عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-02-2006, 05:15 AM
جيل الغضب جيل الغضب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
الإقامة: أرض الإسلام
المشاركات: 148
إفتراضي

وهكذا استطاع عمر المختار استفزاز القبائل وقاد المجاهدين بصفته شيخاً لزاوية القصور الدينية وقائدا لدور جردس واستطاع أن يقود ويخطط للهجوم على الإيطاليين داخل مدينة بنغازي واشترك مع المجاهدين يوم معركة السلاوي ضمن محاولات المجاهدين لإيقاف الإنزال الإيطالي بالمدينة كما ساعد في عمليات تجميع المجاهدين وإعداد المتطوعين لمقاومة جحافل الغزو واستمر كذلك حتى باشر أدريس السنوسي فتح باب المفاوضات مع الطليان والإنجليز ويقول غراتسياني: "... إن إدريس منذ أن تولى زعامة الحركة السنوسية حاول سياسة التقرب والتفاهم مع الإيطاليين... ". وفعلا حدثت عدة مفاوضات بينه وبين الإيطاليين في الزويتينه 1916 وعكرمة 1917 ومن نتائجها أن تخلص إدريس من عمه، أحمد الشريف ونفاه إلى تركيا سنة 1918م(19). كما أن هذا الاتفاق مكن إيطاليا من تقليل جنودها المحليين أثناء الحرب العالمية الأولى وبالتالي ضغط المصروفات مما مكنها من العودة للحرب وهي أكثر قوة واستعداداً لملاقاة المجاهدين. ولم يكن عمر المختار إلا معارضا لتلك المفاوضات وبدأ يشن الحملات الدعائية ضد المستعمرين رغم تعرضه لإجراءات تحديد الإقامة من قبل ادريس السنوسي عندما أمره بالبقاء بعيدا بجالو حتى لا يعكر صفو المفاوضات. كما اهتم عمر المختار في تلك الفترة الحرجة من تاريخ بلاده بقضية توحيد جبهات القتال بين المجاهدين في طرابلس وبرقة ضد العدو المشترك ويقول غراتسياني: "... في شهر يونيه 1922م قام بدعاية واسعة في عدة مناطق بالجبل الأخضر بخصوص وحدة ليبيا وحصل على توقيعات أكثر مشائخ القبائل وأعيان ووجهاء المدن والقرى على مضبطة لعرضها على زعماء طرابلس ومشائخها من أجل وحدة البلاد وتوحيد الصفوف لمحاربة إيطاليا والعمل سوياً، ثم طرد جيوشها من أجل وحدة البلاد وتوحيد الصفوف لمحاربة إيطالية والعمل سوياً، ثم طرد جيوشها من ليبيا...". واستمر عمر المختار في توحيد الجهود الوطنية إلى أن قرر إدريس السنوسي مغادرة البلاد بحجة العلاج بمصر وفي الحقيقة بعد ذلك هروباً من الساحة التي شهدت من تلك الفترة التصعيد الفاشيستي للموقف بينما القوة الوطنية على ابواب إعلان وحدة الجهاد الوطني ضد العدو ترك إدريس أمور البلاد تلعب بها العواصف. وأمام مصير مجهول وأصبح المجاهدون يبحثون عن شخصية وطنية قوية ذات مراس شديد تستطيع أن تضمّد الجروح وتعيد ترميم البناء المنهار، فوقع اختيارهم على عمر المختار الذي حنكته الايام والسنون اثناء حروبه ضد الفرنسيين في كورو وكلك وبركو. إن سفرياته المتعددة داخل الوطن وخارجه أكسبته خبرة بمسالك الصحراء وبالطرق التي كان يجتازها من برقة إلى مصر والسودان في الخارج وإلى الجغبوب والكفرة وجالوا وأوجلة في الداخل، هذا بالإضافة إلى العلاقات والصلات الحميدة وأواصر المحبة والصداقة التي كان يحرص على إنشائها مع الكثيرين من مشائخ القبائل والزوايا ورجال العلم مكنت تلك الظروف عمر المختار من أن يكون ملماً بشؤون البيئة الوسط الذي يعيش فيه واستثمر عمر المختار تلك الخبرة فيما بعد لدفع حركة الجهاد إلى الأمام واكسبها الصمود والاستمرارية حيث عرف كيف يستفيد مما ينقد في قلوب حمية المجاهدين من حمية وكيف يفجر ما لديهم من الطاقة المخزنة على النضال والكفاح. فبدأ بالتعبئة الوطنية الشاملة وعقد الاجتماعات المطولة مع مشائخ القبائل وتدارس معهم