عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 09-07-2007, 10:25 AM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي


ويتناقل الناس أن أحدهم قال مخاطباً أحد الحكام: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ... ) وبحثت في كل التفاسير التي وصلت إليها يدي لأجد شبهة تدفع ما هو قريب من الكفر بهذه الجراءة على الله فلم أجد، إذ أن الآية خاصة بالنبي الهادي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز أن تقال لعمر بن الخطاب ولا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأرضاهما.

لا ألوم الحاكم الذي يمتلئ بالغرور إن سمع أشباه ذلك الكلام، فهو بشر والنفس أمارة بالسوء، ولكني ألوم تلك العمائم التي تتزلف بالليل والنهار وتبيع الحاكم والمحكوم، وهي تماماً أسوأ جزء من الحاشية الفاسدة، لأن الحاكم مهما انحرف، ومهما كانت حاشيته فاسدة، فإنه في أعماق قلبه يميل إلى سماع رأي أهل العلم والدين، وتطمئن نفسه إن وجد في كلام بعض أهل العلم له سنداً، فإن كان بعضهم هم النساجون المحتالون، فاقرأ على الدولة والأمة والحاكم والمحكوم كلهم السلام!

لم يعد أي حاكم اليوم معبراً عن نفسه، بل إن أي تصرف ينعكس بشكل إيجابي أو سلبي على كل الناس، وانظر إلى رعونة صدام ، فقد رضي أن يدمر العراق تدميراً، ولم يرض أن يتنازل عن الحكم للأمة، أو يؤسس لحكم جماعي يتآلف به الناس، بل بقي يكابر ويغتر بمن يدبكون ويصرخون ويرقصون، وظل يتحدث عن النشامى .. والماجدات ... وحاشيته تزين له النصر والقوة والتمكن، وحب الشعب اللاهب له، وسوس الفساد والظلم ينخر في الأمة ... وهو يدري أو لا يدري .. وربما لو تقدم بين يديه جمع من العلماء يذكرونه (مهما غضب) ويصرون على رجعته مهما ابتعد (ولو سجنهم .. وحتى لو أعدمهم) ... إذاً لو فروا لا على العراق، بل على أمة الإسلام شراً مستطيراً، ولحموا وحدة أهل العراق، ودين وكرامة واستقلال أهل العراق، بل بلاد المسلمين كلها. ومهما كانت ضريبة الحرية غالية فإن ضريبة الذل أفدح بكثير ..

للإمام الغزالي لفتات عظيمة ومنها قوله أن الإنسان بحاجة إلى عدو مشاحن أكثر من حاجته إلى صديق مداهن .. وذلك لأن المشاحن يعين على إصلاح النفس، والمداهن يزكيها كل لحظة، بل ويمنع من رؤية عيوبها فيزداد الخلل وتتسع الثغرات.

كلنا يجب أن يكون ذلك الطفل الذي يصرخ .. وربما كانت صرخاته هي منفذ النجاة الوحيد، وعلينا أن لانموه الأمور أو نغير من حقائقها، وحرصاً على أن لا يكون هناك نساج محتال، فلنرفع أصواتنا متكلمين عن الحق، غير آبهين بالباطل، ولتأخذ الأسماء حقائقها ، ولنقل للمنافق أنه ينافق، وللمزاود أنه مزاود . ولنحذر من الفتنة عن بعض ما أنزل الله إلينا، ومن ضياع الحق على أيدينا ...

يجب أن نكون مع ذلك الصبي الشجاع ولا نسمح للحاشية المنافقة بتعرية أحد، حاكماً كان أم محكوماً، فالعري اليوم هو كشف للغطاء السياسي والدولي عن الدولة، وتخريب للاستقرار ونحت في تماسك الأمة، وإيقاد لمشكلات نحن في غنى عنها، والبعض لا يهمه كل ذلك مقابل مكاسب هزيلة ، ومن يتسلقون اليوم على أكتاف الأمة، ويبيعون دينها بثمن بخس دراهم معدودات كي تتم تزكيتهم في توزيعات المناصب القادمة، هم أكثر الناس بيعاً للبلاد والعباد، ولا دين لمن لا أمانة له، ومن يعلم أن الإسلام دين التوحيد وأن جماليات الإيمان وخصوصيات الفن الإسلامي تمنع من وضع صور لأحد على جدران المساجد ثم بعد ذلك يعلقونها فهم يبيعون الدين للحكام ويبيعون الحكام للناس، ويبيعون الناس والأمة للشيطان.

قال تعالى:

- (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون). سورة البقرة- 79.

- (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) سورة البقرة – 159..

صدق الله العظيم
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس