بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
أختي الكريمة..صراحة قرات موضوعك هذا أمس لكن امتنعت عن الرد خوفا وحرجا..فلست متزوجة لأنصحك بكيفية التعامل مع الزوج..فخفت ان اقول شيء فاكون سببا في أسوء منه والعياذ بالله..ثم لأن الموضوع محرج..لكن اليوم قررت ان انصحك بصفة عامة بإذن الله تعالى ومن يدري لعل شيئا من كلامي ينفعك والله اعلم وإلا فيكفيني دعوة عن ظهر غيب كإحسان منك فمن ذا الذي ليس بحاجة لدعاء صادق..وجزاك الله خيرا وألهمك صبر الصالحين برحمته آمين.
أنظري اختي العزيزة..أولا أذكرك بدعاء المصيبة : "إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها"..
ثانيا..لا تقنطي من رحمة الله مهما طال الليل اختي فإن الصبح قريب إن شاء الله تعالى..فكلما ضعفت وضاقت بك الدنيا بما رحبت وفقدت الأمل فتشبتي بربك وقولي يا املي ويا رجائي..ولا تغلقي بابه أبدا فهو الرحيم الرحمن بعباده سبحانه.
ثالثا..جددي نيتك واجعليها لله وحده سبحانه..فانوي أنك بهذا العمل تطلبي وجه الله تعالى..استجابة لامره لنا سبحانه ولرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..وأنه إن اعانك الله على هداية زوجك للطريق المستقيم خير لك من الدنيا كلها وما فيها..يعني ما كان لله خالصا اكيد يأتي بثمار أطيب وأسرع بإذنه سبحانه.فاصدعي بهذا الأمر ولا تخشي شيئا..فما علاقتك الزوجية بأهم من علاقتك بربك سبحانه..إن فزت برضى الله فتلك هي الدنيا وما فيها.. وإن فزت برضى الناس دون رضى رب الناس فقد خسرت خسرانا مبينا ونسال الله لك ولنا السلامة والعافية برحمته آمين..ومن ينصر الله ينصره الله..
رابعا..تضرعي لله فهو الذي ابتلاك بهذه المصيبة وهو القادر أن يرفعها عنك برحمته سبحانه..فلله الحكمة البالغة تعجز عقولنا القاصرة عن إدراكها..أحيانا يكون الخير لنا في أشياء نكرهها او يكون الشر لنا في أشياء نحبها..فلربما ابتلاك بهذا الشيء ليعلم صبرك وصدقك..أولربما ابتلاك بهذا الشيء لأنه يريدك ان تتضرعي إليه وتتذللي في بابه فيسمع صوتك ثم بعطيك مبتغاك..ولربما ابتلاك بهذا الشيء لرفع درجاتك عنده بصبرك..أو بأمرك بالمعروف ونهيك عن هذا المنكر فتكونين من خير الناس لحبك لهذا الدين وإخلاصك لربك في أمره ولو كان في أقرب الأقربين لك ولا تخشين غير ربك سبحانه..ولربما هو مغفرة لذنوب..فالحمد لله على كل حال..وما خاب من تضرع لله ودعاه وفاضت عيناه رغبة ورهبة له..فهو ولي المؤمنين ولا ولي لنا غيره سبحانه..وهو مجيب الدعوات كاشف الغمات مفرج لكربات مذهب الضر والأسقام ومغيث المستغيثين. سبحانه وتعالى..
خامسا..تفنني في طريقة نصحك..فلا تغضبي ولا تتسرعي ولا تهملي ولا تتكبري ولا تستهزئي..بل كوني حليمة طيبة الكلمة مشفقة رؤوفة..ولك في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقة نصحه ووعظه..فعليك بها قبل ان تشرعي في هذا الأمر..فهو شيء ليس بالهين ولا سهل إلا ما جعله الله سهلا..وكم لمريد للخير لا يصيبه..فاستعدي وهيئي نفسك له جيدا..ثم بالحكمة والكلمة الطيبة وبالتي هي أحسن فلا شيء يأتي في لحظة وفجأة إلا الموت..فالطريق سيكون طويلا لكن صاحب الهمة لا يهاب المصاعب بإذن الله تعالى.وحاولي بكل الوسائل والطرق وما أكثرها.
سادسا..هو زوجك وانت زوجته..وكيد النساء عظيم..فاتقي الله فيما نهاك عنه لكن عليك بالكيد الغير الضار..فلا ضرر ولا ضرار..إن شاء الله تفهمين قصدي ( وآسفة إن أحرجتك)..
سابعا..الله يحسن إليك..هذه إليك خاصة..من فضلك اختي هوني على نفسك..وإن كان يقال أن السبب الرئيسي الغالب دوما في مثل هذه الحالات هو تقصير من طرف الزوجة..لا تفقدي الأمل ولا تشوشي عقلك به..بل خذي بالأسباب وحاولي أن تبحثي عن اخطائك وصححيها إن استلزم الامر لكن دون ان تقنعي نفسك بانه فعلا هو السبب..فليست كل الحالات الغالبة تطبق علينا..فهناك حالات خاصة ايضا ولربما كانت هي حالتك..فهذه المصيبة متى ما ابتلي بها احد ولم يفطم نفسه عنها بسرعة صعب عليه الإقلاع عنها..وما كان ياتي من الشيطان كله يستقر في القلب بسهولة ولا ينزع إلا بصعوبة لكن مع الإخلاص والنية الصادقة يسهل بإذن الله تعالى..فلربما هذا هو السبب..يمكن قد ابتلي بهذا الشيء منذ فترة وتهاون عليه فاستقر في قلبه..فساعديه بإذن الله..فلا تضيقي على نفسك بمثل هذه الأفكار أن السبب منك..أصلحي ما تستطعين إصلاحه بإذن ربك وكفى..
ثامنا..إن انت حاولت وحاولت ولا نتيجة..فعليك بأحد الصادقين ممن يحبهم ويثق بهم زوجك وانت كذلك وصارحيه بالمشكلة واطلبي منه أن يساعده لوجه الله تعالى واجره على الله..
تاسعا..اوصيك مرة اخرى بالدعاء في الأوقات المستجابة كما بين الآذان والإقامة..أو دعوة الصائم إذا أفطر..أو في السفر..وفي الليل اختي..فسهام الليل لا تخطئ..في الثلث الأخير يتنزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ليسمع أصوات عباده المخلصين..منهم الباكي..ومنهم المستغفر..ومنهم الخاشع..ومنهم الداعي..ومنهم المسبح..ليعطي الداعي مراده..ويغفر للمستغفر ذنبه..ويرحم الخاشع والباكي ويجبر بقلبه..ويؤنس الوحيد والغريب ويجبر كسره..سبحانه وتعالى فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه.جعلنا الله ممن يستقبلونه في ظلمة الليل باخلاص وصدق دوما وأبدا برحمته آمين..عسى ان نكون من المرحومين آمين.
عاشرا..حرضي زوجك على كثرة الصيام..والصدقة..وكثرة السجود..وتلاوة القرآن..فلا أعظم منها في مثل هذه الحالات بإذن الله تعالى.ولتتعاونا على البر والتقوى والله يحب المحسنين.
هذا ما يحضرني الآن..والله أسال أن يفرج عنك همك وغمك وياجرك في مصيبتك ويخلفك خيرا منها..ويصلح لك زوجك وذريتك ويحييكما حياة طيبة ويسعدكما في الدارين..اللهم أصلح بيوت المسلمين والمسلمات وانشر عليها من رحمتك وبركاتك يا أرحم الراحيمن يا رب.آمين..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت أستغفرك واتوب إليك.