عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 09-05-2007, 10:02 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

وقفت بالأمس حين رأيت الموت يصارع فتى مبتسما مفتوح العينين، وهالني كيف كان ينتحر الموت على أعتاب بنانه، وتعلن الروح أنها لا بد أن ترحل يوما إلى مستقرها وتترك جسده هنا في عالم الجبناء.

كان أكبر من الموت يا أمي، وكنت أصغرٌ في عينيه كلما أقبلت على الحياة. كان يحاكي الموت بأناشيد ساخرة فنسمعه يردد:


احنا مشينا مشينا للحرب
عاشق يدافع من أجل محبوبته .. محبوبته .. واحنا مشينا للحرب
هذا العراقي.. العراقي.. مِن يحب.. يفنى ولا عايل يمس محبوبته .. محبوبته


ويرحل للأقصى منتشيا حالما غاضبا:

نحلف يمين واللي بده يكون يكون... غير الجهاد ما بيحل القضية

أذكر أنه كان ينظر إليك يا أمي وقبل أن يفتح الباب يقبل جبينك المرمري قائلا:

يا نفس إلا تقتلي تموتي ** هذا حمام الموت قد.....

ثم يدندن ولا يكمل مقطعا، كأنه ينسى كل الكلمات إلا كلمة الموت التي كانت تشنف آذانه بأناشيد الحياة.
هل تذكرين يا أمي كيف كنت تزجرينه وهو يرفع صوته عاليا منتشيا بأنغامه غير عابئ برقود جارنا على فراشه القسري؟؟
هل تذكرين كيف كنت تصرين على تعليمه أن يصافح الحياة يوما واحدا، فيبتسم ساخرا: احنا مشينا مشينا للحرب.

غني اليوم يا أمي، أحبك أن تغني وتحدثي شجر الزيتون عنه، واسمعيه من خلف ستار الأيام أهازيجك الجبلية التي حاول جاهدا أن يفك طلاسمها فلم يفلح، لكنه كان يتفنن في اقتلاع ضحكتك من أيامك القاسية.

غني يا أمي للحب، للوطن، للوالد، للشهيد ولأوتار العمر
وارقصي طربا لقطوف تدنو ليلتقطها ابنك من علياء القمر
واسرحي في المروج والمخيمات وامسحي عن حور الحي لمحة الضجر

وعلميني وعلميهم كيف يراقصون الموت ويسخرون من الحَزَن
وابتسمي في وجوهنا علنا نقول يوما بصدق:
صباح الخير يا وطن


تحياتي
خاتون: قابضة على الجمر
الرد مع إقتباس