عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 17-09-2001, 03:54 AM
سعود صلف سعود صلف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
المشاركات: 56
Post

أولاً: الإمساك عما شجر بينهم...
الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة مبسوط في عامة كتب أهل السنة في العقيدة ، كالسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والسنة لابن ابي عاصم ، وعقيدة أصحاب الحديث للصابوني ، والإبانة لابن بطة ، والطحاوية ، وغيرها .
أستغرب أنك لم تقف عليها رغم دخولك في الحديث عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم...

قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا ذكر اصحابي فامسكوا ، وإذا ذكر النجوك فامسكوا ، وإذا ذكر القدر فامسكوا )) . ( أخرجه الطبراني في الكبير 2 / 78 / 2 ، وابو نعيم في الحلية 4 / 108 ، وفي الإمام من حديث ابن مسعود ، وقواه الالباني بطرقه وشواهده - السلسلة الصحيحة1 / 34 ) .
ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم .

قال ابو نعيم رحمه الله : (( فالإمساك عن ذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر زللهم ، ونشر محاسنهم ومناقبهم ، وصرف أمورهم إلى اجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان ، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) .
ويقول ايضا في تعليقه على الحديث المشار إليه : (( لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، وإنما امروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة )) . ( الإمامة 347 ) .

اذا فالإمساك المشار إليه في الحديث الشريف إمساك مخصوص يقصد منه عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة والانتصار لاخرى . ( منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل 227 ) .

ونحن لم نؤمر بما سبق / وإنما أمرنا بالاستغفار لهم ومحبتهم ونشر محاسنهم وفضائلهم ، وإذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلابد من الذب عنهم ، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل . ( منهاج السنة 6 / 254 ) .

قال ابن أبي زيد يصف أهل السنه: (( والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ، ويظن بهم أحسن المذاهب )) . ( مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني ، وانظر تنويرا لمقالة حل إلفاظ الرسالة للتتائي ) .

وقال ابن دقيق العيد : (( وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما هو باطل وكذب ، فلا يلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن الثناء عليهم من الله سابق ، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم )) . ( أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلان ص360 ) .

ثانياً: أما عن تكرارك ثلاث مرات للفظ (باغ) فهي لفظ قرآني ولا تنفي الصحبة والفضل والإيمان ، تأمل:
(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ...)(الحجرات الآية9)

أيضا من المهم أن نعلم أن القتال الذي حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن على الإمامة ، فإن أهل الجمل وصفين لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ، ولا كان معاوية يقول إنه الإمام دون علي ، ولا قال ذلك طلحة والزبير ، وإنما كان القتال فتنة عند كثير من العلماء ، بسبب اجتهادهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان رضي الله عنه ، وهو من باب قتال أهل البغي والعدل ، وهو قتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام ، لا على قاعدة دينية ، أي ليس بسبب خلاف في أصول الدين . ( منهاج السنة 6 / 327 ) .
ويقول عمر بن شبه : (( إن أحدا لم ينقل ان عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة ، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة ، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم )) . ( أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13 / 56 ) .
ويؤيد هذا ما ذكره الذهبي : (( أن ابا مسلم الخولاني وأناسا معه ، جاءوا إلى معاوية، وقالوا : أنت تنازع عليا أم أنت مثله ؟ . فقال : لا والله ، إني لأعلم أنه أفضل مني ، وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ، وأنا ابن عمته ، والطالب بدمه ، فائتوه فقولوا له ، فليدفع إلي قتلة عثمان ، وأسلم له . فأتوا عليا ، فكلموه ، فلم يدفعهم إليه )) . ( سير أعلام النبلاء للذهبي 3 / 140 ، بسند رجاله ثقات كما قال الأرناؤوط )
وفي رواية عند ابن كثير : (( فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية )) . ( البداية والنهاية 8 / 132 ، وانظر كلاما لإمام الحرمين وتعليقا للتباني عليه – إتحاف ذوي النجابة ص 152 ) .

