عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 27-12-2001, 05:07 PM
madani madani غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2001
المشاركات: 42
إفتراضي تتمة ترجمة سيدي محمد بن الصديق

وقد شهد له علماء عصره بالتقدم في العلم والمعرفة وبقوة الحافظة . من ذلك أن العلامة الشيخ عباي بناني من أكابر علماء القرويين طلب منه بعض مريدي السيد بفاس أن يصدر فتوى تتعلق بنزاع في الزاوية فسألهم هل يراها السيد ؟ قالوا : نعم . قال : إذن أحتاط فيها لأن السيد في العلم مخيف .
وحضر إلى طنجة شيخ الجماعة بفاس مولاي عبد الله الفضيل وزار السيد في بيته ، وكان مشهوراً بعلم الأصول فأراد السيد أن يناقشه في هذا العلم على سبيل المؤانسة والمكارمة ، فقال له يا سيدي أنا عالم في الدرس وبالملزمة فإن خرجت عن ذلك فلا أستحضر شيئاً .
وكان الشيخ عبد الكريم الرافعي الجديدي من المحققين في علم الأصول ، وكان يقول : ليس في المغرب من يعرف علم الأصول ، مع أنه قد زار فاس وعرف علماءها ، والرباط وغيرها من بلاد المغرب ، حتى جاء إلى طنجة وزار السيد في بيته وتذاكرا في مسألة المناسب وتقسيمه إلى ضروري وحاجي وتحسيني ، فسمع من السيد ما بهره فلما خرج من عنده قال : هذا يعرف علم الأصول واعترف له .
ولما توفي السيد المترجَم له قال الشيخ أبو شهيب الدكالي في درسه بالرباط وهو من أكابر علماء المغرب : ( مات اليوم العالم الوحيد )
وكان ينوب أحياناً عن قاضي طنجة في خطبة الجمعة بالجامع الأعظم . وفي بعض الجمع التي ناب فيها عن القاضي ، بينما هو يريد أن يرقى المنبر ، جذبه من خلفه بعض الناس وقال له : ( اعرف من أنت ) ، وكان في المصلين عالمان كبيران لهما قدرهما ووزنهما في المغرب ، فارتجل خطبة واستمر يلقيها في فصاحة وطلاقة ، وطال الوقت بحيث لما سلم من صلاة الجمعة أذن المؤذن لصلاة العصر فاندهش الناس لقوة حافظته وسرعة بديهته .
ولما توفي انقلب المغرب رأساً على عقب وأباحت فرنسا الدخول لطنجة بدون جواز لحضور جنازته ، فجاء الناس من كل جانب ، وكانت جنازته عظيمة ما رؤي مثلها ، كان المشيعون من الكثرة بحيث وصل جثمانه إلى الجامع الأعظم وآخر المشيعين قرب بيته وبينهما مسافة شاسعة .
وكان لهيبة الجنازة وروعتها أن النصارى واليهود الذين رأوها بكوا بكاء شديداً ، حزناً على السيد صاحب الترجمة لأنه كان مشهوراً بخلقه الحسن ، وحلمه العظيم ، وكرمه الفائق .
حضر إليه مرة في بيته يهودي يشكو من أحد مريديه فاستقبله استقبالاً حسناً ، وطيب خاطره ، ووعده بإنهاء مهمته على ما يرام ، فلمل خرج اليهودي من عنده قال : لولا أخاف من غضب الحاخام لقلت هذا السيد هو موسى عليه السلام . وذلك لما رأى عليه من الجلالة والمهابة والخلق الكريم ، نفعنا الله ببركته .
هذا آخر ما يسر الله نقله من ترجمة السيد الإمام محمد بن الصديق الإدريسي الشاذلي رضي الله عنه . والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب الدرر النقية في أذكار وآداب الطريقة الصديقية ، نقلاً عن الكتب المؤلفة في مناقبه من قبل بعض مريديه :
العلامة الفقيه الشيخ العربي بو عياد
العلامة الفقيه العربي بن المبارك العبادي
الفقيه الشيخ العياشي سكيرج
الفقيه الشيخ محمد بن الأزرق
وجمع هذه الكتب كلها مع زيادة عليها ولده السيد أحمد في كتابين ، صغير اسمه ( التصور والتصديق ) وهو مطبوع ، وكبير اسمه ( سبحة العقيق ) وهو مخطوط .
__________________
اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم