عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 20-07-2003, 05:51 PM
*اليشمـــك* *اليشمـــك* غير متصل
عـــابرة سبيـــل
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2002
المشاركات: 2,220
إفتراضي

2.نشأة المصطلح.

لكي يُفهم معنى الأصولية فهما صحيحا، لابد من التطرق إلى النشأة التاريخية لهذا المصطلح و إبراز الخلفية الثقافية و الدينية و الاجتماعية و الفكرية التي أدت إلى ظهور الفكر الأصولي، مع بيان كيف أصبحت الأصولية حركة معاصرة لها ملامحها و مميزاتها التي تُعرف بها.

2. 1. ظهور الحركة الأصولية البروتستنتية:

ظهر مصطلح الأصولية أول ما ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1920م، ليصف مواقف الكنيسة البروتستانتية و أنشطتها المعارضة لفكر حركات التنوير الغربية و آرائها في أسس الديانة النصرانية[1]. و تعود نشأة المواقف الكنسية المعارضة لما يسمى بالفكر التنويري إلى أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، عندما كان مفكرو حركات التنوير و فلاسفتها- مثل الفرنسيين فولتير (Voltaire) و ديديرو (Diderot)- ينادون بنفي دور الكتاب المقدس (التوراة و الإنجيل)، و الدين (النصرانية) في تسيير الحياة الاجتماعية للحضارة المعاصرة، كما نسجتها أدمغة هؤلاء المفكرين، و وجوب تعريض نصوص الكتاب المقدس للنقد العلمي و التحليل الفلسفي و التعامل معها بالطريقة التي تعامل بها العلوم العصرية، خاصة بعد ظهور نظرية دارون (1809-1882م) في نشأة الكون التي لا تتفق مع محتويات العهد القديم[2]. و انتشر فكر هؤلاء الفلاسفة و المفكرين في العالم الغربي بشكل سريع نتيجة التقنية المتطورة للاتصال و النظم التعليمية الحديثة و البيروقراطيات الوطنية، و لاقى بذلك قبولا لدى أوساط المجتمعات الغربية. و نتج عن ذلك كله فصل الدين عن الدولة، و تهميش دور الكنيسة في الحياة العامة[3].

حينئذ ثارت الكنيسة البروتستنتية في أمريكا في وجه حركات التنوير و مكاسبها. فعُقدت الكثير من الاجتماعات، و ظهرت إلى الوجود الكثير من الجماعات التي هدفت إلى معارضة فكر حركات التنوير، و إبقاء النصرانية و المكانة التقليدية للإنجيل في الحياة الاجتماعية لأفراد المجتمع. و اشتهر من بين تلك الاجتماعات مؤتمر نياجارى فول (Niagara Fall) بنيويورك في عام 1878م و حضره ممثلون عن ثلاث جماعات نصرانية هم المشايخ (Presbyterian)، و المعمدانيون (Baptist)، و أتباع كنائس المسيح (Disciples of Chris



--------------------------------------------------------------------------------

[1] سأستخدم مصطلح ‘نصرانية’ و ‘نصارى’ تأدبا مع الله سبحانه و تعالى الذي سماهم بذلك، و أما النصارى أنفسهم فيحبون أن يطلق على ديانتهم كلمة ‘المسيحية’ و هو مصطلح ظهر في مؤتمر نيقية سنة 325م و هي دليل على انحرافهم عن جادة الحق باتخاذهم عيسى أبن مريم عليه السلام ألهاً يعبدونه من دون الله سبحانه و تعالى.

[2] Appleby, R. Scott (1995)

[3] توجد بالولايات المتحدة الأمريكية الآن أكثر من 1500 فرقة دينة رئيسة منها 900 تابعة للنصرانية، هذا إلى جانب عدد هائل من الديانات الصغرى غير الرسمية (Melton, 1989)
__________________