أمور البلاد والمقاومة وكيفية التصدّي للهجمة الفاشيستية الشرسة. وأثار تخلّي القيادة السنوسية عنهم فاستقر رأيهم على ضرورة مواصلة القتال واعتمدوا استراتيجية حرب العصابات "اضرب واهرب" واتخذوا من الجبل الأخضر مركزاً لقيادة المقاومة المؤلفة من رؤساء القبائل وقادة حركة الجهاد. وهكذا أصبح عمر المختار على رأس الحركة الوطنية ورئيساً لمعسكرات المجاهدين بالجبل الأخضر يساعده مجلس استشاري مهمته أنه في حالة انعقاد دائم لمواجهة الطواريء والاسهام في حل المشاكل التي قد تحدق بالأوار. وفعلاً تحملت قيادة المجاهدين الجديدة عبء التمويل والتسليح والتجنيد فالتزمت كل قبيلة بتطبيق هذا المبدأ ووفرت السلاح والمؤن والمتطوعين من افرادها والذين بلغوا خلال سنتي (1924 – 1925) حوال ثلاثة آلاف متطوع وفي رأيي هذا ما يميز حركة الجهاد من غيرها من الحركات الأخرى حيث أن المجاهدين كانوا يعتمدون على أنفسهم في توفير سلاحهم ووسائل ركوبهم وتموينهم. فمن الحق أن نسمي ذلك جهاداً في سبيل الله والوطن كما يرجع الفضل في وضع تلك الأسس إلى عمر المختار الذي يعد هو محي ومرتب الثورة ضد الطليان عقب سقوط حكومة اجدابيا. وقد خاض عمر المختار أولى معارك عودة الكفاح الوطني عند بئر الغبي في 5 رمضان 1331 و.ر الموافق 10 أبريل 1924/ 1925، حيث تصدّى هو ومجموعته إلى قافلة من السيارات الإيطالية وانتصروا عليها ودمروا ثلاث مدرعات منها، وتعدّ معركة بئر الغبي ذات طابع خاص في حركة الجهاد الليبي ونقطة البداية لثورة عمر المختار وأول معارك الجهاد بعد سقوط كومة اجدابيا ومن نتائجها أنها كانت الحافز لجميع أبناء القبائل الذين هبّوا للانضمام إلى الادوار عند سماعهم نبأ الانتصار وكانت فاتحة خير حيث بدأ عمر المختار يفتتح أدوار جديدة كما أعاد تنظيم الأدوار السابقة التي كان قدتصدع نظامها على يد ادريس السنوسي. وهكذا أعاد عمر المختار بناء الأدوار وأعاد تنظيم قوة كان العنصر الرئيسي فيها مستمداً من تلك الأدوار التي استولى عليها الطليان عقب هجومهم الغادر على معسكرات المجاهدين في ديسمبر 1922م والتفت تلك القوة حول عمر المختار تشد من ازره بخطط ويعد لشن الغارات المتلاحقة على مراكز وتجمعات العدو حتى أن السفاح غراتسياني اعترف بنفسه أن عمر المختار قد خاض ضده مائتين وثلاثة وستين معركة [263](26) في مدة لا تتجاوز عشرين شهراً، هذا عدا ما خاضه عمر المختار من معارك خلال عشرين سنة قبلها كان السيد عمر المختار يحمل فيها علم الجهاد لنجد أن عدد المعارك قارب ألفا ضحىّ خلالها الشعب الليبي بنصف عدده ليكون من حق النصف الآخر أن يعتزّ بما بذلك في سبيل حريته وكرامته الانسانية كما أننا نعتبر عمر المختار مبدع حرب العصابات "الحرب الخاطفة" التيعرفت أخيرا في فيتنام وغيرها على أنها أنجح طرق المقاومة غير المتكافئة حيث الجيوش الإيطالية الجرارة والأعداد الهائلة من المعدات والاسلحة الأوتوماتيكية والمدافع والقنابل كما استخدمت الطائرات الحربية لأول مرة في تاريخ الحروب ضد بضعة من المؤمنين بحقهم في الحياة الكريمة على أرضهم يحملون أعتق أنواع الاسلحة اليدوية مكبّدين بها العدو افدح الخسائر لاعتمادهم فقط على عنصر المباغتة والكر والفر وأن يتفادوا حرب المواجهة مع عدو يفوقهم عددا وعدة مما جعلهم يقضون مضاجعهم ويعوقون تقدّمه كما اعترف غراتسياني نفسه [بأن عمر المختار صاحب فكر ثاقب وعقلية راجحة].

يتبع
__________________

(( يقول المجاهد الشهيد عمر المختار : لئن كسر المدفع سيفي فلن يكسر الباطل حقي )) .

الغضب الساطع أت و أنا كلي إيمان