عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 01-09-2003, 07:29 AM
ahmednou ahmednou غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 477
إفتراضي

العلم الذي عند الغرب ينفعنا وينفعهم في الدنيا فقط…أما علم الإيمان ومعرفة الله والدار الآخرة والجنة والنار، فينفعنا وينفعهم في الدنيا والآخرة… والعلم الذي عندهم يعيننا على أن نعيش في الدنيا، أما العلم الذي عندنا وهو علم الإيمان، يعيننا على أن نعيش سعداء في الدنيا والآخرة… ويجعلنا ملوكا في الجنة، وهي منزلة لا يوصل إليها -ولا إلى واحد في المليون منها- العلم الذي عندهم…فالعلم الذي عندنا أهم وأبقى وأخطر ونتائجه عظيمة القدر باقية أبدية…
والذي حصل أننا في القرنين السابقين ضعف في قلوبنا الإيمان، فعَظَّمْنا مادتهم واختراعاتهم والعلم الذي عندهم أكثر من تعظيمنا للإيمان ولله والآخرة…فتكالبنا على اختراعاتهم ومادتهم وعلومهم، على حساب ديننا، بل ودنيانا..فلم يعطونا شيئا من علومهم إلا وقد أضاعوا مثله من ديننا بإلقاء الشبهات وبث الفكر المخالف للإسلام… بل وأضاعوا مثله من دنيانا، فسيطروا علينا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. وكلما تكالبنا على مادتهم وعلومهم كلما زاد ضياع الدين، وزادت السيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية…
ولو كنا نعلم علم اليقين أن ما عندنا من العلوم أهم وأعظم مما عندهم من العلوم.. لكان الاهتمام بتصدير تلك العلوم أكثر من اهتمامنا باستيراد ما عندهم من العلم… ولكننا نريد أن نأخذ منهم ما عندهم من الفاني التافه، ولا نعرض عليهم ما عندنا من الباقي العظيم القدر، وهو معرفة الله والآخرة…وهم يحتقروننا لأننا ليس عندنا شئ نعرضه عليهم.. وكأنهم يقولون: أنتم تأخذون منا كل شئ وليس عندكم شئ تعطونه لنا…. لأننا نتكالب على ما عندهم من متاع الدنيا تكالب الكلب اللاهث على السراب…والحل هو أن نعمق الإيمان في قلوبنا، ثم يكون جل اهتمامنا بعرضه عليهم، لا يكون جل اهتماماتنا التذلل لهم من أجل عَرَضِ الدنيا الفاني، وترك عَرْضِ بضاعة الآخرة…
فأهل الغرب كفار مساكين، ويعيشون في الدنيا كالأنعام، كما يقول مفكرهم:الإنسان حيوان ناطق… ثم يموتون ويخرجون من الدنيا ولم يذوقوا أشرف العلوم وأهمها وأعظمها وأجلها: معرفة الله عز وجل، وهذه العلوم هي عندنا نحن فقط… فيجب أن يكون فينا شعور الرأفة والشفقة على هؤلاء.. وأن نبين لهم أن ما عندنا من العلوم أهم بكثير مما عندهم، ولا مانع من الاكتشاف والاختراع بل ونقل ذلك إلى بقية الشعوب، ولكن المانع ألا نستخدم هذه الاختراعات والمخلوقات التي خلقها الله لنا في طاعته وعبادته… والمانع أن نقتصر على الاهتمام بظاهر الحياة الدنيا ونكون عن الله وعن الآخرة غافلين… والعالم اليوم يعيش حياة مادية لا اعتبار فيها لأي إله إلا الثالوث المقدس الجديد: الإنتاج والجنس والمادة… والشعوب إذا عرفت أن هناك علوما أشرف من علوم الغرب، سوف تلهث إلينا، لأن النفوس سوف تتعطش لتزكية الروح والرقي بها، بعد أن يجدوا ويقتنعوا ويصلوا إلى أن المادة لا تشبع ظمأ نفوسهم وروحهم، ولا تحقق لهم أي سعادة في الدنيا… وهذه النتيجة لا بد أن تصل إليها المجتمعات العلمانية المادية يوما ما، شعوبها فقط إن لم تكن شعوبها وحكوماتها… فيجب علينا أن نعرض عليهم بضاعتنا وأن يكون هذا جهادنا في وسائل الإعلام المختلفة… بدلا من أن نتكالب على علومهم واختراعاتهم، فيسيطروا علينا ويحتلونا، ثم تكون النتيجة استضعافنا فنظل ندعو عليهم بالهلاك والقتل أجمعين… والعيب الأول فينا نحن، فلم ندلهم على أسباب الهداية التي تجعلهم يعيشون في الدنيا وفي الآخرة سعداء، وتجعلهم لنا أصدقاء أحباء أولياء بدلا من أن يكونوا أعداء محاربين…
وهذا هو نموذج الصحابة رضوان الله عليهم، كان اهتمامهم بنشر الدين في الأمم المتحضرة: الفرس والروم، هو الذي يسيطر على عقولهم وفكرهم.."إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة"… وقد أعلنوا زهدهم فيما في أيدي الفرس والروم من الأموال والنفائس والحضارة، وذلك بإتلاف ربعي بن عامر --قائل القول السابق- لوسائد كسرى بسيفه وهو يسير إليه. وكأنه يقول لا حاجة لنا في نفائسكم ودنياكم، إنما جئنا لنعرض عليكم ما هو أهم من ذلك كله…بضاعة الإيمان والآخرة… والسعادة الحقيقية التي تفقدونها في معرفة الله، والسير إلى الجنة… فدخلت تلك الشعوب في الإسلام بحضارتها وأموالها ومادتها وعلومها..ففازوا بالدنيا والآخرة…أما نحن فخسرنا وخسرت الشعوب التي يجب علينا أن ندعوها…الجميع خسر الدنيا والآخرة…
فمشاعرنا غير مشاعر الصحابة، ولذلك وجب لهم الفتح، والنصر، وملك البلاد والشعوب، والتمكين في الأرض… وحق علينا الذل، والهوان، والكوارث، والنكبات، والنكسات، والضعف، والاستضعاف، والفشل، وذهاب الريح، والاحتلال، والهزيمة النفسية قبل الهزيمة الحربية، والتخلف، والتدني، والشقاء، والعذاب، والاستبدال، والاضطهاد، وسلب ما في أيدينا من متاع الدنيا الذي تركنا الآخرة من أجله…
وانظر كتاب"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" للعلامة أبي الحسن الندوي…
__________________
أبو سعيد