الموضوع: علماء ومخترعون
عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 14-07-2005, 05:27 PM
Ali4 Ali4 غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الوطن العربي - ومن القطر الفلسطيني تحديدا !
المشاركات: 2,299
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى Ali4
إفتراضي

جاليليو(1642-1564)




ولد جاليليو لأب موسيقي في قرية صغيرة قرب مدينة فلورنسا الشهيرة‏,‏ وأرسله والده إلي دير للرهبان‏,‏ فعرف عنه شغفه بالرياضيات وعلم الطبيعة ومنها علوم النجوم والأفلاك التي برع فيها خاصة بعد أن تمكن من تطوير التليسكوب الذي أتاح له استطلاع نجوم وكواكب لم يكن أحد قد اكتشفها من قبل‏,‏ ولكن معجزته الحقيقية كانت أنه أثبت علميا نظرية كوبرنيكس في كروية الأرض وهنا انفتحت عليه أبواب جهنم فلم يكن أحد علي استعداد للقبول بها نظرا للظن أنها مناقضة للكتاب المقدس‏,‏ ويبدو أن الصراع بين البروتستانتية والكاثوليكية جعل الكنيسة في روما حساسة للغاية أن تنبع من تحت يدها نظريات علمية تجعلها موضع مزيد من النقد والمراجعة في وقت كان فيه لوثر وكالفن قد نجحا في هز الأرض من تحت أقدام بابا روما والكنيسة الكاثوليكية كلها‏.‏
وبقدر ما كان هذا الصراع واقعا في خلفية الصورة‏,‏ فإن ما كان في مقدمتها بعيدا عن الحسابات الاستراتيجية والمناورات السياسية‏,‏ فقد كان العالم‏(‏ بكسر اللام‏)‏ في مواجهة السلطة‏,‏ العالم بما وصل إليه من أن هناك خطأ فيما اعتقده العامة والخاصة‏,‏ الجماهير والحكام‏,‏ الكهنة والرعايا‏,‏ من أن الأرض مسطحة ساكنة لا تتحرك ولا تدور‏,‏ بل علي العكس فإن الكون كله هو الذي يدور حولها‏,‏ كل ذلك كان خطأ‏,‏ والحقيقة التي لا مراء فيها أن الأرض تدور‏,‏ وتلف حول الشمس‏,‏ وأنها كيان صغير صغير في كون عامر بالأفلاك والأجرام والنجوم والكواكب‏,‏ كان جاليليو يفتح الكون كله أمام السلطات الدينية والمدنية‏,‏ ولكن هذه السلطات كلها كانت تأبي ذلك‏,‏ فقد كان الرجل خارجا علي المألوف‏,‏ والمتفق عليه‏,‏ وربما كان مشبوها وزنديقا وله في الهرطقة علي الناموس العام نصيب‏.‏
ويقول التاريخ إن جاليليو تمت مساءلته الأولي عام‏1616,‏ عندما كان عليه الحصول علي تصريح للقيام بأبحاثه حيث تمت مراجعة أعماله بشكل دقيق من جانب السلطات الدينية‏,‏ وبعدها تم التصريح بالفعل‏,‏ ولكن طلب منه عدم تعليم أو تدريس أو مناقشة نظرية كوبرنيكس أو هكذا قالت السلطات العامة‏,‏ فما حدث بعد ذلك في عام‏1633,‏ عندما تمت محاكمة الرجل أنه أنكر تلقيه لهذا التحذير‏,‏ ولكن بالرجوع إلي ملف القضية وجد هذا التحذير‏,‏ وهو ما حدا بالمؤرخين الذين نشروا نصه لأول مرة عام‏1877,‏ إلي القول أنه تم دسه علي أوراق القضية حتي يمكن إدانة العالم الكبير‏,‏ وهو ما حدث بالفعل عندما أدين في ذلك العام لأنه اعتقد في مذهب كوبرنيكس في كروية الأرض وعلمه للتلاميذ‏,‏ وهو الأمر الذي أنكره جاليليو في البداية محاولا أن يلتف حول القضية بالقول إنه ينكر ويلعن ويحتقر أخطاءه السابقة‏,‏ ولكن ذلك لم يكن كافيا فقد كانت المحكمة تطلب توبة كاملة‏,‏ وبعد التعذيب لواحد من أكبر علماء التاريخ البشري كان لها ما أرادت‏,‏ ومع ذلك فقد تم الحكم عليه بالسجن الذي خفف بعد ذلك إلي الاعتقال‏,‏ وهو ما تم خلال السنوات الباقية من حياته‏.‏
وطوال فترة التعذيب‏,‏ ومن بعده الاعتقال‏,‏ لم يتخل جاليليو عن الحقيقة‏,‏ وعن القول باسمها عبارته ولكنها تدور التي ذاعت بعد ذلك وباتت تستخدم في الأدب العالمي عندما تصطدم الحقيقة مع السلطة‏,‏ أو الاكتشافات الجديدة مع ما تعتقد به العامة والمؤسسات الدينية والرسمية‏,‏ وأذكر بعد ذلك أنني كنت أحضر مؤتمرا في إيطاليا في مدينة صغيرة حيث قام المضيفون الإيطاليون بأخذنا في جولة كان من ضمن بنودها زيارة المرصد‏,‏ وإذا بنا نجده محروسا بالحرس البابوي السويسري الشهير بزيه الملون‏,‏ وعندما سألنا لماذا الحال كذلك‏,‏ قيل لنا إن تلك كانت طريقة الكنيسة في الاعتذار عما فعلته للعالم جاليليو‏.‏
وهكذا حقق جاليليو انتصاره‏,‏ ولكن بعدما دفع الثمن غاليا‏,‏ وربما حققت الكنيسة أيضا انتصارها بعدما أدركت مدي الخطأ الذي وقعت فيه‏,‏ وكان اعتذارها بالطريقة التي تمت بها‏,‏ ولو أن البشرية عرفت الخطأ في أوله لربما وفرت علي نفسها الكثير‏,‏ ولربما تم التبكير بالمعرفة بأن الأرض كروية وأنها بالفعل تدور حول الشمس‏,‏ ومن المدهش أن عام وفاة جاليليو كان هو ذاته عام مولد نيوتن الذي حمل أبحاث الأخير إلي ذري أخري عالية‏,‏ وليحقق انتصارات أكبر لجاليليو لم يكن ربما ليحلم بها‏,‏ ولكن القضية تبقي علي حالها بين العالم من جانب والسلطة من جانب آخر‏,‏ وربما يسأل البعض لماذا نثيرها الآن‏,‏ والإجابة هي أنه لا يوجد سبب علي الإطلاق‏,‏ فمن المفيد دوما أن نتذكر ما قاله جاليليو إن الأرض تدور‏!
__________________


إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية - جمال عبد الناصر


* ما اخذ بالقوة لا بد ان يسترد بالقوة

*وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال ... اذا الاقدام كان لهم ركابا

Ali_Anabossi@hotmail.com


اضغط هنا
الرد مع إقتباس