عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 08-06-2006, 03:57 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي




هل خسر المسلمون قوّتهم بموته
!!



نعم ، لقد خسروا قيادة فذة ، وعزيمة صلبة ، ولكن الرجال في الأمة كثير ، فقد مات الشيخ عزام وخرج بعده أسامة ، وغاب قادة المجاهدين عن ساحة الجهاد في أفغانستان فخلفهم الطلبة ، ومات الأمير سيف الإسلام "خطاب" رحمه الله فخرج بعده "الغامدي" ثم قُتل وخرج في الشيشان غيره
..



إنها "مؤتة" ، والتاريخ يعيد نفسه ، فلما مات زيد وجعفر وابن رواحة - رضي الله عنهم أجمعين - التقط الراية رجل لم يكن بأفضلهم فانحاز بالمسلمين فصار "سيف الله" أعاد الكرة على الكافرين .. إنها أمة وَلود لم تعقم في تاريخها الطويل ، فما زالت النساء ينجبن الرجال ، ولم تعقم النساء أن يلدن مثل الزرقاوي رحمه الله ، ولعل في العراق سيف لله في غمده لم يُستلّ بعد .. والمتأمل في تاريخنا الحديث يرى أنه كلما مات قائد للمسلمين يأتي بعده من هو أشد منه نكاية وأعظم بطشا وإرهابا للعدو ، فالحمد لله الذي له الخيرة في الأمر كله سبحانه
..



إنها أيام ، وإنها دول ، والحرب سجال ، والقوم ما عرفوا الجد إلا بعد أن أذاقهم المجاهدون المنون ، ولإن قتلوا أبا مصعب ، فكم قتل هو منهم !! ولإن أنهوا وجوده من العراق ، فكم ترك لهم خلفه من الرجال الذين يتحرقون شوقا لميتة كميتته
!!



إن الأمير الزرقاوي لم يكن في يوم من الأيام شخصا واحداً ، بل هو جبهة متكاملة لا يمكن القضاء عليها بقتل بضعة رجال .. إنه كيان متكامل متشعب مترابط بعقيدة وعزيمة وقوة لا يمكن تفكيكها وخلعها بالقنابل ، وهذا ما لا يفهمه من لم تخالج العقيدة قلبه ، ولم يتغلغل الإيمان في شغاف نفسه
..



لإن قتلوه فإنه ترك خلفه من يسوء وجوههم من ليوث كرهوا الحياة وأحبوا لقاء الله ، وقد علّمهم الزرقاوي احتضان الموت بصدر رحب ، والهجوم على العدى كالشّهب ، فهم بين منغمس في عدوه ، ومفجر فيهم نفسه ، ومنعطف عليهم ببأسه ، ولسان حال أحدهم يقول
:



أمشي الضَّرَاءَ لأقوام أحاربهم ... حتى إذا ظَهَرتْ لي منهم الفُقَرُ (1
)


جمعتُ ضَبْراً جراميزي بداهيةٍ ... مثل المنيّة لا تُبقي ولا تذَرُ (2
)



[ (1)
الضراء : الخفية ، والفُقر : والجوانب والقرب .. (2) الضَّبر : جمع القوائم والوثب ، الجراميز : القوائم
]



إن موت الأمير الزرقاوي درس للمسلمين يجب أن يعوه ، فالقيادة ليست خالدة ، ومصير الأمة ليس في يد رجل كائنا من كان ، ومن كان يعبد الرجال فإن الرجال يموتون .. الله وحده الحي الباقي سبحانه ، ومصير الأمة والكون في يده سبحانه ، وإن كان الله معنا فلن نضيع ، والمطلوب منا أن ندعوه أن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين ، وأن نؤمن بأنه هو يفعل ويختار لنا ما يشاء سبحانه وما يختاره هو الأفضل والأصلح لنا ، فإذا اختار بقاء القادة فله الحمد والمنة ، وإذا اختار قبضهم فله الحمد والمنة {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص : 68) ، فعلى المؤمن أن يرضى بقدر الله ويسلّم أمره لله ، ولا يسخط ولا يعترض على أمر الله وتدبيره الحكيم
..



إن الحق لا بد ظاهر ، وأهل الحق هم المنتصرون لأن الحقَّ وعَدَ ووعده الحق ، وهو ناصر عباده متمٌ نوره ولو كره الكافرون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
} ..



أقول لجميع المجاهدين وجميع شباب الأمة الغيورين على الدين : إننا أمة لا تعرف الحداد ، ولكن الجهاد الجهاد
..



اللهم ارحم أبي مصعب وتقبله في الشهداء .. اللهم اجعل روحه في حواصل طير خضر معلقة تحت عرشك سبحانك .. اللهم اغفر له ، واجعله ممن يرى مقعده من الجنة ، وحلّه بحلية الإيمان ، وأجره من عذاب القبر ومن الفزع الأكبر ، وزوجه باثنتين وسبعين من الحور العين ، وألبسه اللهم تاج الوقار ، وشفعه في أهله
..



اللهم اكرم نزله ، ووسع مدخله ، وتقبله في الشهداء .. اللهم إنا نشهد له بالخير شهادة نلقاك بها فتقبل شهادتنا .. اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب ، ونقه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، واغسله بالماء والثلج والبرَد . اللهم اجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين وألحقنا بهم
..



اللهم تقبله شهيدا
..


اللهم تقبله شهيداً
..


اللهم تقبله شهيداً
..



والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
..




كتبه


حسين بن محمود


12
جمادى الأولى 1427هـ
ــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
__________________