عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 13-12-2004, 03:51 AM
عباس رحيم عباس رحيم غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: المملكة العربية السعودية - ينبع الصناعية ص ب : 30449
المشاركات: 113
إفتراضي

الجزء الثاني

أما بالنسبة لاستنكاره طريقة أن يقوم شخص بإنزال مقاطع معينة من شريط والرد عليه وقوله أن هذه الطريقة ليست أسلوبنا ويشير في كلامه أن هذه الطريقة هي طريقة اليهود الذين يظهرون بعض الكتاب ويخفون بعض !! فالجواب :

ما هو المستنكر في هذه الطريقة ؟!

وما هو الفرق بين أخذ مقاطع من شريط ما والرد على ما تحتويه تلك المقاطع وبين نقل كلام لأحد الأشخاص من أحد كتبه والرد عليه ؟!

وما هو موقف الجفري من الشريط الذي سجله أحد الصوفية في مدينة البيضاء اليمنية والذي رد فيه على شريط أحمد القطان حول المولد ؟

وكذلك ما هو موقفه من الشريط الذي قام أحد أتباع محمد بن علوي المالكي بتسجيله في الرد على شريط سفر الحوالي الذي كان بعنوان " الرد على شركيات المالكي " ونقل بعض كلام سفر الحوالي ورد عليه . وهل كانا على طريقة اليهود أيضا ؟!

وهل يلزم من أراد أن يرد على بعض أخطاء كتاب معين أن ينشر الكتاب كاملاً ثم يكتب رده عليه ؟! إن قال: نعم ، فنسأله ما هو موقفه من كتب الردود التي كتبها أهل العلم منذ القديم إلى وقتنا هذا ؟!! وإن قال : لا ، سألناه : ما هو الفرق بين الرد على الخطأ الموجود في الكتاب أو في الشريط ؟!

أما بالنسبة لمطالبته بأن ينشر الشريط كاملاً حتى يزول الإشكال ! فالجواب:

ماذا يقصد الجفري بقوله ( حتى يزول الإشكال ) ؟!

هل نسبت إليه شيء لم يقله ؟!

أو هل يفهم من مقالي شيء حول الجفري لا يقول به ؟

أنا وضعت بعض المقاطع التي تبين عقيدة الرجل وهو قد أعترف بهذه العقيدة في جوابه على السؤال الذي طرح عليه عبر قناة الإمارات حول الموضوع.

فما هو الإشكال الذي يريده الجفري أن يزول ؟!

بالنسبة لكلامه حول تصرف الأولياء في الكون واستدلاله على إمكانية ذلك بأن الله قد أعطى الدجال التصرف في بعض الأمور وهو كافر فكيف بالولي الصالح ؟! الجواب:

أولاً: الجفري لا يثبت العقيدة إلا بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة ولهذا لا يحتج بحديث الآحاد في العقيدة وإن جاء في صحيح البخاري أو صحيح مسلم !

ومسألة إذن الله للأنبياء وللأولياء بالتصرف في الكون من مسائل الغيب فهي من مسائل العقيدة فما هو الدليل القطعي الثبوت والقطعي الدلالة عند الجفري على هذه المسألة ؟!

لقد استدل الجفري بالقياس !!

فكيف يرفض الاحتجاج في مسائل العقيدة بحديث الآحاد وإن جاء في صحيح البخاري أو صحيح مسلم ثم يقيس هنا ؟!

والقياس مرتبه تأتي بعد مرتبة الاستدلال بالقرآن والسنة والإجماع في الاحتجاج!

ثم إن المسلم مهما كان فاجراً ظالماً أو كان صاحب بدع يعتبر خير من الدجال لأن الدجال كافر فهل يقول الجفري بأن الفاجر الظالم أو المبتدع ممكن أن يتصرف في الكون أيضاً ؟!

ثانياً: لقد ذكرت في مقالي " الكشف الجلي " بعض الأدلة التي فيها رد على من يقول بأن هناك أنبياء أو أولياء يتصرفون في الكون وأعيد ذكرها هنا من باب الفائدة :

( إن في سيرة وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يصدع بالحق ويهتك رداء الشك في هذا الأمر: فلما اشتدت إذية المشركين للمسلمين بمكة واستفحل شرهم وتطاولهم حتى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع صوته ثم دعا عليهم: " اللهم عليك بقريش ... اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعقبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف، وعقبة ابن أبي معيط " رواه البخاري ومسلم. فترى أنه بعد أن ضاقت السبل، واستغلقت الأبواب، وانقطع الرجاء في هداية هؤلاء القوم لم يبق إلا التفكير في استئصال شأفتهم، ولما لم يكن هناك سبيل إلى ذلك إلا سبيل الابتهال إلى المولى عز وجل فقد توجه عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء الذي لم تتحقق استجابته إلا بعد حين وتحديداً يوم بدر، إذ يقول ابن مسعود راوي الحديث: ( فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر ) .

ولا يخفى على عاقل أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو كان يتصرف في الكون لاكتفى بقوله لهم: موتوا فيموتون.

وفي يوم بدر ذاته عندما واجه المسلمين خطب مدلهم وخطر جسيم عندما قابلهم جيش قريش ورأوا تفوقه عدداً وعُدداً لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن استقبل القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " . فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه. فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه. وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) ( الأنفال : 9 ) . رواه مسلم.

