر : إرجع أنت ،وليتقدّم من هو أسنّ منك !! فقال الغلام : أيّد الله أمير المؤمنين ،المرء بأصغريه قلبه ولسانه ،فإذا منح الله عبدا لسانا لافظا وقلبا حافظا ،فقد استحقّ الكلام ،ولو أن الأمر بالسّن لكان في الأمة من هو أحق منك بمجلسك هذا !!!
فتعجّب عمر من كلامه وأنشد : تعلّم فليس المرء يولد عالما ----وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإنّ كبير القوم لا علم عنده ----صغير ،إذا التفّت عليه المحافل .
لقد كان السلف يربون أبناءهم على التحرر من بوادر الإنكماش والانطوائية ،وذلك بسبب تعوديهم على الجرأة ،ومصاحبة الآباء لهم لحضور المجالس العامة ،وزيارة الأصدقاء ،وبالتالي تشجيعهم على التحدث أما الكبار ،ثم دفع ذوي النباهة والفصاحة منهم لمخاطبة الخلفاء والأمراء ،وهذا كله ينمّي في الأولاد الجرأة الأدبية ويغرس في نفوسهم أنبل معاني الفهم والوعي ويهيب بهم أن يتدرجوا في مدارج الكمال وتكوين الشخصية والنضج الفكري والإجتماعي . فعلى المربين اليوم ولا سيما الآباء أن يأخذوا بقواعد هذه التربية الفاضلة حتى ينشأ الأولاد على الصراحة التامة والجرأة الكاملة ضمن حدود الأدب والاحترام ومراعاة شعور الآخرين وإنزال الناس منازلهم ، وإلا فإن الجرأة ستنقلب إلى وقاحة ،،،وعلينا أن نميّز بين الخجل والحياء . فالخجل هو انكماش الولد وانطواؤه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين .أما الحياء فهو التزام الولد مناهج الفضيلة وآداب الإسلام . فليس من الخجل في شيء أن نعوّد الولد على الاستحياء من اقتراف المنكر وارتكاب المعصية ، وليس من الخجل في شيء أن نعوّد الولد على توقير الكبير ،وغض البصر عن المحرمات ،وكفّ الأذن أن تسترق سرا ،أو تكشف خبئا .وهذا المعنى من الحياء هو ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين قال : "إن لكل دين خلقا ،وخلق الإسلام الحياء "
__________________
" أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً"
حديث شريف
الرد مع إقتباس