عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 04-10-2006, 07:19 AM
ابوالمقدم السلفي ابوالمقدم السلفي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: الامارات
المشاركات: 312
إفتراضي ’’ اللَّهم عليك بالزرقاوي و أتباعه ‘‘

بسم الله الرحمن الرحيم



’’ اللَّهم عليك بالزرقاوي و أتباعه ‘‘



الحمد لله و بعد :


فقد بلغنا ـ و يا للأسف ـ إقدام جماعة الزرقاوي الخارجيَّة بإعدام الدبلوماسيَين الجزائريَين علي بلعروسي و عز الدين بلقاضي ـ رحمهما الله رحمةً واسعةً ـ ، و الخبر نزل على القلوب كالصاعقة، فهزَّ النفوس، و ألهب المشاعر، فالأمر لله من قبل و من بعد.

و تلك الجماعة و إذ تنسب فعلتها الشنيعة، و جريمتها الفظيعة للإسلام، فالإسلام ممَّا تقوم به بريء، فالنُّصوص الشرعيَّة في واد، و أفعالهم الإرهابيَّة في واد آخر.

قال الله ـ تعالى ـ: (( و لا تقتلوا النَّفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ ذلكم وصَّاكم به لعلَّكم تعقلون ))[الأنعام:151].

و قال ـ سبحانه ـ: (( و من يقتل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعدَّ له عذاباً عظيماً )).

و قال ـ جل وعلا ـ: (( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنَّه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنَّما قتل النَّاس جميعاً و من أحياها فكأنَّما أحيا النَّاس جميعاً )) [ المائدة: 32].

و قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح : (( من استطاع منكم أن لا يحول بينه و بين الجنَّة ـ و هو يرى بابها ـ ملءُ كفٍّ من دم امرىءٍ مسلمٍ يقول : لا إله إلاَّ الله، يهريقه بغير حلِّه كأنَّما يذبح به دجاجةً، كلَّما تعرَّض لبابٍ من أبواب الجنَّة؛ حال بينه و بين المقتول يُنازع قاتله إلى ربِّ العالمين )).

و القاعدة إذ تبحث ـ بعناءٍ و دون جدوى ـ عن مبرِّراتٍ شرعيَّة و سياسيَّة، لتغطي جريمتها النَّكراء، و السوأة التي لا تُوارى، تكشف بكلِّ وضوحٍ عن الوجه البشع لمن احترفوا القتل الإجرامي، و الترويع الإرهابي.

و القاعدة و إن برَّرت ما حدث بأنَّه صدرٌ عن محكمتها الشرعيَّة، فالأمر أشنع، و الجُرم أفظع، دماءٌ المسلمين تهرق بغير حقٍّ، فيذبح المسلم كما تُذبح الشاة، و يُنحر كما تنحر الإبل، ثمَّ يُقال محكمة شرعيَّة، بل هي مسرحيَّ هزليَّة، حيث أصبح الإنسان لا قيمة له و لا حرمة، و الله المستعان.

لمثل هذا يموت القلب من كمدٍ ....... إن كان في القلب إسلامٌ و إيمانُ.

و رحم الله الإمام الشوكاني حين قال : (( و ها هنا تُسكب العبرات، و يُناح على الإسلام و أهله بما جناه التعصُّب في الدين على غالب المسلمين من التَّرامي بالكفر، لا لسنَّة و لا لقرآن، و لا لبيان من الله و لا لبرهان، بل لما غلَت به مراجل العصبيَّة في الدين، و تمكَن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين، لقَّنهم إلزاماتِ بعضهم لبعض بما هو شبيهُ الهباء في الهواء، و السَّراب بقيعةٍ، فيا لله و للمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدِّين، و الرزيَّة التي ما رُزىء بمثلها سبيل المؤمنين.

و الأدلَّة الدَّالة على وجوب صيانة عرض المسلم و احترامه يدلُّ بفحوى الخطاب على تجنُّب القدح في دينه بأيِّ قادحٍ، فكيف إخراجه من الملَّة الإسلاميَّة إلى الملَّة الكفريَّة ؟ فإنَّ هذه جنايةٌ لا تعدلها جنايةٌ، و جرأةٌ لا تُماثلها جرأةٌ، و أين هذا المجتريء على تكفير أخيه من قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ’’ المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه و لا يُسلمه ‘‘، و قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ’’ سباب المسلم فسق، و قتاله كفر ‘‘، و قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ’’ إنَّ دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرامٌ ‘‘ ؟ ))اهـ.

و من خلال هذه الأعمال الإجراميَّة يتبيَّن بوضوحٍ و جلاءٍ، وضوح الشمس في رابعة النهار، و جلاء القمر ليلة البدر، أنَّ تلك الجماعة و أمثالها ما هم إلاَّ حثالة من القتلة، و عملهم لا يٌعتبر ـ شرعاً و عقلاً ـ مقاومةً مشروعةً، فضلاً عن اعتباره جهاداً شرعياًّ، بل هو إرهابٌ همجيٌّ، و إجرامٌ وحشيٌّ، و لا يمتُّ للإسلام بصلة قرابةٍ، و أقول هذا بكلَّ قناعةٍ.

و أحثُّ من خلال هذا المنبر كلَّ الضمائر الحيَّة، و الأصوات الشريفة من دعاة الإسلام، أن يصدعوا بكلمة الحقِّ، و يرفضوا و يدينوا مثل هذه الأعمال الإجراميَّة، التي لا تصدر إلاَّ عن نفوسٍ مريضةٍ، بل إنِّي أعتبر سكوت من سكت جريمةٌ أكبر فظاعةً من جريمة القتل، فكل من كانت له قدرة ـ و لو ضئيلة ـ على حقن دماء إخوانه المسلمين، و لم يقم بالواحب عليه تجاهها، فسيبوء بكفلٍ من الدماء التي تُهدر على أرض العراق الجريح بغير وجه حقٍّ، و الله المستعان.

و في الأخير أسأل الله ـ تعالى ـ أن ينتقم من هؤلاء المجرمين، و أن يُزلزل أقدامهم، و أن يٌخلخل صفوفهم، و أن يحمي العراق و شعبه من أمثالهم، إنَّ ربي لسميع الدعاء.

و صلَّى الله و سلَّم على نبيِّنا محمَّد و على آله و صحبه أجمعين، و الحمد لله ربِّ العالمين.

فريد المرادي ـ عفا الله عنه ـ .

الجزائر العاصمة في 20 جمادى الثانية 1426هـ ، الموافق لـ: 27 / 07 / 2005 م.
__________________
اللهم ارحم بلاد المسلمين من الخوارج