عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 08-06-2006, 04:10 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي

بيعة الإمام



كان تأسيس جماعة التوحيد مع المقدسي الذي قاده إلى سجن دام خمس سنوات الخطوة العملية الأولى في رحلة الزرقاوي اللاحقة ، كذلك كان السجن المحطة الأهم في تكوين شخصيته .


لم يكن لرحلة الزرقاوي الأولى إلى أفغانستان أهمية كبيرة في تكوين شخصيته ، إذ لم يتسن له في تلك الفترة أن يكون أكثر من عنصر بين آلاف العناصر العربية التي توافدت إلى أفغانستان ، وأمضى وقتا ليس بقصير حارسا ومرافقا لأستاذ جامعي هو الدكتور حمدي مراد ، الذي كان كثير التنقل بين جامعته التي يدرس بها في بيشاور بباكستان ، ومعسكرات العرب في أفغانستان، لإلقاء الدروس الدينية تارة ، وإسداء النصح لقادة الجهاد في ما يشكل عليهم من أمور فقهية دينية ، تارة أخرى . والعامل الأهم في عدم تأثير تلك المرحلة على شخصية الزرقاوي ، أن القتال بين المجاهدين وجيوش الاتحاد السوفييتي كان قد وضع أوزاره ، فكان أن فقدت ساحات القتال ألقها ، مما أفقد الجميع بمن فيهم الزرقاوي فرصة إظهار مهاراتهم وتمايزهم .



كان للسجن بصمات واضحة المعالم في شخصية الزرقاوي التي تبلورت لاحقا ، وأصبحت شخصية حدية لا وجود للون الرمادي فيها ، إذ اصبح رجال الأمن العام بكل تخصصاتهم ، والقضاة بكل مراتبهم ومواقعهم وكل أركان الحكم ، في نظره ، أعوان للأنظمة الحاكمة ، التي هي وفق قناعاته طواغيت ، يجب محاربتهم .


بعد انتهاء مرحلة التحقيق ، رُحل الزرقاوي إلى سجن سواقة الصحراوي الذي يقع على بعد خمسة وثمانين كيلو مترا جنوب العاصمة عمان ، بعد رحلة شملت عددا من السجون . ما لبث أن التحق به رفاقه المعتقلين على ذمة القضية ذاتها ، وأصبحوا كلهم معا في سجن واحد .


كان سجن سواقة في تلك الفترة يضم أكثر من ستة آلاف سجين ، القسم السادس كان أهم تلك الأقسام ، إذ كان يحتضن العديد من المعتقلين السياسيين من جميع ألوان الطيف الإسلامي ، كل طيف خصص له غرفة مستقلة في ذلك القسم الواقع في أقصى الطرف الشرقي من السجن . إذ كان في أحد تلك الغرف عطا أبو الرشته مسؤول حزب التحرير في الأردن ، وهو حاليا أمير الحزب على مستوى العالم ، ومعه بقية قادة التنظيم ، وجلهم جامعيون . وكان في الغرفة المقابلة لهم النائب الأردني الإسلامي المعارض المهندس ليث شبيلات ، ويشاركه الغرفة أعضاء تنظيم عرف باسم الأفغان العرب ، مع أن أيا منهم لم يزر أفغانستان في حياته!! ومعهم أيضا ، ثلاثة شبان من شمال الأردن ، أعتقلوا بقضية عرفت باسم الغام عجلون ، وثلاثتهم جامعيون ، إضافة إلى الكثيرين المتهمين بتشكيل جماعات إسلامية مختلفة . في حين أن جماعة المقدسي والزرقاوي جلهم لم يكمل دراسته باستثناء المقدسي الذي أنهى تعليمه الجامعي بإحدى الجامعات السعودية متخصصا بالعلوم الشرعية ، وأبو المنتصر الحاصل على بكالوريوس آداب



كان المقدسي هو أمير جماعة التوحيد ( بيعة الإمام ) ذلك أن كل جماعة إسلامية سواء أكانت داخل السجن أم خارجه ، لا بد لها من أن يؤمر عليها أميرا تكون له كلمة الفصل في كل مناحي الحياة ، كلامه ملزم للجميع ، فهو مزود بنص ديني أن على الجميع طاعته ، ومخالفته معصية . لم يكن المقدسي رجلا عاديا ، كان صاحب نظريات يعتد بها ، ويعتبر من المنظرين الأساسيين في العالم العربي والإسلامي للمنهج السلفي الأصولي ، له العشرات من الكتب والمؤلفات في هذا الجانب ، من أشهرها كتابه (ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين )، وهو مكرس لفكرة التوحيد لله وحده ، مكفرا كل من يحكم بغير الشريعة الإسلامية ويتخذ من القوانين الوضعية دستورا للحكم ، وهذه الفكرة هي الركن الأساسي في فكر الجماعات السلفية التي تتكئ عليها في تكفير كل الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة ، علاوة على تكفير كل ركائز هذه الأنظمة من مؤسسات وأجهزة بما فيها المجالس النيابية . والكتاب الثاني ذو الأهمية القصوى للمقدسي هو في تكفير أل سعود حكام العربية السعودية ( الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية )، وكان لهذا الكتاب أهمية قصوى في زرع بذور العنف الذي تشهده السعودية حاليا ، إذ اعترف من قاموا بتفجيرات الخبر والرياض منتصف التسعينيات من القرن الماضي ، أنهم تأثروا بمؤلفات المقدسي ، بل أن أحد المتهمين وهو عبد العزيز المعثم ، اعترف قبل إعدامه بالسعودية ، أنه التقى المقدسي في الأردن وأخذ منه مؤلفاته ، وخاصة مؤلفه المتعلق بآل سعود ، وعمل على نشره بالجزيرة العربية والخليج ، وقناعة بما جاء به قام بتنفيذ تلك التفجيرات .


إذا كان هذا حال من قرأ كتب المقدسي وتأثر بها ، فكيف سيكون مآل أبو مصعب الذي أسس معه تنظيما وقضى معه في السجن سنين عدة .



عاش الزرقاوي السنين الثلاثة الأولى من سجنه في كنف المقدسي ، يتتلمذ على كتبه وأفكاره ، مستمعا للحوارات التي كانت تجري بين المقدسي وبقية قادة الفكر الإسلامي في الأردن المعتقلين معهم بذات السجن ، في تلك الأثناء كان الزرقاوي يعمل على تطوير ثقافته بالعلوم الشرعية ، فحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب .


هذا التشدد الذي كان يمثله المقدسي ، لم يكن كافيا بنظر الزرقاوي ، فاستطاع بشخصيته الكرزمية التي يمتلكها ، استقطاب أعضاء التنظيم في السجن ليسلموا له راية الإمارة ، وبات هو الآمر الناهي للمجموعة داخل السجن ، وأخذ يفرض آرائه على كل أعضاء المجموعة بمن فيهم المقدسي . الذي انزوى جانبا ، متفرغا للكتابة والتأليف . كان ذلك في صيف عام 1996 .




يتبع
ان شاء الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________