ثالثاً : ما ينبغي أن يعلمه المسلم حول الفتن التي وقعت بين الصحابة - مع اجتهادهم فيها وتأولهم - حزنهم الشديد وندمهم لما جرى ، بل لم يخطر ببالهم أن الأمر سيصل إلى ما وصل إليه ، وتأثر بعضهم التأثر البالغ حين يبلغه مقتل أخيه ، بل إن البعض لم يتصور أن الأمر سيصل إلى القتال ، وإليك بعض من هذه النصوص:

هذه عائشة أم المؤمنين ، تقول فيما يروي الزهري عنها : (( إنما أريد أن يحجر بين الناس مكاني ، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال ، ولو علمت ذلك لم اقف ذلك الموقف أبدا )) . ( مغازي الزهري ) .
وكانت إذا قرأت { وقرن في بيوتكن } تبكي حتى يبتل خمارها . ( سير أعلام النبلاء 2 / 177 ) .

وهذا امير المؤمنين علي بن أبي طالب ، يقول عنه الشعبي : (( لما قتل طلحة ورآه علي مقتولا ، جعل يمسح التراب عن وجهه ، ويقول : عزيز علي أبا محمد أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء . . ثم قال : إلى الله أشكو عجزي وبجري . - أي همومي وأحزاني -وبكى عليه هو واصحابه ، وقال : ياليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة )) . ( أسد الغابة لابن الأثير 3 / 88 - 89 ) .
وكان يقول ليالي صفين : (( لله در مقام عبد الله بن عمر وسعد بن مالك - وهما ممن اعتزل الفتنة - إن كان برا إن أجره لعظيم ، وإن كان إثما إن خطره ليسير )) . ( منهاج السنة 6 / 209 ) .
فهذا قول أمير المؤمنين ، رغم قول أهل السنة أن عليا ومن معه أقرب إلى الحق . ( فتح الباري 12 / 67 ) .

وهذا الزبير بن العوام رضي الله عنه - وهو ممن شارك في القتال بجانب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - يقول : (( إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها )) ، فقال مولاه : أتسميها فتنة وتقاتل فيها ؟! قال : (( ويحك ، إنا نبصر ولا نبصر ، ماكان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه ، غير هذا الأمر ، فإني لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر )) . ( فتح الباري 12 / 67 ) .

وهذا معاوية رضي الله عنه ، لما جاءه نعي علي بن أبي طالب ، جلس وهو يقول : (( إنا لله وإنا إليه راجعون ، وجعل يبكي . فقالت امرأته : أنت بالأمس تقاتله ، واليوم تبكيه ؟! . فقال : ويحك ، إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره )) . وفي رواية (( ويحك ، أنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم )) . ( البداية والنهاية 8 / 15 - 133 ) .

وبعد هذه المنقولات كلها ، كيف يلامون بأمور كانت متشابهة عليهم ، فاجتهدوا ، فاصاب بعضهم وأخطأ الأخرون ، وجميعهم بين أجر وأجرين ، ثم بعد ذلك ندموا على ما حصل وجرى .
وما حصل بينهم من جنس المصائب التي يكفر الله عز وجل بها ذنوبهم ، ويرفع بها درجاتهم ومنازلهم ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال البلاء بالعبد ، حتى يسير في الأرض وليس عليه خطيئة )) . ( رواه الترمذي 2398 وقال حسن صحيح ، وحسنه ابن حبان والحاكم وسكت عنه الذهبي 1 / 41 ، وحسنه الالباني - المشكاة 1 / 492 من حديث سعد ، وصححه في الصحيحة 144 ، وانظر شواهده 143 145 ، وراجع الفتح 10 / 111 - 112 ) .

وعلى أقل الاحوال ، لو كان ما حصل من بعضهم في ذلك ذنبا محققا ، فإن الله عز وجل يكفره بأسباب كثيرة ، من أعظمها الحسنات الماضية من سوابقهم ومناقبهم وجهادهم ، والمصائب المكفرة ، والاستغفار ، والتوبة التي يبدل بها الله عز وجل السيئات حسنات ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . ( للتوسع راجع منهاج السنة6 / 205 فقد ذكر عشر أسباب مكفرة ) .

أخيراً: يا معتدل هل لك أن تقول خيراً او على الأقل تصمت...

[ 17-09-2001: المشاركة عدلت بواسطة: سعود صلف ]
__________________
حايل بعد حيي