عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 22-10-2005, 03:47 PM
المناصر المناصر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
المشاركات: 396
إفتراضي

وهل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد؟

روى ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً رضي الله عنه على اليمن، قال: ( إنك تقدم على قوم أهل كتاب..) الحديث..

إلى أن قال: ( فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم، وترد على فقرائهم...) [البخاري، رقم (1389) ومسلم، رقم (19)].

ذكر الإمام النووي أن الضمير في قوله ( فترد على فقرائهم ) يحتمل أن يعود إلى فقراء المسلمين أينما كانوا، ويحتمل أن يراد به فقراء أهل بلد الزكاة، وأن الاحتمال الثاني أظهر.. [شرح النووي على صحيح مسلم (1/198)].

وبناء على هذا الاحتمال، يكون الأصل صرف الزكاة على فقراء أهل البلد، ولا تنقل الزكاة إلى بلد آخر، إلا إذا فاضت عن أهل البلد الذي تخرج فيه..

إلا أن الواجب مراعاة أحوال المسلمين، في بلد الزكاة وفي البلدان الأخرى، فإذا علم أن فقراء بلد الزكاة عندهم ما يسد بعض حاجتهم، والمسلمون في بلد آخر لا يجدون ما يأكلون من الطعام وما يلبسون من الثياب، وما يسكنون من البيوت..

فإن الواجب نقل ما يحفظ حياتهم من الزكاة، ولا يجوز تركهم يموتون من الجوع والبرد والحر...

ومن أظهر الأمثلة في عصرنا ما نشاهده في الأرض المباركة "فلسطين" التي يخرج اليهود فيها المسلمين من بيوتهم، بل يهدمونها على رؤوس بعضهم، فلا يجد من بقي حياً، مأوى يسكنه، ولا طعاماً يأكله، ولا ثوباً يستره، ولا دواء يستشفي به..

لقد كثر أيتامهم، وكثرت أراملهم، وكثر مرضاهم، وكثر معوقوهم، واشتد حصارهم، وأفسدت مزارعهم وبساتينهم، ولا يجد أقوياؤهم عملاً يأخذون عليه أجراً، يسد حاجتهم..

إن الواجب على أغنياء المسلمين، وولاة أمرهم، في جميع البلدان الإسلامية، أن يقارنوا بين فقراء بلدهم، وفقراء المسلمين في فلسطين، ويقدموا الأكثر حاجة، بل الأكثر ضرورة..

إضافة إلى أن الفقراء في فلسطين، مجاهدون في سبيل الله، جهاد دفع عن أنفسهم، وأرضهم وعرضهم..

وليست هذه دعوة لحرمان فقراء بلد الزكاة منها، وإنما هي دعوة للعدل بين فقراء المسلمين، وتقديم أهل الضرورات على أهل الحاجات، والأشد ضرورة على من هو أخف حاجة...

ولكن قد يطرأ بعض الأسباب التي تقتضي نقل الزكاة من البلد الذي تصرف منه، إلى بلد آخر.

وقد ورد في بعض الأحاديث، أن معاذاً رضي الله عنه، نقل بعض أموال الزكاة من اليمن، إلى المهاجرين والأنصار في المدينة..

قال القرطبي رحمه الله: "وقد اختلفت العلماء في نقل الزكاة عن موضعها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا تنقل..
قاله سحنون وابن القاسم وهو الصحيح لما ذكرناه، وقال ابن القاسم أيضاً: وإن نقل بعضها لضرورة رأيته صواباً، وروي عن سحنون أنه قال: ولو بلغ الإمام أن ببعض البلاد حاجة شديدة جاز له نقل بعض الزكاة المستحقة لغيره إليه، فإن الحاجة إذا نزلت وجب تقديمها على من ليس بمحتاج، والمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه..

والقول الثاني: تنقل..
وقاله مالك أيضاً، وحجة هذا القول ما روي أن معاذاً قال لأهل اليمن: ايتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير في الزكاة، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة" أخرجه الدارقطني وغيره...

القول الثالث: وهو أن سهم الفقراء والمساكين يقسم في الموضع، وسائر السهام تنقل باجتهاد الإمام..

والقول الأول أصح والله أعلم". [الجامع لأحكام القرآن (8/175)].

هذا ما رجحه القرطبي رحمه الله، وأرى أن ما ذكره عن سحنون أنه قال: "ولو بلغ الإمام أن ببعض البلاد حاجة شديدة جاز له نقل بعض الزكاة المستحقة لغيره إليه، فإن الحاجة إذا نزلت وجب تقديمها على من ليس بمحتاج، والمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه". أقرب إلى مقاصد شرع الله..

والله أعلم..

موقع الروضة الإسلامي..
http://www.al-rawdah.net/r.php?sub0=start
__________________
إرسال هذه الحلقات تم بتفويض من الدكتور عبد الله قادري الأهدل..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..