عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 02-08-2003, 12:35 AM
لورنس العرب لورنس العرب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
المشاركات: 39
إفتراضي

لقد كان الاستبداد العربي مخففا وقابلا للاصلاح قبل الحجاج وارباب نعمته فالجاحظ يخبرنا في رسائله ان بعض الصالحين كانوا يعظون الجبابرة ويخوفونهم من العواقب وكانت في الناس بقية تنهى عن الفساد وتطالب بالرأفة في الارض حتى جاء عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف:«.. فزجرا على ذلك وعاقبا عليه، وقتلا فيه، فصاروا لا يتناهون عن منكر فعلوه».ان كل تعابيرنا ومصطلحاتنا الحديثة المتعلقة بالاستخبارات والسجون وعسف الشرطة حين لا يردعها قانون ولدت في عصر الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كانت ولايته على العراق لا تقل شؤما عن ولاية «بريمر» ففي عهده خرب الزرع والضرع واقفرت مناطق كاملة خوفا وجزعا، فالاستبداد كالجفاف يزيل الخضرة والالوان ويزرع الرماد والتصحر ليس في الارض فحسب، بل في النفوس والعقول وهذا ما دفع الناس الى اعتبار موته من ايام الرحمة لكن موت المستبد وحده لا يكفي ان لم يتم تفكيك مؤسسات الاستبداد، فمن دون خلق تلك البدائل التي عجزنا عن ايجادها منذ ايام الامويين سيظل سيف الظلم مسلطا على الرقاب، وستظل دولة الاستبداد متحكمة بالاقدار والمصائر في شرقنا الذي يسمونه ـ على سبيل المزاح قطعا ـ الشرق العربي السعيد - وهذا يتسق مع روح اللغة العربية وفقهها فبلغاء العرب كانوا يسمون الملدوغ سليما وباهرة الجمال قبيحة وانطلاقا من بلاغتهم لك ان تخمن ماذا يضمرون حين يصفون عهدا بالعدل او يمنحون حكومة ما صفة الرأفة، ويحرصون على ان يظهروا من القابها العديدة المحسنة لقب الحكومة الرشيدة

منقول من جريدة الشرق الأوسط العدد رقم 8998
__________________
وليس يصح في الأفهام شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل