عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 19-06-2004, 07:56 AM
الموريتاني الموريتاني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 18
إفتراضي نص الكاتب الجديد الذي صدر في موريتانيا حول التفجيرات(تكلمة الجزءالثالث 1)

الفصل الرابع في المخلص من هذه الفتنة :
اعلم يا من أداه تخالف الآراء، ونصح النصحاء، وظاهر أدلة فريقي العلماء، إلى التردد والحيرة ، أنه لو أمكنت إقامة الدولة الإسلامية تحت ظل الكفرة وبالأعين المخابرة ، لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج من أحب البلاد إليه وأعز الأمكنة مكة محل القبلة ومثوى البركة ، وما تأخر الكبش عن محل المعركة إلا ليقوي ظهره، ويشد أزره ، ويعد لعدوه عدته ، ويتأهب له أهبته ( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) .
ويغفر الله لإخواننا المسلمين حيث ألهتهم الغيرة على دولتهم ، والحمية لدينهم عن واقعهم الحسي ، وعن هذا الدليل القطعي ، فطالبوا رؤساء دولهم الإسلامية ، المنتخبين بالديمقراطية الغربية، بإقامة الدولة الإسلامية تحت ظل الكفرة وبالأعين المخابرة ، ـ فهيهات مناط النجم ـ فلما يئسوا من استجابة الرؤساء لمطلبهم قاموا بمحاولات عشوائية ، جنى منها المسلمون نتائج عكسية ، والمحاولون في غفلة عن كونهم مشاركين ، فيما أصاب المسلمين المأسورين من شد الوثاق وتضييق الخناق، فقد سوت الآية الكريمة بين اليد المتسببة واليد المباشرة في قوله تعالى (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ) وقال صلى الله عليه وسلم ( لعن الله من سب والديه فقالوا يا رسول الله كيف يسب الرجل والديه؟ فقال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) فانتبهوا يا إخواني لما يصدر عنكم من الأقوال والأفعال كي لا يكون سببا لما يقوم به الكافرون من عدوان على المسلمين فتعينوهم عليه وأنتم لا تشعرون واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون .
وأعلموا أن ما يقام به ـ اليوم ـ من العمليات والتفجيرات ليس من أسباب النصر العادية ، وذلك مخالف لهدي خير البرية ومقيم الملة لأنه لما أراد إقامة الدولة استفتح جميع الأبواب ، وتلقى وفود الحجاج ، ليجد مكانا تنطلق منه الدولة ، وتنشر فيه الدعوة ، وبه من القوة والعدة ما يوازي قوة العدو وعدته بحيث لو هوجم لها جم أو على الأقل دافع ولو حوصر لحاصر أو فك الحصار عن نفسه ، كما قال سعد بن عبادة لأمية بن خلف لما أراد صده عن البيت لو منعتنيه لمنعتك ما هو أشد عليك طريقك إلى الشام .
وذلك لأنه إذا تقاربت القوة بين الدولتين تعذر الحصار من الجهتين ، إذ لو حاولت إحداهما حصار الأخرى من جهة حاصرتها الأخرى من جهة أخرى ، وبهذا تعلم أن الحصار لا يمكن إحكامه من دولة على دولة، ولذا لم يمكن لأهل مكة أن يحكموا حصار أهل المدينة ، ولا لأهل المدينة أن يحكموا حصار أهل مكة ، ولكن يمكن للدولة أن تحكم حصار الشعب ، ولذا أمكن حصارهم وهم في الشِعب ، وبهذا تعلم أن كل شعب أمكن إحكام حصاره لا يسمى دولة شرعية ، وإنما هي دولة قانونية أو عادية والعبرة بالحقيقة الشرعية لا بالتسمية العادية والقانونية .
ولما أراد صلى الله عليه وسلم الهجرة اتخذ كافة الوسائل العادية من الزاد والراحلة واستيجار الدليل ، والخروج إلى عكس الوجهة باليل والاختفاء في الغار وكتم الأخبار وإرسال العيون على الكفار ، هذا مع علمه بالانتصار ومعية العزيز القهار مكور الليل على النهار .
