عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 05-09-2001, 04:33 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

الأخ برمودا

الديموقراطية تتناقض تناقضا تاما مع الاسلام، فالترويج لمصطلح الديموقراطية ترويج لمدلول يتناقض مع الاسلام ، فإذا كان سبب منع استعمال كلمة راعنا هو كونها مسبة عند الكفار ، فإن تضليل المسلمين عن دينهم أعظم من السب والشتيمة ، فمن باب أولى أن يحرم استعمال المصطلحات التي تكون سببا في اضلال المسلمين. فالذي يؤمن بأن المشرع هو الانسان وليس الله تعالى يكفر بما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا أعظم من مسألة الشتم .

وأيضا لم ترد على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تقولوا للعنب الكرم، ولكن قولوا الحبَلة )، وكذلك قوله : ( لا تقولوا : عبدي ، ولكن قولوا : فتاي ).


وأما أن الاسلام لا يوجد فيه مصطلح مشابه للديموقراطية أو بديل عنها فذلك لأن المعنى الذي تدل عليه الديموقراطية غير موجود أصلا في الاسلام، فلا يوجد في الاسلام مفهوم السيادة للشعب ، بل الموجود هو أن السيادة لله تعالى ، فكيف يمكن أن تجد مصطلحا يدل على معنى غير موجود كالسيادة للشعب ؟! وما هي الحاجة لاستعمال هذا المصطلح إذا كان معناه يرفضه الاسلام ؟!
وأما المعاني الاسلامية فكل معنى شرعي له في الاسلام لفظ أو مصطلح يدل عليه قطعا .


قلت : ( صحيح انها مصطلح غربي بحت ولكنها كمفهوم لها عدة اتجاهات . فعندما ادخلتها في الموضوع كان السبب عدم وجود مصطلح مشابه اوبديل لدينا نحن المسلمون . نحن المسلمون لدينا عدة ثقافات وهي .
ان ناخذ مما نستفيد منه من الغرب ونترك ماعداه . وهذا مانريده. اوناخذ كل شي النافع كان ام الضار
او نعيش بمعزل عن العلم الخارجي ولانستفيد من غيرنا . ارجوا الا تكون من صاحب هذا الاتجاه لانه اتجاه مظلم ) .
ما قلته هنا هو بيت القصيد ما يجوز أن نأخذه من غيرنا وما لا يجوز أخذه ، فهذا هو موضوع النقاش، وبناء على نتائج هذا النقاش سنعرف من أي صنف أوجب علينا الاسلام أن نكون .
وأما كلمات ( نستفيد منه ) و ( النافع ) و ( الضار ) فكلمات مطاطة تصلح لأن يكون مسوغا لأخذ أي شيء من الغرب ، كما تصلح لترك أي شيء . فلا بد من تحديد مقياس واضح لما يصح أن يؤخذ ولما لا يصح أخذه.


أما قولك : ( لقد نسيت نقطة احببت الرجوع اليها وهي انك ذكرت ان الاسلام منحصر بالتشريعات الالهية ولاوجود فيه للمشاركة الشعبية , ولكني ذكرت في الموضوع ان الاسلام حدد اثوابت الاساسية وترك الباب مفتوحا لتطور الافكار . فحاليا توجد تشريعات او انظمة بالاصح نتيجة قوانين وضعية كنظام العمل والعمال ) .

فيدل على أنك من المروجين للمصطلح الغربي مع مدلوله الذي يتناقض تناقضا صريحا مع الاسلام وليس للمصطلح فقط .
ذلك أن التشريع من حيث هو تشريع هو حق للخالق فقط، ولا يحق للانسان أن يضع أي تشريع من عنده، والتشريع المقصود به معالجات أفعال الانسان، فالانسان فيه غرائز وحاجات عضوية، والغرائز هي غريزة البقاء وغريزة النوع وغريزة التدين، ولكل غريزة من هذه الغرائز الثلاث مظاهر، فغريزة البقاء من مظاهرها مثلا ، الخوف ، حب التملك ، حب السيطرة ، التجمع ...إلخ. وغريزة النوع من مظاهرها ، الأمومة ، الأبوة، الأخوة، الخؤولة ...إلخ وغريزة التدين من مظاهرها الابتهال إلى الله تعالى، والتصفيق للزعماء ، واحترام الأقوياء . وأما الحاجات العضوية فهي الجوع والعطش والاخراج. فالأحكام التي تنظم اشباعات الانسان لغرائزه وحاجاته العضوية هي المعالجات، وذلك كتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، وكتنظيم العلاقة بين الناس في موضوع المال كأحكام الشركة والاجارة ، ومنها علاقة الأجير بصاحب العمل، وكذلك تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فهذه وأمثالها إنما تؤخذ حصرا من الشرع الاسلامي ولا مجال للعقل أن يضع أية معالجة أو أن يرد أية معالجة جاء بها الاسلام، وإنما دوره هنا أي في موضوع المعالجات هو فهم المعالجة من النص الشرعي ليس غير.


والتشريع غير الوسائل والأساليب ، لأن الأحكام الشرعية هي كيفية دائمة للقيام بالعمل، فالاسلام حدد كيفية دائمة لكيفية اشباع الانسان لغرائزه وحاجاته العضوية، وهذه المعالجات تفهم من النصوص الشرعية ليس غير، أما الوسائل فهي الأدوات المادية التي تستعمل للقيام بالأعمال، وأما الأساليب فهي الكيفية غير الدائمة للقيام بالعمل. فمثلا الحكم الشرعي في كيفية تنصيب الخليفة أو رئيس الدولة هو البيعة أي مبايعته على كتاب الله وسنة رسوله بالرضا والاختيار، أما الوسائل والأساليب التي تتبع في انتخاب الخليفة فلنا أن نختار ما نشاء منها بشرط أن لا تتعارض الوسيلة أو الأسلوب مع نص شرعي. فالمعالجة أو الحكم الشرعي هو البيعة، وأما صناديق الاقتراع مثلا فتدخل في الوسائل، وأما أن يتم الانتخاب عن طريق ممثلي الأمة أو أن يتم بالأسلوب المباشر من الأمة فهذا أسلوب، والمهم أن يتحقق بالأسلوب الحصول على رضى أغلبية الأمة. ومثلا الحكم الشرعي هو أن الجهاد فرض وله أحكام بينها الشرع مثل قوله تعالى : { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء }، ، لكن الخطط الحربية تدخل في الوسائل والأساليب لا في الأحكام الشرعية ، فالعقل هو الذي يستنبط الخطط والأساليب اللازمة لخوض الجهاد. فمثلا السيف والخيل والمنجنيق وسائل، فهي ليست أحكاما شرعية يجب عدم مخالفتها بل يجب علينا أن نتخير من الوسائل ما يتحقق به ارهاب العدو، وأما الأسلوب فهو المخطط الذي يوضع للتمكن من الحاق الهزيمة بالأعداء، مثل كيفية الهجوم والدفاع والانسحاب...إلخ فهذه تخضع لما يتوصل إليه العقل. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما خرج للقاء المشركين في غزوة بدر ونزل عند أدنى ماء بدر قال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزله الله تعالى ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) قال يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فإني أعرف غزارة مائه بحيث لا ينزح فننزله ثم نغور ما عداه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فقد أشرت بالرأي ) . فهذا الحديث واضح فيه التمييز بين الأحكام الشرعية وبين الوسائل والأساليب، فلما أشكل الموضوع على الحباب رضي الله عنه بين له الرسول صلى الله عليه وسلم أن اختيار موقع النزول ليس حكما شرعيا يجب التقيد به وعدم مخالفته وإنما هو ( الرأي والحرب والمكيدة ) ولو كان حكما شرعيا لأنفذ الرسول صلى الله عليه وسلم رأيه هو في موقع النزول ولم ينزل عند رأي الحباب. والادارة تدخل أيضا في الوسائل والأساليب ، إذ هي أسلوب للقيام بالأعمال وليست هي معالجات لأفعال الانسان، ولذلك نجد أن سيدنا عمر رضي الله عنه قد أخذ بنظام الدواوين من الفرس، فلنا أن نأخذ من غيرنا من الوسائل والأساليب ما يلزمنا لكن بشرط أن لا تتعارض مع نص شرعي.

وعليه فالوسائل والأساليب غير أنظمة الحكم والاجتماع والاقتصاد والعقوبات، فهذه الأنظمة على سبيل المثال ليست اداريات ولا هي وسائل ، وإنما هي معالجات لأفعال الانسان، لذلك تؤخذ حصرا من الاسلام. على أن دليل الأسلوب هو دليل أصل الفعل فإذا كان الفعل جائزا فإن أسلوب القيام به لا يحتاج إلى دليل آخر يدل عليه، فلا يمنع الأخذ بالأساليب إلا إذا تعارضت مع نص شرعي. وأما الوسائل المادية فإن القاعدة الشرعية هي أن الأصل في الأشياء الاباحة ما لم يرد دليل التحريم، فالشيء غير الفعل ، والأصل فيه أي في الشيء أنه مباح إلا إذا ورد نص بتحريم هذا الشيء، وأما الفعل فالقاعدة الشرعية تقول : الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي، فكل فعل له حكم شرعي، ولا يوجد فعل من أفعال الانسان لا يوجد له حكم مستنبط من الدليل الشرعي، وهذا ما سنأتي على بيانه تفصيليا بإذن الله تعالى .


وأيضا يوجد فرق بين التشريع وبين العلوم والفنون والصناعات وما شاكلها. فالعلوم غير العقائد وغير التشريع، الأفكار او التشريع هي النظرة إلى الأشياء والأفعال للوصول إلى تعيين الاتجاه بالنسبة لها، أي لتحديد الموقف منها، وأما العلوم فهي النظرة إلى الأشياء نفسها لمعرفة كنهها. فمثلا العلم يبحث في كنه الخمرة ، ما هو التركيب الجزيئي للخمر ؟ لكن الفكر أو التشريع يحدد موقف الانسان من الخمر ، هل يشربه أم يحرم عليه شربه ؟ من هنا يتبين أن العلم عالمي بمعنى أنه لا يختص بأمة دون أمة ولا يتأثر بوجهة النظر في الحياة. لذلك يجوز للمسلمين أن يأخذوا العلوم من أية أمة من الأمم، والقيد الوحيد هو أن لا يتعارض ما يقوله العلم مع الاسلام .

والدليل على جواز أخذ العلوم والصناعات وما شابهها ما رواه مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر مثلكم، إذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من أمور دنياكم فإنما أنا بشر ). وما ورد في حديث تأبير النخل، من قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنتم أدرى بأمور دنياكم ) والحديث هو ما روي عن عائشة وأنس معا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون فقال لو لم تفعلوا يصلح ، قال فخرج شيصا ( أي بسرا رديئا ) فمر بهم فقال ما لنخلكم ؟ قالوا قلت كذا وكذا قال ( أنتم أدرى بأمور دنياكم ).

وعليه فهذه النصوص كلها دليل على أن ماكان من غير العقائد والأحكام الشرعية يجوز لنا أخذه إذا لم يخالف الاسلام، وأما ما كان من الشريعة أي من العقائد والاحكام، فلا يصح أن تؤخذ إلا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس غير. وهذا هو موضوع المشاركة القادمة بإذن الله تعالى.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله