الموضوع: سجادتي تبكي
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 11-11-2002, 04:13 PM
*اليشمـــك* *اليشمـــك* غير متصل
عـــابرة سبيـــل
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2002
المشاركات: 2,220
Unhappy سجادتي تبكي

السلام عليكم

لا شك أن كل ابن آدم ينام ، وكل إنسان يؤوي إلى فراشه ليلاً ، ولكن هل تعرفون
كيف كانت نومتي تلك الليلة ؟

كنت نائماً في ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، من بعد نصب وتعب من مشاغل الدنيا ، ما
أكثرها .. وقد استلقيت على فراشي ، وغرقت في نوم عميق جداً .. فاستيقظت قبل
الفجر من عطش شديد ألم بي ، فقمت لأشرب الماء فسمعت أنيناً يخرج من الأرض ،
تلفت حولي فذهب الأنين ، ثم ذهبت وشربت الماء ثم عدت إلى الفراش ، وإذا بالأنين
يعود مرة أخرى ، وفي هذه المرة كان الأنين قوياً وكأنه صوت بكاء ، فتحسست
الأرض بيدي ، حتى أمسكت (سجادتي) فسكتت ..

قلت متعجباً : أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟!

قالت: نعم.

قلت: ولماذا.

قالت: لقد أيقظك عطشك ، وشربت من الماء حتى ارتويت ، وأنا بحاجة إلى الماء ولا
أجد من يرويني الماء !!
قلت: وهل تريدين أن أحضر لك كأساً من الماء ؟

قالت: لا ليس هذا هو الماء الذي يرويني ، إنما يرويني دموع العابدين التائبين.

قلت: ومن أين لي أن آتي لك بهذا النوع من الماء ؟

قالت: وهذا هو سبب بكائي فقم يا عبدالله وصل لله ركعتين في ظلمة الليل ؛ حتى تنير
لك ظلمة القبر والجزاء من جنس العمل ، ولم يبق من الوقت إلا القليل وبعدها يؤذن
المؤذن لصلاة الفجر.

قلت: دعيني وشأني يا سجادتي.

قالت: يا عبدالله قم لصلاة الفجر ، فإنها حياة للقلب وللروح ، وقد حان موعد الأذان
ليردد: (الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم) وأنت تستجيب لنداء الدنيا كل
يوم في الليل والنهار .. ولا تستجيب لنداء العزيز القهار ؟!!

قلت متضايقاً: دعيني أنام يا سجادتي .. فأنت تشاهدينني كل يوم ، لا أعود إلى المنزل
إلا وأنا منهك متعب ..

ثم أخذ اللحاف ووضعه على صدره فشعر بالدفء واستسلم لسلطان النوم !!

قالت السجادة: يا عبدالله. وهل تعطي للدنيا أكثر مما تعطيه لدينك ؟

قلت بلهجة تهكمية: أسكتي يا سجادتي. أرجوك لا تتكلمي .. فإنني متعب ومرهق. أريد
أن أنام ..

سكتت السجادة برهة متأثرة بما قال عبدالله وقالت بصوت حزين: آه لرجال الفجر !!
آه لرجال الفجر !!

ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس
وقبل غروبها ـ يعني الفجر والعصر ـ ".

وقال عليه الصلاة والسلام: " من صلى البردين دخل الجنة ".

وقال: " بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ".

وقال أيضاً: " ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا".

فانتبه عبدالله من غفلته وقال: فعلاً إن صلاة الفجر مهمة !!

السجادة: قم يا عبدالله قم. قال: غداً أبدأ إن شاء الله .. ولكن اتركيني اليوم لأنام فإنني
مرهق !!

السجادة: وهي متحسرة (من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال)
.

ثم قالت: ستنام غداً في قبرك كثيراً يا عبدالله ، وستذكر كلامي ونصحي … ثم تركته
السجادة ، ونام عبدالله ، ولكن ! كانت أطول نومة ينامها في حياته فقد مات تلك الساعة
!!

فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته قائلة :

يا مـــــن يعد غـداً لتـوبته ..... أعلى يقين من بلوغ غد

المرء في عيشه على أمل ..... ومنيته الإنسان بالرصد

أيام عمــــرك كلها عـــدد ..... ولعل يـومك آخر العدد


تحياتي لكم
__________________