ومن حكمة مباشرته صلى الله عليه وسلم للأسباب العادية أن يعلم خليفته بعده أن الأمور تؤتى من أبوابها ، وأن النتائج تنال عادة بأسبابها ، ليثبت الكسب ، ويحصل بالتعب الأجر ، فإذا استفرغت الأسباب ، وصدقت النية ، فتحت بالنصر الأبواب ، ( وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) ومن نصره أن يولف بين قلوب المؤمنين كما وقع لأهل المدينة فكان سبب الهجرة وقيام الدولة ونشر الدعوة وخضوع الجبابرة ، والأكاسرة ، ويخالف بين قلوب الكافرين ، كما هزم به الأحزاب وحده، فسبحان مقلب القلوب وإن أجرى الله نصره بالأسباب العادية على أيدي المؤمنين ، فقطعوا دابر الكافرين ، أطعم المباشرين بالغنيمة و وسمهم بالمغفرة وأمن العاقبة ،مثل أهل بدر ، قال صلى الله عليه وسلم (وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) وإن كان نصره بالرجفة والصيحة فلا كسب فيه ولا أجر وإنما هو نصر للرسل بإنجاز الوعد ، (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين )وذلك لأنه إن ما يجزى المكلف بعمله ، فله أجره بموافقة الشرع وعليه إثمه بمخالفته ، ومن عمله قتل الكفار فيؤجر عليه إن كان مطلوبا منه ، ويعاقب عليه إن كان منهيا عنه ، وذلك لأن قتل الكافر ليس هدفا من أهداف الدولة الإسلامية وإنما هدفها الوحيد غلبته حتى تكسر شوكته وتنتهي دولته فيدخل في الإسلام أو في الذمة بإعطاء الجزية ، فتكون كلمة الله هي العليا ، قال صلى الله عليه وسلم ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) ومفهوم الحديث أن من قاتل لا لتكون كلمة الله هي العليا فليس قتاله في سبيل الله وإنما هو في سبيل الحمية أو الشجاعة أو الغيرة ، وعلو كلمة الله يكون بغلبة ممثلها القائم بحقها ومنفذ حكمها رئيس حزبها ، الساهر على حراسة أمرها وبانعدامه ـ كحالنا اليوم ـ فلا وجود للدولة الإسلامية ولا نتيجة في قتل الكفرة .
وبهذا تعلم أن محاولة هذه الجماعة ليست من الأسباب العادية وذلك مخالف لسنة الله في البرية ، ولهدي مقيم الملة ، وما حملهم على ذلك ـ في ظني ـ إلا الغيرة على الدين، والحمية لدولة المسلمين ، والله أرجوا أن يغفر لهم بحسن نيتهم ، ويهديهم لسنة نبيهم ، فإنهم ـ وإن حسنت منهم النية ـ فقد أخطئوا في العملية ، ولا عار يلحقهم لعدم العصمة ، أخطئوا في كيفيتها ، وفي وقتها ، وفي تسميتها ، حيث سموا ما يقام به من العمليات جهادا والموت فيه استشهادا ،
فكان ما كان مما لست أذكره فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر

ويا عجبا لبعض علماء الدين، من جهله بواقع المسلمين، من كونهم أسرى في أيدي الكافرين ، يغري جهلتهم بأنهم مفرطون ، وبخطاب الإمام مخاطبون ، وبتنفيذ مأموراته مطالبون ، فيوقعهم في فتنة ، ويعرضهم ـ وهم عزل ـ لأقوى سلطة فما للأسير ومأمورات الأمير ، ؟ فما للأسير ومأمورات الأمير ؟ فما للأسير ومأمورات الأمير ؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وذلك لأن الأسير فكره منحصر فيما يحل به أسره ، وغير ذلك يضيق عنه صدره ، ولا يبلغه وسعه .
ويا أسفى لما وصلنا إليه من استعمار الأفكار حتى صار علماؤنا يبحثون في الأوراق الديمقراطية عن ورقة تأتي بالدولة الإسلامية ، فقد أعوز الصوف من جز كلبا ، وأنى للدولة الإسلامية أن توجد في أوراق الديمقراطية ؟ فإنما هي أوراق تأتي بلون من ألوان الديمقراطية وتذهب بلون ، وترفع منها حزبا وتضع آخر فما للألوان الديمقراطية و الدولة الإسلامية ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، ولا يرشح الإناء إلا بما فيه .
فإن قيل فما هو واجب المسلم في هذه الفتنة ؟
قلت واجب المسلمين في كل أزمة واجهتهم، وكل فتنة أصابتهم ، التأسي بالصحابة فذلك هو مخلصهم ونجاتهم وفلاحهم ، وقد مر الصحابة بمرحلتين : مرحلة قبل قيام الدولة ، ومرحلة بعدها ، وأقرب المرحلتين لحالنا اليوم المرحلة التي قبل الهجرة لانعدام الدولة فيها ، وبغية الصحابة في تلك المرحلة ومنيتهم منحصرة في السلامة من المضايقة في العبادة الفردية ، ولهذه البغية وقعت الهجرة الأولى هجرة الحبشة ، وربما تمنى بعضهم القتال فقيل لهم (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) .
وبهذا تعلم أن واجبنا ـ اليوم ـ نحن المسلمين رئيسنا ومرؤوسنا كف الأيدي و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة من كل عبادة فردية لا تحتاج إلى قيام الدولة، حتى نجد جماعة متماسكة يدا واحدة تحت إمام يقيم لها الصلاة ويرعى منهجها المنزل وكتابها المفصل يكون حامل الراية وممثل الدولة لتعلو كلمة الله بغلبته ونصره، وتكون هذه الجماعة و هذا الإمام في مكان مستقل ، وبه قوة تحصل بها المقاومة العسكرية ، وتفك بها المحاصرة الاقتصادية، فننضم إليه تحت السمع والطاعة ، فإن لم نجد فلنعض بأصل الشجرة ونعتزل كل الجماعات ونفارق كل الفرق حتى يدركنا الموت ونحن على ذلك، كما جاء معناه في حديث الدخن الذي رواه حذيفة وأخرجه البخاري في كتاب الفتن .
فإن قيل آية كف الأيدي منسوخ حكمها بآية الإذن في القتال فلا وجه فيها للاستدلال.
قلت: المنسوخ من حكمها ما توجه إلى الإمام لا ما توجه إلى الأفراد ، إذن فحكمها منسوخ في حق الأمير محكم في حق الأفراد وهذا هو وجه الدليل فيها وإذا علمتم أن واجبكم في هذه الحال كف الأيدي والاعتزال فامتثلوه وعضوا عليه بالنواجذ حتى يأتي الله بالإمام ويجب القتال وتتغير هذه الحال ، ولا يعجلنكم عن واجبكم حمية لدولة ولا بغض جماعة ولا تحمس وشجاعة فتعتدوا والله لا يحب المعتدين وكيف العجلة عن هذا الواجب وقد قال تعالى : ( ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) والبر والتقوى وضع الشيء في محله ورفعه عن غير موضعه ، وخلافه إثم مضر ، ومن حكم الشعر.
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى

ومعرفة هذا الواجب والوقوف عنده هو المخلص من هذه الفتنة التي وقعت بسبب خطأ هذا الفريق من دعاة الجهاد ، وسبب خطئهم حمل آيات الجهاد على الأفراد وهي متجهة إلى الدولة الإسلامية وامتثالها لا يصح إلا من ممثل الدولة ، بتعيين المتأهل المباشرته وتعيين من يخلفه في مهنته ، قال تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) .
أما الفرقة التي سارت مع السلطة بالتبريرات والتاويلات فقد جمعت بين حقيقة الدولة القانونية والدولة الإسلامية ، ولا بد لمعرفة خطأ هذه الفرقة من التعرض لهاتين الحقيقتين كي نعرف لكل منهما حقها ونعطيها مستحقها ولا تختلط علينا الأوراق وتقلب الحقائق فنسير مع الاسم ونترك المسمى .
فأقول إن حقيقة دولة القانون : هي سيطرة سلطة على قطعة من الأرض معينة بحدود دولية لا تزيد عليها إلا إذا ظلمت ولا تنقص عنها إلا إذا ظلمت ، وترعى مصالح سكانها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ، بقانون قد يكون مستوحى من الشريعة الإسلامية أو من القوانين الوضعية أو مزيجا منهما ، وتؤخذ من هذا القانون صلاحية الرئيس وحق المواطن ، ويتولى الرئيس حماية هذا القانون ويتكلم باسمه ويمثل شخصيته ويرفع رايته ويحمي حوزته ، فإن استقام فعلى هذا القانون استقام ، وإن انحرف فعنه انحرف ، وانحرافه لا يغير حقيقته ولا يسلبه صفته ، ورسالة هذه الدولة القانونية توفير الأمن واحترام القوانين الدولية وتسيير الاقتصاد وتوطيد المصادقة ، وتنمية العلاقة ، وحسن المجاورة ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحيلولة دون الفوضى بوجود المشتكى .