هذا نص آخر صريح في أنه عليه الصلاة والسلام كان أمره غاية في العبودية والخضوع والتذلل لربه عز وجل، ولم يكن من شأنه أن يخرج عن ذلك بحال من الأحوال. بل ثبت بالدليل أن الله سبحانه لم يكن يحقق كل ما يدعوه به عليه الصلاة والسلام.

عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " سألت ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " رواه مسلم ) انتهى نقلاً من " تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي " للشيخ محمد أحمد لوح حفظه الله (1/137- 139) .

وهناك أدلة أخرى كثيرة تدل على هذا الأمر منها :

قوله تعالى : ( وقالوا لن نؤمن بك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل عليناً كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً ) ( الإسراء:90- 93 ) .

وقال تعالى عن نوح عليه السلام: ( ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ) ( هود:31 ) . وعن طلحة بن خراش قال: سمعت جابراً يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: " يا جابر مالي أراك منكسراً " ؟ فقلت: يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً. فقال: " أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: " ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك وكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي تمن علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه سبق مني ( أنهم إليها لا يرجعون ) " رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي عاصم، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي . وحسنه أيضاً الألباني في " ظلال الجنة " . فهذا صحابي جليل رضي الله عنه تمن على الله أن يحييه فيقاتل في سبيله فيقتل فيه ثانية فقال له الرب عز وجل : إنه سبق مني ( أنهم إليها لا يرجعون ) فهذا يدل على أن هذا الصحابي الجليل لم يكن يتصرف في الكون لا بروحه وجسده ولا بروحه دون جسده ، لأنه لو كان الله صرفه في الكون لم يتمنى هذا الأمر ولكان عنده الإذن مسبقاً في التصرف في الكون !! فهل يقول الجفري بأن هذا الصحابي كان ممن يتصرف في الكون ؟!

وكذلك الأمر بالنسبة للشهداء فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن هذه الآية: ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ( آل عمران: 169) . فقال صلى الله عليه وسلم : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " أخرجه مسلم.

والاستدلال بهذا الحديث كالاستدلال بالحديث الذي قبله.

رد بعض الشبه حول هذا الموضوع : قد يستدل البعض على هذه العقيدة بمعجزات المسيح عليه السلام.

وقد رد الشيخ محمد أحمد لوح حفظه الله على هذه الشبهة في كتابه " تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (1/157) حيث قال:

( هذا الاستدلال باطل لأن إحياء الموتى - بإذن الله – من خصوصيات المسيح، وليس لغيره من البشر لا من الأنبياء ولا غيرهم، ومما يؤيد هذه الخصوصية دعاء إبراهيم عليه السلام: ( رب أرني كيف تحيي الموتى ) ( البقرة:260 ) .

فإنه عليه السلام لو كان من شأنه إحياء الموتى لما دعا بمثل هذا الدعاء، وإذا انتفى كون إحياء الموتى من معجزات نبي آخر غير المسيح قوي انتفاؤه عمن دون الأنبياء من الأولياء والصالحين ) اهـ.

وقد يستدل البعض أيضاً بقول الله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين ) (المؤمنون: 14) .

والجواب : ( أننا نثبت للمخلوق خلقاً، لكنه ليس كخلق الله تعالى. فخلق الله جل ‏وعلا إيجاد من العدم.‏ وخلق المخلوق لا يكون إلا بالتغيير والتحويل والتصرف في شيء خلقه الله تعالى .‏

‏ومن ذلك ما جاء في " الصحيحين " أنه يقال للمصورين يوم القيامة: " أحيوا ما خلقتم " . ومعلوم ‏أن المصور لم يوجد شيئاً من العدم إنما حول الطين، أو الحجر إلى صورة إنسان أو طير – بدون روح -، ‏وحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى ملونة، والطين والحجر والمواد والورق كلهم من خلق الله ‏تعالى ) انتهى نقلاً من موقع الشبكة الإسلامية على شبكة المعلومات العالمية. ‏

ثالثاً: أما بالنسبة لمن احتج على إمكانية أن يغيث النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من يستغيث بهم أو يتصرفون في الكون بالقدرة الإلهية ، فأقول له ليس الخلاف حول شمولية القدرة الإلهية ولا حول إمكانية ذلك للقدرة الشاملة، بل النزاع حول وقوعها .

فهل ثبت هذا لمن تدعونهم ؟!

بالنسبة لكلامه حول مسألة الاستقلالية واعتقاد الصوفية في أولياءهم بأنهم يتصرفون في الكون بإذن الله : الجواب: لقد رد الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد حفظه الله في كتابه " القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد " على هذه الشبهة حيث قال :

( يالله العجب لا يكون صرف العبادة لغير الله شركاً حتى يعتقد العابد فيمن عبده أن له شيئاً من صفات الربوبية ، وأما من دعا غير الله أو استغاث بغير الله أو استعان بغير الله أو رجا غير الله أو خاف غير الله من قبر أو شجر أو حجر فإن ذلك لا يكون شركاً مالم يعتقد العابد فيها أن لها شيئاً من صفات الربوبية ، وعلى هذا فقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار " ينقصه هذا القيد وهو أن يعتقد في المدعو شيئاً من صفات الربوبية !!
__________________


abbasraheem200@msn.com