عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 07-05-2006, 08:21 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي أكاد أموت كمدا !!!!!!!!!

حماس والإرتباك العربى

عبد البارى عطوان ... القدس اللندنية
تعقد اللجنة الرباعية المكلفة بمتابعة خطة السلام في الشرق الاوسط اجتماعاً غداً الثلاثاء لمناقشة الأزمة المالية في الاراضي العربية المحتلة بسبب قرار الدول المانحة وقف جميع المساعدات المالية عقاباً للشعب الفلسطيني علي اختياره حركة حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة لتشكيل الحكومة.
ثلاثة ملايين فلسطيني يقفون حالياً علي حافة المجاعة، لأن الحكومة باتت عاجزة عن تسديد مرتبات 150 ألف موظف لأكثر من شهرين، وبدأ هؤلاء الموظفون ينظمون مسيرات احتجاج امام وزاراتهم في محاولة للفت انظار العالم الي مأساتهم.
الاموال موجودة، بعضها لدي الجامعة العربية، والبعض الآخر لدي الدول العربية والاسلامية المتبرعة، ولكن العقبة الرئيسية تكمن في كيفية ايصالها الي وزارة المالية الفلسطينية، فالادارة الامريكية ارهبت المصارف العربية والدولية عندما هددتها بوضعها علي قائمة البنوك المساندة للارهاب اذا ما بادرت بتحويل اي اموال لحكومة حماس .
فمعظم الدول العربية التزمت بقرار قمة الخرطوم وسددت نصيبها من الدعم المالي، حيث رصدت المملكة العربية السعودية 93 مليون دولار، وفعلت قطر والكويت الشيء نفسه (50 مليون دولار لكل منهما) بينما التزمت دولة الامارات العربية المتحدة الصمت المطبق، وفشلت الزيارة التي قام بها السيد محمود الزهار وزير الخارجية الفلسطيني الي ابوظبي في الحصول علي اي التزام مالي، وتردد ان لقاءه مع نظيره الاماراتي كان متوتراً.
ثلاثة وزراء خارجية عرب سيشاركون في اجتماع اللجنة العربية، يمثلون كلا من المملكة العربية السعودية ومصر والاردن، وما زال من غير المعروف طبيعة الدور الذي سيلعبونه في كسر الحصار المالي هذا، والمقترحات التي سيقدمونها في هذا الخصوص.
فالسيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية المصري الذي اجتمع بنظيره الفلسطيني الزائر بعد مماطلة وتردد، واثر الضغوط الشعبية المتعاظمة، وبعد تدهور شعبية حكومته بعد الاختراق الأمني الكبير المتمثل في الهجوم علي منتجع دهب السياحي في سيناء، اكتفي بالقاء محاضرات مطولة ومملة علي الوزير الفلسطيني حول ضرورة اعتراف حركة حماس بالدولة العبرية واسقاط خيار المقاومة، واعتماد التفاوض كاسلوب وحيد للتسوية.
اما وزير الخارجية الاردني فان حكومته شذت عن جميع اقرانها العربيات عندما رفضت استقبال وزير الخارجية الفلسطيني في الاساس، وفبركت رواية محاولة حركة حماس تخزين اسلحة في الاردن، ووضع مخطط لتنفيذ عمليات اغتيال لبعض الشخصيات الاردنية، وكأن حماس ، التي اعلنت هدنة مع اسرائيل والتزمت بها، وطورت صواريخ القسام التي اقلقت مضاجع الدولة العبرية ووصلت الي ميناء اسدود، بحاجة الي تخزين مجموعة بنادق صدئة، وفتح جبهة مع الاردن في هذا الوقت الذي تواجه فيه حصاراً عربياً ودولياً.
الحكومات العربية ترتكب خطأ قاتلاً عندما تشارك، بصورة مباشرة او غير مباشرة، في هذا الحصار التجويعي المفروض علي الشعب الفلسطيني، خاصة في مثل هذا الوقت الذي تعيش فيه المنطقة حالة من عدم الاستقرار، وتعيش حرباً دموية في العراق، واخري مقبلة ضد ايران.
فالشعوب العربية باتت تعيش حالة من الحراك غير مسبوقة، بلغت ذروتها في المظاهرات الصاخبة التي انطلقت في اكثر من عاصمة عربية ضد الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة للرسول الكريم (صلي الله عليه وسلم). وهذه الشعوب قطعاً ستنزل الي الشارع احتجاجاً علي المؤامرة التي تشارك فيها معظم انظمتها لافشال حكومة حماس الاسلامية تمهيداً لاسقاطها، واعادة رموز الفساد والتنازلات الي واجهة العمل السياسي الفلسطيني مرة اخري.
فالمظاهرات التي انطلقت في اندونيسيا امام السفارة الامريكية تنديداً بالحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني ربما تكون لها انعكاسات اكثر شراسة في عواصم عربية عديدة، لأن حال الاحتقان في هذه العواصم اقتربت من ذروتها، وتنتظر المفجر فقط.
ما لا تدركه الانظمة العربية هو ان الارض بدأت تميد تحت اقدام حليفيها في واشنطن ولندن. فشعبية الرئيس بوش وصلت الي اقل من ثلاثة وثلاثين في المئة، اما توني بلير، فيواجه العزل من حزبه بعد خسارته الفادحة في الانتخابات البلدية، ومقتل خمسة من الجنود البريطانيين باسقاط مروحيتهم في البصرة المنطقة الآمنة سابقاً، مما يؤشر الي ان شهر عسل هذه القوات في الجنوب العراقي قد انتهي.
لعنة العراق تطارد بوش وبلير، ولعنة حماس قد تطارد الانظمة العربية المتورطة في الحصار المالي المفروض عليها. فالتململ بدأ في اكثر من عاصمة، ولا نعتقد ان الشعوب العربية اقل غيرة ووطنية عن وولفونسون مبعوث اللجنة الرباعية الي الاراضي المحتلة الذي استقال احتجاجاً علي وقف المساعدات عن الشعب الفلسطيني، وهو امريكي يهودي بالمناسبة.
الشعب الفلسطيني لن يساهم في افشال حكومة حماس المنتخبة حتي لو جاع فعلاً، ومن المؤسف ان الولايات المتحدة لا تتعلم من اخطائها، فعندما اعلن سفيرها في بوليفيا مانويل روش ان بلاده ستقطع مساعداتها المالية اذا انتخب شعبها موراليس، رد الشعب البوليفي علي هذه الاهانة بانتخابه رئيساً للجمهورية، وكان اول شيء فعله تأميم صناعة الغاز والنفط، وكررت الخطأ نفسه عندما حاولت مخابراتها ترتيب انقلاب ضد شافيز فأعاد الشعب انتخابه مرة ثانية وبأغلبية كبيرة.
مبادرة السلام العربية التي يطالب المسؤولون العرب حركة حماس بالقبول بها للدخول الي مصيدة الاعتراف باسرائيل من نافذتها ماتت وهي نطفة ورد عليها شارون باعادة احتلال الضفة الغربية وتسميم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. فهل من المنطقي مطالبة حكومة منتخبة بالاعتراف بمبادرة ميتة، بل شبعت موتاً؟
الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يتحول من شعب مجاهد لتحرير ارضه الي شعب متسول ينتظر الصدقات، ولعل هذا الحصار التجويعي الخانق يكون نقطة تحول رئيسية، ليس بالنسبة اليه وانما للشعوب العربية ايضاً، لكي ترفض الهوان والاذلال اللذين تعيشهما، من الولايات المتحدة وحكوماتها المتجبرة، ومعظم الانظمة العربية الحاكمة. فليس هناك اخطر من الأسود عندما تجوع.
فاذا كان ممنوعاً علي الشاب الفلسطيني ان يسافر، وان يعمل، وان يتزوج وان يدخل الجامعة، وممنوعاً عليه ان يأكل، فان الشيء الوحيد الذي بات غير ممنوع عليه هو الاستشهاد وهذا ما يحدث وسيحدث بشكل اوسع اذا استمر الحال علي ما هو عليه .